نداء المرجعية الاخير هل تتحول الكعكة الى خدمة

عدنان جواد
adnan7020@yahoo.com

2018 / 7 / 30

نداء المرجعية الأخير وهل تتحول الكعكة إلى خدمة
تحولت السلطة في العراق من دكتاتورية ، حاكم متسلط بيده كل شيء ، الجميع يعيش الرعب تحت سلطته لان العقوبة أنية وسريعة، إلى فوضى بدواعي الديمقراطية والحرية، فبعد 2003 تحول إلى نظام ديمقراطي ولكن تم تأسيسه على أسس مكوناتية لعبت المحاصصة دورا كبيرا في تشكيل الحكومات فيه، ففهم المسؤول ان السلطة منافع وامتيازات وجاه ، على عكس النظم الديمقراطية التي تعتبر المسؤولية لخدمة الناس وليس لسرقتهم، لكن هذا الأمر متوارث عندنا، فالأحزاب في العراق ومنذ تأسيسها تأخذ من المنتمي إليها ولا تعطيه، تسميها اشتراكات شهرية، وهي بدل من أن تعلم المنتمي إليها الأخلاق الحميدة المبنية على الأهداف النبيلة والشعارات الواقعية التي تطرح من العدل والمساواة والحرية، تجعل منهم أدوات تطيع وتنفذ، وتعلمهم ممارسة التلون والتكبر وكيفية استغلال السلطة .
الجميع يعرف موقع المرجعية معنوي إرشادي تبدي النصح للمتصدي للمسؤولية والناس ، وسبق وان استأنست برأيها الأمم المتحدة في زمن سيرجو دملو لأنها لاتحاور الولايات المتحدة الأمريكية باعتبارها دولة محتلة، وكان لها الكثير من المواقف المشرفة والحكيمة التي حفظت فيها العراق من الانزلاق إلى هاويات لا يمكن الخروج منها، وبعد المظاهرات الأخيرة التي هب شباب لم يروا الخوف في الزمن السابق، وهم يلمسوا التقصير الواضح من الحكومات في توفير ابسط مقومات الحياة، الماء والكهرباء ، إضافة للبطالة وهم يسمعون الكلام عن العراق الغني والثروات الهائلة، والمليارات المسروقة ومن يسرقها يتحول من مجرد موظف صغير لاياكل اللحم سوى مرة أو مرتين في الشهر ، إلى مقيم للولائم التي يقدم فيها الحيوان كاملا "مفلطح"، ومن مستأجر إلى صاحب عقارات في العراق ولبنان ودبي وربما في المدن الغربية، وهو ليس أكثر منهم علما ولا منطقا فقط لأنه عرف من اين تؤكل الكتف، فارتمى في أحضان احد الأحزاب النافذة في السلطة، وأصبح يد الحزب التي تسرق الأموال من الدولة، بعد أن يتم تقاسم الكعكة في تشكيل الحكومة هذا إلي وذاك إلك، فوصل الأمر إلى انهيار في الأخلاق وتغلغل الفساد الى جميع مفاصل الدولة ، والأحزاب نفسها تتكلم عن الفساد ولكن لايوجد في قفص الاتهام فاسد واحد منهم.
وجهت المرجعية نداء أخير لعل يسمع المنادى الصوت قبل فوات الأوان وبعد ان طفح الكيل، فالسخط الشعبي وصل مرحلة خطيرة ، بعد أن وصفت الناس الطبقة الحاكمة بأنها سارقة وكاذبة سرقت قوت ومستقبل أطفالهم، ولايمكن الوثوق بوعودها، بان تسارع الطبقة السياسية بتشكيل الحكومة وتلبية مطالب المتظاهرين، وان تشرع بمعاقبة الفاسدين كبارهم وصغارهم، وان يشرع البرلمان قوانين تلغي القديمة التي منحتهم امتيازات ، فيصبح صاحب المنصب خادم وليس متسلط يسرق أموال الشعب لحسابه الخاص وبطرق قانونية، ورغم كل هذه المطالبات لازالت القوى السياسية بنفس المنطق القديم يناقشون وضع الكعكة، وكأنهم لايعون ما يحدث حولهم، وان قوة السلاح والعسكر تحل الأمور ونسوا الطغاة ماذا فعلت بهم الشعوب الجائعة رغم قوتهم وبطشهم، وان الجميع يشترك في الحكومة ، فيحصلون على وزير أو وكيل وزير أو مدير عام أو مستشار في اللجنة الاقتصادية، يسرق لهم أموالا من الدولة وتستمر السفينة في الإبحار وهم من يوجه أشرعتها، ولكن بعد النداء الأخير للمرجعية سوف تغرق السفينة بما فيها ويخسرون كل ما بنوه طيلة السنوات الماضية .
فينبغي على الكتل السياسية التي تدعي إنها تخدم الشعب والتي تريد البقاء في السلطة للجولات القادمة، وتكسب احترام الشعب العراقي ورضاه ، أن تسلك طريق المعارضة وترمي كل ثقلها في السلطة التشريعية ، تراقب عمل السلطة التنفيذية وتسجل الانحرافات والخروقات في عملها، وعلى الطبقة السياسية الحالية إصلاح النظام السياسي الذي تدير فيه السلطة من خلال:
1ـ إلغاء المحاصصة ، فهي أس المشكلة وعن طريقها يسهل التخلي عن مسؤولية التقصير والخلل، وهي سبب الفساد الإداري والمالي وسوء الإدارة، وتشريع قوانين انتقائية تمنح امتيازات كبيرة لطبقة الحاكمين وتحرم أغلبية الشعب والتي خلقت طبقة منتفعة على حساب طابور كبير من الفقراء والأرامل والأيتام.
2ـ فتح الحسابات الختامية وهذه إذا تمت سوف تطيح برؤوس كبيرة ، فطيلة السنوات السابقة تترك الحسابات الختامية من دون تدقيق ومعرفة مصير الأموال المصروفة.
3ـ ان يكون رئيس وزراء قوي وشجاع يستطيع الزج بالفاسدين من الكبار بدون مجاملة، ووزراء متخصصين هو يختارهم ، ولا ترشحهم الكتل كما كان سابقا وحين فشلهم تتنصل عن مسؤوليتها، حتى يتحمل مسؤولية فشلهم، وان نجح يمكن أن يكون الرئيس القادم.
4ـ منع المتهمين بالفساد او من تولى منصب سابق من تولي مسؤولية جديدة، وهذا طريق لإنقاذ الوضع السياسي والخدمي في العراق والأخذ بنداء المرجعية الأخير وان لاتصبح السلطة مغنما وإنما خدمة لايحصل المسؤول فيها فقط الراتب الذي يتقاضاه والذي هو مقارب لأي موظف في الدولة وعندها تتحقق المساواة والعدالة وتطبق القوانين على الجميع.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن