هل تم القضاء على الثورة السورية؟

محيي الدين محروس

2018 / 7 / 30

بدايةً لا بد من الاعتراف بأن النظام حقق انتصارات كبيرة على „ الثورة المضادة „ الإسلاموية المسلحة التي كان مُشاركاً في صنعها: مثل الإفراج عن قادتها من سجونه، والرمي بالسلاح لها… إلخ.
للإجابة على التساؤل: ما هي مصلحة النظام في ذلك؟ الجواب: لتحقيق هدفين رئيسيين:
الهدف الأول: لتأكيد مقولته منذ انطلاقة الثورة السورية: „ بأنه لا توجد ثورة في سوريا, وإنما عصابات مسلحة“. ونشر ذلك في إعلامه، عندما كانت الثورة سلمية لعدة شهور عند انطلاقتها. حيث كانت خشية النظام من وصول ثورات الربيع العربي إلى دمشق. فعمل كل ما بوسعه، لحرف الثورة السياسية السلمية ضده، إلى معارك مسلحة دينية سنة وشيعة. وهنا لابد من الاعتراف، بأنه حقق الكثير من الانتصارات على المستوى الداخلي، حيث استطاع جر الكثير من البسطاء لهذه الحرب من سنةٍ وشيعة! كما قام باستقبال „ الشيعة المسلحة „ حزب الله ومن مختلف البلدان، وبالمقابل قام الإخوان وغيرهم بتبني المسلحين من السعودية وقطر، ومن مختلف البلدان عبر الحدود التركية، المجاهدين أمثال داعش ( في البداية قبل إعلان دولة الخلافة وعاصمتها الرقة).
وبذلك تحقق للنظام ما أراده: في سوريا حرب أهلية - دينية سنية شيعية…ولا توجد ثورة.
الهدف الثاني: استمرارية النظام الأسدي في الحكم. حيث كانت ثقة النظام بمقدراته في القضاء ( في الوقت المناسب) على هذه الفصائل المسلحة المتناحرة بأسلحتها الخفيفة والمتوسطة أمام جيشه النظامي وبطائراته الحربية وصواريخه .. وبراميله المتفجرة! جيش نظامي ومدرب لعشرات السنين لمعارك مع العدو الإسرائيلي، تم استخدامه من قبل النظام ضد أبناء شعبه! وبفضل علاقاته مع إيران وروسيا للزج بهما في معاركه هذه، مقابل منحهما الكثير من التسهيلات الاقتصادية والعسكرية التي ترتقي لمرتبة الدول المحتلة! مقابل استمراره في السلطة.
حان الوقت المناسب، بعد أن تحول معظم الناس، حيث سيطرت داعش وأمثالها، تتمنى عودة النظام، رغم كل مساوئه، التي لا تعادل مساويء داعش! حيث جرت المقارنة بين السيء والأسوء، وليس كيف التخلص من كلاهما! كذلك كل دول العالم وقفت مشلولة الأيدي، وتتمنى الخلاص من داعش ومن التنظيمات الإرهابية، بعد أن كانت إلى جانب ثورتنا السياسية السلمية… وشكلت „ مجموعة أصدقاء سوريا“، التي تم تجميد نشاطاتها بعد توسع رقعة هذه المنظمات في سوريا وفي دول العالم!

وهنا جاء النظام „المُنقذ“ من هذه التنظيمات المسلحة، التي ساهم في نشرها وتوسعها بمختلف الوسائل. ليتم اليوم التغني بالانتصارات للنظام، وأهمية استمراره حفاظاً على الاستقرار في المنطقة!
للأسف! انطلت هذه الخدعة على بعض قوى المعارضة والتتظيمات السياسية، التي بدأت تكتب النعوات للثورة وتندبها! وتنشر المقالات عن أسباب „ فشل الثورة السورية“، وعلى رأسها „ خذلان العالم لها“! ويعتبرون الفشل أمراً بديهياً طالما تم القضاء على الفصائل المسلحة، وعودة سيطرة النظام على معظم الأراضي السورية!
وبذلك يقدمون الخدمات للنظام عن وعي أو بدون وعي! والسبب الرئيسي لهذا الخلط هو عدم التمييز بين „ الثورة المضادة „ السلاحوية الإسلاموية وبين الثورة السياسية المستمرة.
نعم الثورة السياسية مستمرة على مختلف المستويات: من مؤتمرات ولقاءات سياسية ومظاهرات في مختلف أنحاء العالم. مستمرة في النشاطات الثقافية والأدبية والمسرحية والموسيقية. مستمرة في نشاطات المنظمات النسوية. مستمرة على الأرض على الرغم من تغييبها إعلامياً.
مَن ينعي الثورة السورية فهو يحقق عن وعي أو بدون إدراكٍ منه أهداف النظام! هو يدعو للفكر الانهزامي المناقض للفكر الثوري!
شعبنا السوري ثار ضد هذا النظام الاستبدادي - الديكتاتوري المجرم بحق شعبه، ويكفي التذكير بآخر الأخبار عن قتل ألاف المعتقلين في سجونه وباعترافه…! وبالمجازر القذرة التي ارتكبت بحق أهلنا المدنيين في محافظة السويداء..!

الثورة السورية من أجل الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية مستمرة وستنتصر!
إرادة الشعوب هي الأقوى!



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن