هل يعود ثانية ؟

أحمد صبحي النبعوني
alnabbouni@gmail.com

2018 / 4 / 3



هل يعقل انه مازال يملك الكثير من العواطف تجاه من كانت ذات يوم شرارة نيرانه الأولى ... هل يعقل ان تكون بذرة الهوى ما زالت حية رغم مرور كل هذه السنوات الطويلة ... هل يختبئ الحب عندما يشعر بالخوف او الفشل ... لكن.. كم سنة يمكنه ان يختبئ ..!؟ . بعد ثلاثين عاما وجدها مرة أخرى في زمان مختلف ومكان لا يتوقعه ابدا .. أخذ يسرد لها عن تلك الرسائل التي كان يقذف بها إلى السطح لتقرأ ما كان يجول في ثنايا مخيلة مراهق صغير اخذ يشعر بعاطفة جديدة لم يعتاد عليها سابقا لكنها ساحرة وغريبة ... هو القدر يفعل فعلته في كل مرة يقذف بها .. ليجدها أمامه ... زنبقة زرقاء ما بين طبقات الثلج وسط غابة من اشجار غربة الروح والجسد ... تارة وهي طفلة وتارة وهي شابة وتارة أخيرة وهي أم ... ! يقول لها : كنت خجولا جدا ومع ذلك كنت استجمع عزيمتي لأهرب من المدرسة حتى أنتظر انصرافك من المدرسة و اسير خلفك فقط ... لا كلمة تخرج من فمي او حتى اشارة صغيرة ... صراحة كنت أعشقك بصمت .. وخجل ... وخوف ... وايضا مع استعداد ليتحول الصمت إلى كلام والخوف لشجاعة والخجل لجسارة ... لكن لم تشاء الظروف ربما .. أو أنها رواية يجب ان لا تنتهي صفحاتها ... يجب أن يمر البطل بحوادث صعبة و مرهقة حتى لا يمل القارئ و ينجذب اكثر لمتابعة القراءة ... لعبة الأقدار غريبة و غير متوقعة .. من كنا نظن إنه كان مجرد صدفة عابرة في حياتنا نجده ماثلا امامنا بعد سنوات طويلة ليتكرر نفس المشهد من أول الرواية والسيناريو ... الحب الأول مهما بدا باهتا و خافتا ومهما غاب و توارى ، سيظل في ثنايا القلب ، ويبقى لأنات الحب الأول مذاق لا ينسى ... هل حبه الآن يشبه ذاك الحب في رواية حب في زمن الكوليرا للكاتب الكولمبي غابريل غارثيا مركيز ... حيث تنتهي الرواية والسفينة تعبر النهر ذهابا و جيئة رافعة علم الوباء الأصفر دون ان ترسو إلا للتزود بالوقود فيما تضم عش الحبيبين اللذان لا يباليان بكبر عمرهما ويقرران أنهما الآن في مرحلة أفضل للوصول إلى مرحلة ما وراء الحب و هي الحب لذات الحب .
نسي ان يقول لها ايضا : انه احبها في فصل الربيع مع الأمطار الغزيرة التي كانت تملأ برك الطرقات بالمياه ليعود إلى بيته بعد أن سرقت عيونه كل النظرات لشعرها الأسود الناعم وبريق عيونها و الوجه الذي كان لا يمل من النظر إليه ... مبللا بالمطر والسعادة وشيئا أخر يصعب وصفه .
كانت تستمع له بصمت و كلمات قليلة لتقول له في النهاية ماذا تريد مني الآن ؟ سؤال يصعب الأجابة عليه ... فعلا ماذا يريد ولماذا يعيد شرح الاحداث من جديد لها وهي التي كانت محور الزمان كله ... ولماذا تسأله هي هذا السؤال ؟ هل ستمنحه ما كان يحلم به يوما وهل تستطيع ؟ كان يتمنى لو انه كان ثملا حتى يجيب على سؤالها لأنه ما زال يخجل من الحديث في حضرة الحب الحقيقي ... كذاك الصوفي المتعبد الذي يجلس أمام شيخه الكبير بتواضع وهدوء ... كان سيقول لها اريد كل شيء .. اريدك انت من جديد ... اريد استرجاع روحي التي فقدتها وأنت بعيدة عني .. أريد ان انسى أنني الآن أعيش بعيدا عن وطني و اريدك ان تكونين انت الوطن الذي ليس له حدود أو حروب ... وطن دائم لطائر لم يعد يقوى على الرحيل مرة أخرى .



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن