أكذوبة عذاب القبر : النار يعرضون عليها

أسامة فاخوري
yahyamerieme@gmail.com

2018 / 3 / 7

{النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا ۖ وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ} (غافر 46)
هذه الآية العظيمة كباقي الآيات تحل مشكل عذاب القبر لكن لا أعلم كيف للمخرفين أن يستدلوا بها رغم أنها تنفي العذاب الجسدي وتنفي دخول النار قبل يوم القيامة وتنفي عرض النار على الموتى.
يقول الطبري في تفسيره للآية : إنهم لما هلكوا وغرقهم الله جعلت أرواحهم في أجواف طير سود فهي تعرض على النار كل يوم مرتين إلى أن تقوم الساعة.
ويقول السعدي : فهذه العقوبات الشنيعة التي تحل بالمكذبين لرسل الله عز وجل.
ويقول ابن كثير :فإن أرواحهم تعرض على النار صباحا ومساء إلى قيام الساعة فإذا كان يوم القيامة اجتمعت أرواحهم وأجسادهم في النار.

لاحظ معي أيها المسلم الحنيف أن كل المفسرين وعبيد المثناة يربطون الموت والعذاب بالروح وهذا هو أكبر خطأ يقع فيه الناس لأنهم يؤمنون بالترادف في التنزيل الحكيم -هذا راجع للثقافة الشعرية بالعموم وإلى ترجيح أقوال الفقيه الشافعي (شاعر)- أول سؤال يجب أن نسأله، هل النار تعرض على آل فرعون في قبورهم ؟ أم هم الذين يعرضون على النار ؟ الآية تجيبنا بصراحة {النار يعرضون عليها} وليس (النار تعرض عليهم) فالنار لا تنزل إلى القبور، والقبر أساسا ما هو إلا مكان لتورية سوأة الميت {فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ ۚ قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَٰذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي ۖ فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ} (المائدة 31) وللتأكيد على أن العذاب لا ينزل للقبور قول النبي عليه الصلاة والسلام : (لو أن شرارة من شرر جهنم طارت على أهل الدنيا لأحرقت المشرق والمغرب)(المعجم الأوسط للطبراني 6/125)، لا أعلم كيف للسلف الصالح والطالح أن يستدلوا بأحاديث تقول أن عذاب جهنم ينزل في القبور وعندهم حديث آخر ينفي ذلك ؟!.

ولنرد على هذه الآية ونشرحها شرحا مبسطا سنستند لآيات قرآنية أخرى توضحها وتفسرها :

لن تعرض جهنم على الكافرين إطلاقا إلا يوم القيامة
{وَعَرَضْنَا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِّلْكَافِرِينَ عَرْضًا الَّذِينَ كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطَاءٍ عَن ذِكْرِي وَكَانُوا لَا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعًا} (الكهف 100-101)
فكيف تكون هذه الآية صحيحة لو رأى الكفار النار في القبور ؟ وصراحة لا استغرب من حزب الضلال أن يكذبوا الله عز وجل وآياته لينتصروا لأصحاب كتب المثناة.

{إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَاتَّبَعُوا أَمْرَ فِرْعَوْنَ ۖ وَمَا أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ ۖ وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ} (هود 97-98)

{وَتَرَاهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا خَاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ يَنظُرُونَ مِن طَرْفٍ خَفِيٍّ ۗ وَقَالَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۗ أَلَا إِنَّ الظَّالِمِينَ فِي عَذَابٍ مُّقِيمٍ} (الشورى 45).

لقد ذكر ربنا عز وجل أن الكفار سيعرضون عليه سبحانه وتعالى يوم القيامة في آيات صريحات :
{وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَىٰ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا ۚ أُولَٰئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَىٰ رَبِّهِمْ وَيَقُولُ الْأَشْهَادُ هَٰؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَىٰ رَبِّهِمْ ۚ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ} (هود 18)

{وَعُرِضُوا عَلَىٰ رَبِّكَ صَفًّا لَّقَدْ جِئْتُمُونَا كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ ۚ بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّن نَّجْعَلَ لَكُم مَّوْعِدًا} (الكهف 48)
يتبين من هذه الآيات الكريمات حقيقة عرض الكفار ربهم عز وجل، وهذا مشابه لعرض آل فرعون على النار {النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا ۖ وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ} (غافر 46)
فمن يقول أن آل فرعون يرون النار رغم أنهم هم المعروضين عليها وليست هي المعروضة عليهم سنسأله سؤالا بسيطا، هل الكفار سيرون الله عز وجل يوم القيامة ؟؟.
بطبيعة الحال لن يرى الكفار ربهم عز وجل، فالله سبحانه وتعالى يقول :
{كَلَّا ۖ بَلْ ۜ رَانَ عَلَىٰ قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ كَلَّا إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُو الْجَحِيمِ ثُمَّ يُقَالُ هَٰذَا الَّذِي كُنتُم بِهِ تُكَذِّبُونَ} (المطففين 14-17)

{وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ إِلَىٰ رَبِّهَا نَاظِرَةٌ وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ تَظُنُّ أَن يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ} (القيامة 22-25)

{وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُّسْفِرَةٌ ضَاحِكَةٌ مُّسْتَبْشِرَةٌ وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ أُولَٰئِكَ هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ} (عبس 38-42)
نستنتج من هذا أن المعروض -الكفار- لا يرى المعروض عليه -ربنا سبحانه وتعالى- وفي سورة غافر المعروض هم آل فرعون والمعروض عليه هي النار لذلك لن يروها، ويوم القيامة ستنقلب الآية إذ سيصبح المعروض هي النار والمعروض عليه هم الكفار
{وَعَرَضْنَا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِّلْكَافِرِينَ عَرْضًا الَّذِينَ كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطَاءٍ عَن ذِكْرِي وَكَانُوا لَا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعًا} (الكهف 100-101).



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن