بوح في جدليات – 30 – بعض خواطري – 8.

نضال الربضي

2018 / 3 / 5



25
الحصاد
الشمس
الظهيرة
العصا ذات الرأس الذهبي
النسر المحلق
الأفعى

كلها رموز ٌ مرتبطة بارتقاء الإنسان و تهذيبه لنفسه بعد إدراكه لإمكانياته النفسية و العقلية و مُتاحات ِ توظيفها في تطوير وعيه. العقلُ هنا هو الأداة و القناةُ معاً. بواسطة مبانيه المنطقية المرتبطة بالإرادة، و باندفاع ِ الحواس باتجاه تلك الإرادة بإرشاد تلك المباني، يستطيع ُ الإنسان أن يرتفع َ نحو تطوير ذاته.

هذا التطوير يُعلِّمه ُ أن يتصرف بطريقة ٍ أرقى، و قبلها أن يُفكِّر َ بأسلوبٍ أذكى، و قبلها أن يقصدَ و يسعى و يجتهد لإحلال ِ ثقافةٍ حياتية ٍ مختلفة مكان تلك الموروثة المُسلَّم ِ بها المُستكينة إلى دِعة القبول الاجتماعي و موافقة القطيع.

في هذه الثقافة الجديدة لا نقدرُ أن نفصل َ الإنسان عن أساسه التكويني البيولوجي، عن منشئه ِ الحيواني، بل إننا نعترفُ بملئِ الثقة أنه لا يجب ُ أن يكون لدينا هذ القصد و لا أن نشعر َ بهذه الضرورة المُصطنعة، التي تأتينا من رواسب ِ الثقافة القديمة التي نُزيلها رويدا ً رويدا ً، أو رويدا ً فبسرعة، حتى تبلغ: السرعة َ و اللهفة َ التي تبرقُ في عيني قبطان سفينة ٍ تركت مرفأها البعيد من أجل ِ موطن ٍ آخر عبرت ْ له محيطات ٍ مُظلمة ً مُشمسة ً هادئة ً مُضطربه ضحلة ً عميقة ساكنة ً سكون الموت عنيفة َ الأمواج كذراعي إلهِ الماء الأسطوري بوزيدن.

بريقُ عيني القبطان يُعجِّلُ بسفينته بعدَ أن يصرخَ الملاح من فوق السارية: اليابسة!

نعم: اليابسة، هذا هو الهدف، من أجل هذا نمضي، بالحيوان البيولوجي و الإنسان العقلي الواعي، حتى نبلغ َ شمس الظهيرة، في موسم الحصاد!



26
Non Fui: لم أكن كائناً (لم أكن موجوداً).
:Fui كنت (هاءنذا موجود).
Non Sum: لقد زُلتْ.
Non Curo: إذا ً لا يهمُّني.

هذه العباراتُ المُرشدة،
إشارات ُ التعريف بالطريق،
الكلماتُ الرفيقة للمسافر ِ في الحياة،
anima الرجل ِ و animus المرأة، اللذين يمضيان بالعين الفاحصة، و اليدِ ِ المُفكِّكة - اكسر(ي) الكاف الأولى، لتكسر اليدُ كل َّ موروث، لتفحص َ كل َّ مُستكينٍ من القيم و المبادئ و الأعراف و التقاليدِ و العقائدِ و عناصر ِ الثقافة و مقبولات الفعل و مرضيات الوعي الجمعي - كنت ُ أقول: بتلك العين و تلك اليد، بإرادة الاقتدار التي تُحسُّها الذات، في طريقٍ مُلبَّدة ٍ بالغيوم، تحت سماوات ٍ تعصف ُ تحتها الرياح، يبتلُّ فيها الوعيُ المُتنامي بالمطرالشهي البارد العذب الحبيب،،،

،،، هناك و هناك فقط تُفهمُ أصول َ كل ِّ قيمة ٍ حقيقية، تستمدُّها النفسُ من المُحيط ِ الواقع، من جوهر ماهية و طبيعة الأشياء،،،

،،، هناك و هناك فقط في أرض ِ كل ِّ ما هو مَخوفٌ و غولي و مُرعب و مُحرَّم و تابو و موصوم، توجد جذور ما يقبله القطيع و يحبه، و ما يرفضهُ و ينجِّسه. الهدف تلك الجذور حتى إما أن تُحرق لتموت نبتَتُها، أو تُغذَّى سمادا ً آخر، تُزرعَ في أرض ٍ أخرى، لتُعطي الشجرة َ السامقة الباسقة وارفة الأغصان عظيمة َ الفائدة كثيرة َ الطرح عذبة َ النـَّـفـَـسِ المُشعِّ النديِّ لكل ِّ من استفاءَ ظلَّها و استندَ إلى كيانِ خشبهاَ الصلب اللين العابِق ِ بالأرض و الصاعدِ للسماء.


27
كابالا اليهودية
غنوصية ُ المسيحية
صوفية الإسلام
نيرفانا البوذية
موكشا الهندوسية
الموسيقى و الرسم و الآداب و العلوم
الإبداع
النقد
الُحرِّيات

جميعها مُخرجات ُ الحيوان ِ المُتَّحدِ مع الوعي العاقل، اللذين يكوِّنان: الإنسان.

إنها إذا ً وجوه الإنسان الواحد.

المجتمعُ الصِّحي النامي المتطوِّر القادر المُعترِفُ لنفسه بقيمته، و المُعترَفُ له بها من غيره، هو ذاك الذي تجدُ وجوهُهُ قوَّتها في الاعتراف ِ ببعضها و انسجامِها في شمولية ٍ فريدة تنسجها بفرديَّة ِ و خصوصية ِ كل ٍّ منها، دون ذوبان.

المجتمعُ المريض المُضمحلُّ المنحط العاجز هو الذي يخافُ وجوهَهُ فيُنكرها و يُجرِّمها و يضطهدها و يسعى للانتحارِ بقتلها و تهيئِ الظروف لها كي تتصارع و تقتل َ بعضها و تموت.


28
الكرامة
الاكتفاء

مركزُ المظاهر ِ الدَّالة على كينونة الإنسان كـ: إنسان.

دون كرامة لا يوجد إنسان، هناك فقط حيوانٌ إما مكتف ٍ أو غير ُ مُكتف ٍ.

دون اكتفاء قد يكونُ هناك إنسان، لكنه عندها في مطحنة ِ الصراع مع حيوانه الداخلى المُحتاج غير ِ المُكتفي، و بدون شك سيتحول إليه، حيوانا ً مُرتدَّا ً من إنسان، لم يكن يريد سوى أن يكونَ: إنساناً.


29
الكرامة
الاكتفاء
الثورة المُسلَّحة

الكرامة لا يأتي بها الدم المُنبثقُ من الأجسادِ المدوسةِ الدائسة المُنتهَكة المُنتهِكة.

الاكتفاء لا تجلبه الرصاصات التي تخترقُ الصدور و لا القنابلُ التي تمزِّق ُ الأجساد و لا أنصالُ السكاكينِ و السيوفِ التي تشربُ الدَّمَ الإنساني لمن غابت أو غُيِّبت أو طابَ غيابُ كرامتها.

الموت ضمانٌ للذل و كفيل ٌ بالعَوَز.


إذا ً الحل ليس في الثورة المُسلَّحة، هذا هو المبدأ الأول الذي يجب أن ننطلق منه، فإذا فعلنا صارت كل ُّ الحلول ِ مُتاحة لأنها تأتي من الحياة و تهدف ُ أن تستديم َ الحياة.

علينا أن ننتبه هنا أن كل الحلول ستكون بطيئة كلما كان الوضع الحالي مُعقَّدا ً و بائسا ً أكثر، لكنها الضمان و الطريق.

سنعترفُ معا ً أن السرعة َ و اللهفة َ و الاشتياق َ و الغضب و الترقُّب و النزق و الضحالة و غياب البصيرة و ضعف العقول و الثقافة البدائية العدوانية المُنحطة سترفض هذا، بل ستصرخُ: ثورة ثورة.

و سنرى بعيوننا الموت في كل مكان، لأنه عند القطيع ينتصر الحيوان، و يغيب العقل، و تحضر الثورة.

إذا ً ستستمر ُ المآسي في ديار كل ِّ من صرخوا: كرامة اكتفاء، ثم قتلوا بعضهم، فذَلـُّـوا، لتغيب َ الكرامة و يذوب َ الاكتفاء.

هذا ما يحصلُ عند من يسيرون َ بدون ِ عقول،
فقط بالحيوان ِ الداخلي.

لكن أيها العقل من رآك؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟


30
أيها العقل من رأك؟
يا كل هذا الكون، لماذا أتيت؟
هذا الكون، ما ضميره؟
العرب ظاهرة صوتية.

بصماتُ عبدالله القصيمي، منابرُ نور، دلالاتُ طريق، علاماتُ استنارة، فهل من مُسافرٍ(ةٍ) على الطريق؟ يـ(تـ)حمِل تلك العين و تلك اليد، و إرادة الاقتدار؟



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن