نصوص القرءان التي تختص بالتشريعات

محمد عبد القوي
m.abdelkawi@yahoo.com

2018 / 3 / 1

يعتقد أغلب المتثقفين وأشباه العوام أن نصوص القرءان التي تختص بالتشريعات ، لا يجوز أن يتم إخراجها عن إطار زمانها ومكانها بإعتبارها نصوصا تاريخية ولكن في الحقيقة هناك خلط كبير يحدث لأن نصوص القرءان التي تتعامل مع التشريعات هي علي وجهين وليس وجهة واحدة وسأذكرهم بإختصار شديد كالآتي ...

أولا النص القرءاني الذي شرع في موقف معين للنبي والمسلمين حينها هو نصا فاعلا في مثيل هذا الموقف الذي شرع لأجله فقط ، بمعني أن النص هنا ليس تاريخي لا يخرج عن زمنه بل هو معطل فقط إلي حين مرور المسلم بموقف شبيه بالموقف الذي شرع لأجله النص ، كمثال علي ذلك آيات السلم والحرب فهي آيات فاعلة لكن في مواضعها الصحيحة ومواقفها الشبيهة بالمواقف التي شرعت لأجلها

ثانيا النص القرءاني الذي شرع في موقف معين للنبي والمسلمين حينها هو نصا تاريخيا لا يخرج عن إطار زمنه وكمثال علي ذلك آيات الرق ... نصوص هذه الآيات هي نصوص تاريخية لا تخرج عن إطارها الذي شرعت من أجله وذلك لوجود العبودية حينها ، فما كان من القرءان إلا أن تعامل معها تنظيميا كأفضل تعامل حينها فقد شرعت هذه الآيات من أجمل حماية الرقيق فبدلا من أن يهانون ويحقرون ويستعملون كآلة جنسية ، أصبحوا فجأة أزواجا ، بل الزوجة الأمة كان قدرها عند زوجها بمثابة الحرة لأن التشريع يقول ذلك ، النص يقول { إلا علي أزواجهم ((أو)) ما ملكت أيمانهم } فالزوج له حق في زوجته الحرة أو ما ملكت يمينه نتيجة شراءه إياها ولكن قدرها بقدر الزوجة ومكانتها بمكانة الحرة كزوجة أي لها كامل الحقوق ((بعكس ما فهم التراثيون)) ... وبالطبع جميع آيات القرءان التي تتحدث عن هذا الأمر تقرر هذا المعني

قد يقول البعض ، لماذا شرع الله تشريعا سينتهي بعد ذلك وهو يعلم ذلك - يعلم أن هذا الأمر المشرع له سوف ينتهي ؟!

ببساطة لأن حياة إنسان واحد عند الله هي بمثابة حياة البشرية كلها مجتمعة وهو الأمر الذي يتأكد بتصريح الله نفسه عندما تحدث إلي بني إسرائيل { من قتل نفس بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا } وتنظيم حياة الرقيق وحمايتهم وجعلهم يعيشون حياة آدمية هي عند الله بقدر البشرية مجتمعة ... ولو واحد فقط هو عند الله بقدر البشرية مجتمعة فما بالكم بعشرات الألوف من الرقيق في البلد الواحد فقط ، فكان من الطبيعي أن يتم تشريع هذه التشريعات حماية لهم وتحقيقا لعدل الله وإتساقا مع مجموع آيات القرءان وروح الدين بصفة عامة

الأمر الثاني أن الدين في طبيعته يعني ويهتم بتهذيب الإنسان ويقنن له تشريعاته لأن الله يعلم أن نضج الإنسان يكون بالتطور والترقي لهذا لم يرسل نبيا واحدا وإنما كان يرسل نبيا وراء نبيا علي مدار وجود البشرية حتي بلغ من الإنسان نضجه فأرسل له آخر النبوات لتكون الختم الأخير ، لنعرف ونتيقن ويكون هذا الختم هو إعلانا بصريح العبارة ((أنتم كبرتم ونضجتم وبلغتم رشدكم بهذا الختم الأخير ، هيا إستخدموا عقلكم ...هيا)) وهو ما حدث بالفعل فإستخدم الإنسان عقله ليضع تشريعاته ويهذب نفسه حتي لغي العبودية ، وظل يطور من نفسه ومازال ، يعني هنا قوانين العقل هي نتيجة لمراد الله أيضا ، ولو كانت نصوص الدين التي تختص بالتشريعات صالحة لكل زمان ومكان لإنتفت أهمية العقل وصفة وجوده من الأساس وبالتالي ينتفي وجود الفكر والتأمل والنظر والبحث فما فائدة الفكر والعقل إذن بوجود كل شيء والتمامية في كل شيء مضمن في كتاب واحد يصلح لكل زمان ومكان ؟! وما فائدة التكليف من الأساس حينها ؟! لهذا كان التكليف ووجود العقل هو دليل علي تغير التشريعات وتبدلها بتطور هذا العقل وتطور المجتمع ومنظومة القيم والحضارة بصفة عامة

هذه مجرد قبسة لتوضيح الخلط الكبير الذي يحدث عند التعامل مع نصوص القرءان التي تختص بالتشريعات ... والخلط الذي يحدث لبعض الناس أيضا من جراء ذلك .



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن