الجزء الثاني من قصّة عشق كافكا وميلينا

نجاة بن علي
najetbenali@yahoo.fr

2018 / 2 / 18

كافكا:سيدتي العزيزة ميلينا لقد أخذ هذا الأسلوب الذي نلتزمه في حديث أحدنا للاخر يسبب ارهاقا لكلينا ولكنه يعد يدا من تلك الأيدي التي يتشبث بها المريض في دنيانا ..
ميلينا:كتابة الرسائل ..وكأنك تتعرى أمام الأشباح..رسم القبل فيها لا يعني أنها ستصل الى مكانها..أنت تبحث عني من بعيد وأنا أقرب اليك أكثر مماتتصور..أراك طيفا يغزوني كشبح قادم من أساطير الأوليين..كفكرة تخامرني لااستطيع لمسها..أنت مع الاخرين حاضر جسدا وروحا ومعي روحا وفكرة..تقترب مني لتبتعد من جديد..كلما همست في أحرفي أحبك تنهمر لغة العشق مدرارا للتتلاشى شيئا فشيئا ثم تغيب في صمت مفاجئ ونتحول الى غرباء فجأة..لنرمق بعضنا عن كثب وفي صمت حزين ..وكأنك تتوجس خوفا من أمر قادم أنت تخشى القادم من المستقبل وتتجاهله في تشبث مستميت ومتشائم بأطلال الماضي ..صور وحكايا ومغامرات وأحزان وبعض أفراح..تعيشها داخلك تتلذذ بألامك طبقا لمشاعر المازوجية أحيانا وتتسلى بعذابي حتى تعذب ذاتك طبقا للمشاعر السادية أحيانا اخرى ..مشاعر متناقضة تتخبط داخلك في صراع دائم..تراهن على ماضيك الميت لتضحي في المقابل بروح المستقبل ...
كافكا:أنت حاضري ومستقبلي ..الذي أريده ومااستشهادي بماضي الا تعمدا مني لاثارة مشاعر الغيض داخلك ..حين اراك مع الاخرين..وأعجز في المقابل على لمسك حين اراك بعيدة عني ..وقريبة منهم فأعود للماضي مكرها..علني اجد فيه حلا للمستقبل الذي أتطلع اليه في عينيك..
ميلينا:أي حاضر ومستقبل وأنت تخطو خطوة الى الأمام لتعود الى الوراء عشرات الخطوات ..ذاكرتك الشغوفة بالحضارة والتمرد والثورة أراك تخنقها..بحبسك أياها في عزلة الماضي بصوره وحكاياته..لا تر في الحاضر سوى الاخرين الاعداء ..رفاق الامس الذين تغيرو حسب ما أملته مصالحهم الانانية والجبانة..فتحولت نظرتك للحاضرك قاتمة هذا مالمسته حين اقتربت منك اكثر ..أنا أحيا لواقع أجمل أسعى للتخلص من قيودي التي أكرهها لأنها فرضت علي..حين ارتأيت في حبك الذي غزاني ملاذي وحريتي..لكنني خذلت اكثر من مرة لأتيقن أن قصتنا الغريبة التي تراوحت بين الأقتراب والابتعاد بين الشغف والتجاهل ..ستنتهي الى ماضي ..
أتذكر حين راسلتني أول مرة لم يكن لي الخيار..كنت أقرأ رسائلك وابتسم ..كنت أفرح حين أراها رغم انها كانت صامتة مجرد قلوب وصور معبرة كانت تداعب احاسيسي الحزينة..كنت ترمقني عن كثب بعين المرح والحياة وكان قلبي حينها يعتصر الما ..
كافكا:كنت كالصاعقة حين رأيتك أول مرة كان شعرك يمطر وعيناك تذوبان جمالا وشفتاك ترسلان برقا وانت تبتسمين في مرح كم عشقتك حينها كنت أفرح وانا أراك عن كثب تمرحين على الشاطئ ..وكان طيفك الجميل لا يفارق مخيلتي ..أسترق خلسة النظرأليك وانت لا تعلمين..
ميلينا :وكنت كالأله زوس في اقتحامك ذاكرتي واهتمامي..تقطب حاجبيك فيرتعب جبل الأولمب....ماأجملها من ذكريات ..وماأتعس حقيقتنا..أريد أن انتهي أليك لكن..الرحيل عجل قبل البداية
انت ياكافكا من قرر البداية ...وانا من ستقرر النهاية والرحيل...



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن