رجال الدين والتقدم

عثمان عبدالله مرزوك
othmanabdullahmarzouq@yahoo.com

2018 / 1 / 25

رجال الدين او علماء الدين كما يسمون انفسهم هم الذين يشتغلون في مجال تفسير المفاهيم الدينية واعطاء الفتاوى للعامة والبسطاء من الناس.
التقدم هو كل جديد يطرء على الواقع من الناحية السياسية او العلمية والتقدمي هو الفرد الذي يؤمن بالتغيير التدريجي البعيد عن الثورات الدموية.
وفقا للتاريخ ظهرت الحركات التقدمية في الدولة العثمانية اثناء فترة السلطان مدحت باشا الذي تولى السلطة مرتان وقضى عليها السلطان عبدالحميد (1876-1909). ثم عادت من جديد في عهد السلطان عبدالحميد ورسخت وجودها. انتصرت المشروطية او دعات الدستور في عهد السلطان عبدالحميد وتم عزلة بعد حكم استبدادي . وكان ذلك بداية عهد جديد حيث اصبحت الحقوق والمساواة والحرية افكار تتبلور في العقل الجمعي المجتمعي التركي(الدولة العثمانية).
في ايران المشروطية والمستبدة, ظهرت بعد زهاء ثلاثين عاما من تركيا بحكم موقع تركيا القريب من اوربا. بدات الحركة بعد ان التجاء عدد من المتظاهرين الى بلدة الشاه عبد العظيم واعلنو انهم لن يخرجوا من المرقد المقدس الموجود في البلدة الا بعد تحيقيق مطالبهم, وكان من ضمن الملتجئين من علماء ايران الكبار امثال السيد محمد الطباطبائي والسيد عبدالله البهبهاني والواعظ اغا سيد جمال الدين. حاول الشاه مظفر ضرب الحركة باعتقال السيد محمد الطباطبائي وبدات الصدامات بين الجيش والعوام.
تولى السلطة الشاه محمد علي الذي جهد كل جهده للقضاء على المشروطية في بلادهه يساندهه في ذلك احد كبار رجال الدين في حينه الشيخ فضل الله النوري. انقسم الشعب الايراني بين اتباع فضل الله النوري والاستبدادية واتباع السيد محمد الطباطبائي والسيد عبدالله البهبهاني الداعمين للدستور المشروطية.
ما حدث في تركيا وايران كان له صداه في العراق كانت الرسائل تفد من ايران الى علماء النجف تسالهم عن المشرطية وهل هي حرام ام حلال, فانقسم علماء النجف بدورهم مثلما حصل في ايران فقد كان الملا كاظم الخرساني من دعاة المشروطية في حين وقف السيد كاظم اليزدي بالضد منها وكفر احدهما الاخر ومتهما احدهما الاخر انه من نسل يزيد وان الشورى هي التي الت بالحكم الى يزيد والاخر يرد بان الاستبداد هو الذي ذهب بالحكم الى قاتل الحسين.
ما يظهر من بداية تكوين الوعي الجمعي في تركيا, انه تكون على يد المثقفين او الافندية, كما شاع حينها, لكون رجال الدين كانو جزء من المنظومة الحكومية التي يرتزقون منها, ويعينون بامر من الحكومة ويفصلون بامر منها ايضا وهذ شان اغلب رجال الدين السنة .وهذا كان صحيحا تقريبا في جميع ولايات الدولة العثمانية عدى علماء النجف الذين كانو يرتزقون من الشعب او الاتباع. بينما الوعي الجمعي في ايران كان يقودة رجال الدين امثال محمد الطباطبائي وعبدالله البهبهاني الذين كانو يقفون مع الشعب رغم انهم يخشون التغيير احيانا خوفا لنفر اتباعهم منهم مثلما حصل مع العالم الكبير محمد حسين النائيني احد تلامذة الملا كاظم الخرساني الذي كتب في بداية مسيرته "تنبيه الامة في وجوب المشروطة" ثم حاول التملص من الكتاب بعد ان اصبح اهم المراجع في حينه. وقف الميرزا محمد حسن الشيرازي موقفا يحسب له عندما جاء الشاه الناصر لدين لله لزيارة الاماكن المقدسة في النجف وارسل هداياه الى علمائها لكن الشيرازي ارد الهدية قائلا "نحن دراوييش مالنا ومال الملوك" ووقف في قضية التنباك مع الشعب الايراني الذي افتى بتحريمه فيما بعد في قضية التنباك المعروفة, حتى ان الشاه بدء يتزلف الى الشيرازي بعد تلك الحادثة.
السؤال هو اين يقف رجال الدين في العراق من الفوضى وتاسيس "الوقفين" ودعم احزاب معينة ولعنة احزاب اخرى؟! هل التغيير يقوده رجال الدين ام الشباب المثقف في العراق؟ وهل لا يزال في العراق رجال دين على طراز محمد حسن الشيرازي؟ ام انهم على طرز امر وسيكون على الناس الطاعة لانك الخليفة‼وهل هناك امل بإصلاح المؤسسات الدينية ؟؟



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن