الإستهانة بعقل المتديِّن وسلبه من أخطر الآفات المجتمعية

محمد عبد القوي
m.abdelkawi@yahoo.com

2018 / 1 / 22

أن لا تخطو خطوة أو تأتي عملاً أو تحيا حياةً إلا بعد أن تقول أدعية وترانيم معيَّنة محفوظة ومتوارثة فهذا هو عمل الروبوت، هذا هو عمل الآلة

لقد تدخل المشايخ والقساوسة والأحبار في كل صغيرة وكبيرة في حياتنا، دخلوا معنا في أكلنا وفي شربنا وفي منامنا بل لقد دخلوا معنا دورات المياة
ولم يكتفوا بذلك فقاموا ودخلوا معنا أيضاً غرف النوم، أصبح علي الإنسان أنه لابد أن يقرأ عشرين سطر لكي يمارس الحب مع زوجته، ولا أعلم الحقيقة كيف ستكون النفسية بعد القراءة حينها ... لقد أفسدوا علينا الحياة فعلاً
كيف وصل بعقل المتديِّن تديناً أعمي أن يكون كالروبوت ؟!
كيف وصل بعقل المسيحي أن يقول له القساوسة والأحبار إشرب مياة مقدسة مصلي عليها وستبرأ من آلامك، هل ستكون علاجاً أم الزيت أم مخلَّفات القديسين أم شفاعتهم التي هي عبارة عن مزاجهم ونفسياتهم مصاغين في كلمات ؟!
كيف وصل بعقل المسلم أن يقول له المشايخ إشرب مياة زمزم وستبرأ من آلامك، هل ستكون أفضل علاجاً أم بول البعير أم الحبة السوداء التي هي بحسب كتبهم شفاءٌ من كل داء ؟!
أهذا هو الطب والدواء عندهم ؟!
الغريبة أن أصحاب النظرية ذاتهم يعالجون بالطب الحقيقي والدواء الحقيقي ويسافرون للعلاج إن إقتضت ذلك علَّتهم

إن أقبح ما في الحياة أن يكون الانسان الذي هو عظيم العقل، شريف القدر، مميَّز الكائنات، أن يكون محتلاً، مسلوباً، معتقلاً ومسروقٌ منه أشرف ما فيه ...مسروق منه العقل
والأقبح منه أن يعتمد السارق في سرقته هذه علي جهل الناس وقلة علمهم وعدم رؤيتهم وإنخداعهم بالوجه المزيف المركَّب علي وجه حقيقي دميم ليجِّمله ويستر عواره

إن المواطن يحترم الشيخ أو القس فقط لأنه لا يعرف من هو ماكسويل ولا من هو داروين ولا من هو أينشتاين ولا من هو نيوتن، ولا يجلَّهم وينحنى إحتراماً أمام أسمائهم بحسبانهم العباد الصالحين حقاً وصدقاً، بل هو يسخر منهم وفق المبدأ الشعبوي (العلم لا يكيل بالباذنجان) بينما هو ينحنى ليقبل يد رجل دين جاهل متخلف، طالباً بإنحنائه الخاضع دعم السماء لخيبته و عاره و الصفح عن جرائمه وأوحاله
ولذلك أيضا نجده يحج سنوياً ويعتمر ويتعمد لأن ذلك سيغسل ذنوبه وآثامه التي إقترفها طيلة السنة بحق الوطن وأبناء الوطن ...تري هل سيظل إحتلال رجال الدين لعقل المواطن مستمراً ؟! أو بالأحري هل سيكف المواطن عن تمثُّل المقدَّس في البشر ؟! أو بالأحري هل سيعرف المواطن العلم والعلماء الحقيقيين ويقدِّس الوطن والإنسانية ويجلَّهم ويحترمهم حتي يكون صالحاً حقاً وصدقاً ؟!

إجابة هذه الأسئلة هي الفارق العقلي والفعلي، بل والإنساني بين التحضُّر والتقدم وبين التخلف والهمجية .



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن