السياسة وسيكولوجية الفرد

فراس يونس
ferascomp@hotmail.com

2018 / 1 / 18

تتصارع المتبنيات الفكرية لقضم يعضها يعضا وتسقط من بعضها الاخر فكل ذي راي يحاول اثيات متبناه الى الدرجة التي لا يزاحمها راي وكانها نقية تلك المتبنيات حتى اذا اختلط معها متبنى اخر شابت وعكرت، واهم ما ميز الصراع الفكري في الاونه الاخيرة هو قيادة الصراع السياسي له، ونتحدث هنا عن العراق خصوصا والعالم عموماً.
تم تعريف السياسة تعاريف شتى كمصطلح و أعمل فيها بحثا وتاليفا لتصبح نوع من انواع المعارف الادبية اعطي درجة اكاديمية تتدرج من البكالوريوس الى الأستذه، وهي بالحقيقة اي السياسة لم تكن نتاج بحث علمي بل نتاج تجارب دولية على مستوى الأنظمة والشعوب ،معتمدة على تنظير شخصيات قادت العالم في مراحل سابقة في عصر النهضة ،واساس تلك التجارب هم اشخاص برزوا كقيادات لشعوب مختلفة وكان لكل منهم مشربه ومعتقده ،فارتكزت تجاربهم ونظرياتهم على ما يؤمنون به من دين او يعتقدون به من مذهب ، و اعتمد نجاح فكرهم وتجاربهم على ماحققوه من مكاسب على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي بل حتى العسكري، ولم تكن نجاحاتهم مرتكزة على متبنايتهم فقط بل ايضا على ماسمحت به الظروف المحلية لمجتمعاتهم والاقايمية والدولية والتي ترتبط ارتباطا وثيقا بنسبة نجاح هذه النظرية او تلك.
والامثلة كثيرة كالتجربة الشيوعية الاشتراكية في الاتحاد السوفيتي السابقالتي حققت نجاحا باهرا سياسيا بضمها دول عديدة وعقدها تحالفات قوية مكنتها من قيادة العالم لعقود ، لكن عقدها تناثر وتمزقت اشلائها وسقطت يمجرد تغير الظروف المحيطة.
وكان منشاها وما اعتمدت عليه هو عكس عملي لما كان يؤمن به مؤسسها فهو شخص ملحد ولا يعترف بولاية اادين او وجود الخالق ولذا خط مشروعه تاسيسا من منطلق ما يعتقد به (وهو دينه)، فكان مرتكز عمله هو ما يعتقد به . وهذا المفهوم مسحوب على كل التجارب السياسية في العالم ، وللمثال فما زال الصليب يمثل جزاء مهما من اعلام بعض الدول الغربية.
من هنا يتضح لذي اللب السليم ان السياسة التي هي تجارب وتوجهات قادة تصل الى سدة الحكم بطريقة او باخرى ،وهؤلاء القادة يمتلكون معتقد سينعكس حتما على تجاربهم، وهنا نتحدث عن القادة اصحاب الصناعة الفكرية وليست القيادات الدمى، اذا اصل السياسة هو معتقد السياسي والذي يمثل ما يدين به فهو دينه، اذا ماذا يريد من يرفع شعار فصل الدين عن السياسة؟ عل يقصد فصل الانسان عن السياسة وادخال ااسياسة كمعطيات الى مختبر فيزيائي او كيميائي للحصول على مخرجات تطبق في واقع العمل القيادي؟ ام يقصد ابعاد القوانين الشرعية التي تخص كل دين عن دساتير وقوانين اادول؟ اذا كان الاول فهو مستحيل واذا قصد الثاني فهذه ايست سياسة بل قوانين تشرع وتسن لتنظيم حياة مجتمع ما يقرها حسب ما ترتأيه مصلحته.
والسؤال هنا هل طالب الدين الاسلامي بحاكميته على السياسة؟ لا يوجد اي شيء في ادبيات الدين الاسلامي مرتبط ارتباطا مباشرا كنص مقدس بنظريات سياسية حديثة. لكنه في نفس الوقت طالب واكد على ان يتولى قيادة الامة والمجتمع شخصية عادلة صالحة متمكنة ولتكن محمد ابن عبدالله ،هسة هذه الشخصية عندما تتبؤا مكانها القيادي باي منطلق ستعمل؟ اكيد بمنطلقاتها الدينية التي يمثلها الاسلام .وكذا جميع القيادات .فالديانات عامة والاسلام خاصة لا يحمل فكر سياسي بالمعنى الحديث للسياسة ولا يوجد شيء اسمه دولة دينية ودولة غير دينية ،لانه لا يوجد انسان على وجه الارض لا يحمل دينا كمعتقد واحد عناصر الدولة الصانعة لها هو الشعب فكل الدول دينية.
اما مصطلح دولة اسلامية فهو ينسحب على قيادات الدولة تلك كونهم يعتمدون الاسلام كنظام اداري وليس سياسي في موارد محدودة نظمها الاسلام كالتعامل الربوي بالبنوك وحرمة الكسب على مستوى الدولة اووالفرد من ما حرمته الشريعة وتنظيم قوانين الاحوال الشخصية، اما باقي الموارد فهي منبنيات انسانية فرضها واقع الحياة المعاصر، وإلا تلك الدول تتعامل وفق رؤى وسياسات اختطتها لنفسها احيانا تعارض حتى المبادئ الاسلامية واضحة التعيين.
فيمكن فهم تلك المطالبات يانها ترمي لابعاد رجل الدين عن السياسة بمعنى ان لا يتسلم رجل دين بصفته الدينية قيادة الدولة وهذا موضوع آخر ليس له علاقة بالدين كمعتقد ،إنما يعود كما اسلفنا لشخص القائد ، وتلك المطالبة باطلة من ناحية ان الحقوق الديمقراطية تفرض المساواة في الطرح والحرية في الاختيار من قبل الشعب لمن يمثله في قيادة الدولة. وهنا وقع الخلط بين المفهومين : رجل الدين والسياسة ام الدين والسياسة، لذى نرى تلك الفضوى في تعريف مصطلح كالعلمانية او اامدنية ،وتشابك مفاهيمها وكان الديانات عامة والاسلام خاصة ضد المدنية والتمدن ولا يعلم الغافلين ان من متبنيات القران في خلافة الارض هو المدنية عندما خلق آدمنا وامره بخلافة الارض وعلمه الاسماء كلها. وترويجهم لمفاهيم مغلوطة حول العلمانية ومقولة الدين لله والوطن للجميع وكان الدين سلعة او منفعة يتعاطى يها تعاطيا ماديا قد يخلع ليلا ويلبس نهارا.
ومما لاشك فيه ان غياب الوعي وفقر المجتمعات وتدني مستواها الثقافي المسلمة خاصة منها وضعف خطابها الديني الحداثوي الجامع جعلها ارضا خصبة لشيوع مثل تلك المفاهيم الني لم تبنى الدول الحديثة عليها بل بنيت بألاخلاص والعمل وحب الوطن ، وقد يصدف ان قادتها غير ملتزمين دينيا لكن منضبطين اخلاقيا وقانونيا وبتغليب آليات حكم صحيحة تطبيقا .



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن