يوسف زيدان بين البارانويدية والعمالة

احمد البهائي
f.mrahi@kpnplanet.nl

2017 / 12 / 27

وجهت السفارة الاسرائيلية في القاهرة، ثناءها وشكرها للكاتب يوسف زيدان، بعد تصريحاته المثيرة للجدل عن القدس ، في منشور عبر فيس بوك، قائلة : " ...ان جذور الحروب بين الطرفين تعود الى المتطرفين.
ولا شك ان الرسالة التي يحملها تفسير الكاتب زيدان بضرورة نبذ ثقافة الكراهية بين الطرفين، هي رسالة مهمة في نظرنا وأن التعاون بين اليهود والمسلمين من شأنه ان يعود بالفائدة على المصريين والإسرائيليين على حد سواء، خدمة لأبناء الجيل الصاعد لدى الشعبين ".
التفكير البارانويدي وهو مرض نفسي خطير مُزمن ، فالمصاب به دائما وأبدا يشكك في الثوابت ، ويفسر الواقع بطريقة غير طبيعية تأتي على هواه ويشكله على إرضاءه الغريزي وما يستهواه عقله ، ومن سيمات هذا المرض هو وجود اعتقادات غير مبنية على الواقع (أوهام) والتفكير في أشياء غير حقيقية ، ومع ذلك تكون قدرة المريض على التفكير والقيام بما عليه في الحياة اليومية من اعمال ومهام وغيرها أفضل وعلى مايرام ، ولا يعاني من مشاكل في الذاكرة، والتركيز، وفتور العواطف بل على العكس تماما قد يمتلك ثقافة عالية وعلى درجة عالية من الدهاء ، فهذا المرض خطيرة وقد يستمر مدى الحياة ، ويؤدي إلى العديد من المضاعفات ، والسلوكيات التي تضر المصاب به وتضر المجتمع معا ، والتي منها : لا يقبل النقد والنقاش حول ما يعتقد به . التصلب في الرأي حتى لو أدى الى إنكار الثوابت . القدرة الهائلة على الكذب . التمركز حول الذات فقط . عدم مراعات شعور الاخرين والتعالي والغطرسة والشعور بالفوقية والعظمة . ينتقد الاخرين بكل قسوة بينما هو لا يتقبل اي نقد او توجيه . الإفتخار بأعماله ويعتبرها إنجازات خارقة بينما يقلل من قيمة أعمال الاخرين ويعتبرها اقل من الاعتياد بل وكلها ضرر . إختراع معارك وهمية حتى يكون موجودا في الصورة .لا ينسى من واجهوه واستخدام اقصى درجات العنف تجاههم . ومن الاخطر ان الشخص البارانويدي لدية القدرة الهائلة على التكيف مع اضطرباته النفسية ببراعة دون ان يكتشفها الافراد المحيطين به ومن يتعامل معهم .
يوسف زيدان البارانويدي....
إذاً كان علينا ألا نتعجب عندما شكك " يوسف زيدان " في الثوابت ( النص الالهي ) وتطاوله على رموزنا التاريخية والاسلامية والوطنية ، والتي بدأها بالتشكيك في رحلة الإسراء والمعراج ليأتي علينا بخرافات وخزعبلات من صنع خياله وخيال من يدعموه ويقرأ لهم ، وإن المسجد الموجود في القدس، ليس المسجد الأقصى، وأن القدس ليست مكانا مقدسا.
كلما أشاهد يوسف زيدان أترحم على أستاذي الدكتور نصر حامد ابو زيد ، فهناك فرق شاسع بينهما ، الدكتور نصر حامد ابو زيد لم يقول مثل ما قال زيدان، فلم يشكك في الثوابت ولم يتطاول على الرموز ، كل ما نادى به هو إعادة النظر في بعض تفاسير النص وزاد على البعض الأخر بهدف إصلاحها لتواكب العصر، ومع ذلك حكم وافتوا بكفره وفصلوه من عمله عن زوجته ، ونفي إختياريا الى هولندا ، ليموت قهرا ، يوسف زيدان لانه لم يجد من يوقفه هذه المرة ، تطاول على النص الالهي ليحرف فيه كما يشاء ، عندما اشار ان كل قراءة للنص لها معني ومدلاول أخر مختلف عن الأخر، مستندا الى قراءة "اذا جاءكم فاسق بنبأ فتثبتوا."والتي كما في النص " فتبينوا " ، لنقول هل المعنى مخالف بين فتثبتوا عن فتبينوا ،اذا لنأتي الى ما بعدها " أن تصيبوا قوما بجهالة " ليؤكد ثبات المعني سواء ، والله وكأن يوسف زيدان اختار الأية بعناية ليثبت سطحيته وجهله ،الاختيار هنا ليس قراءة كما يدعي بل تحريف ، فالقراءة تقوم على النحو الكتابي المعتمد على الحركات بنوعيها : الحركات الاصلية وهى " الضمة والكسرة والفتحة " , والحركات الفرعية " الواو المدية والباء المدية والالف او الفتحة الطويلة " ، فالإعراب ظاهرة مصنوعة طغت على كل ظواهر لغتنا من نفي وإثبات وإرشاد وخبر وتعجب واستفهام وغيرها لتأكيد دلالة الكلمة ، حيث قال " ان اغلب تفسيرنا للقرآن خاطئ.. والقرآن له 11 ألف قراءة ب 11 ألف معنى وأحنا مش عارفين حاجة " ، وهذا ما يثير الضحك بل والشفقة على الرجل ، كيف يكون للقرآن كل هذا العدد من القراءات المتعدده باللسان العربي ، اللهم اذا قرأ بلغات العالم ، يعني مثلا حسب ما قاله زيدان قراءة النص في مدينتي بورسعيد يختلف عن قراءته في مدينة دمياط او الاسماعيلية التي تبعد عن مدينتي ببعض الكيلومترات !، فالقراءة لا تعني اختلاف المعني بل جاءت لتؤكد المعنى الواحد للكلمة من خلال تسخير خصائص لهجة القبيلة وقتها ، ومثال على ذلك: فقد قرأ أبي عبد الرحمن السلمي "ألم ترْ" بسكون الراء في قوله تعالى " ألم ترَ أن الله خلق السموات والأرض بالحق " ، فمن خصائص لهجة بني سالم التي ينتمي اليها القارئ تقوم على الجزم كامل السكون بدون حركة حرفية وأن الراء هى اخر الكلمة فسكنت كاملة للجزم ، هل هذا معناه ان هناك معنى مختلف للأية بهذه القراءة ! .
وصف صلاح الدين الايوبي بأحقر شخصية في التاريخ ، مع العلم ما قام به صلاح الدين في زمانه من تغيير الخطاب الديني وتطهير الازهر من الكتب ومجلدات الهدامة وليس كما يدعي هو ، هذا هو ما يدعوا اليه ويطالب به يوسف زيدان الان في جميع كتاباته ولقاءاته ، ما يجهله زيدان أن صلاح الدين له الكثير من الصفحات المضيئة ، والكثير من المراجع في المكتبات والجامعات الاوروبية العريقة ك كمبريدح ، اوكسفورد ، لايدن ،هانوفر وغيرها تعتبر صلاح الدين قائد عظيم وشخصية غير عادية ، بل يصفون قادة الحملات الصليبية بالبرابرة والهمج وقطاع طرق ،هنا سؤال يطرح نفسة هل ياتري لو صلاح الدين ترك الازهر شيعيا واصحابه بجلاليب وعمائم سوداء هل كان يستطيع يوسف زيدان ان يتحدث ويشكك ويتطاول كما يتحدث الان؟! .
كذلك وصفه للزعيم أحمد عرابي بأنه فأر عمره ما شاف الخديوي.. وسبب احتلال البلد ،عندما قال " أن المقررات الدراسية التي درسناه وفيها أن أحمد عرابي راكب على الحصان واقف زي الفار أمام الخديوي، أن أحمد عرابي ضيع البلد ودخلنا في استعمار 70 سنة، ويعتبر مسكينا مقارنة بصلاح الدين الأيوبي، متابعا عرابي لا يمتلك مخابارات عسكرية ولا عنده أي حاجة وعامللي غاغة وعايز يحكم.. مسكين زي اللي قبله، إنما الأفلام الهندي اللي درسناه دي شوشت على دماغنا " ز
ففي فقرة رحيق الكتب الأخيرة والتي تناول فيها كتاب تاريخ اليهود في بلاد العرب ، والتي ختمها بتلك المقولة الموجهة الى اسرائيل " هتظل ثقافتكم ثقافة غربية ،ونحن ثقافتنا ثقافة موت ، كفايه موت بقى " ، اثبت بما لا يدع مجالا للشك ، هو في خدمة من ، ومن يسانده ويقف وراءه ويدعمه، حيث فسر النص القرآني على هواه وبما يخدم موضوعه ، محاولا نسف النص والتاريخ لصالح اسرائيل ، زيدان اكد ما كنا في شك منه ونخشاه والدليل على ذلك خروج السفارة الإسرائيلية في القاهرة بمنشور عبر " فيس بوك " وجهت فيه ثناءها وشكرها ليوسف زيدان بعد تصريحاته المثيرة عن القدس ، وقالت السفارة:" أسعدنا سماع أقوال الكاتب والمؤرخ يوسف زيدان، ووصفه للعلاقات الحميدة بين اليهود والمسلمين حتى قبل مجيء النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وحتى أيامنا هذه، مشيرا إلى ان جذور الحروب بين الطرفين تعود إلى المتطرفين ".، يجب وقف هذا يوسف زيدان لانه خطر بل اخطر من الخطر ما يقدمه من سموم ليس تنوير كما يدعي بل تضليل وتخريب.
أخيرا ، ما نخشاه ، أن يخرج علينا زيدان في المرة القادمة ، مشككا في هجرة الرسول أو إن قبول اهل المدينة وإستقبالهم للمهاجرين كان تحت السلاح أو ليس هناك ما يسمى فتح مكة أو ...... ، لو كانت الحرية التي نطالب بها تؤدي الى تلك النماذج الشاذة المريضة الهدامة نقولها بملئ الفم بلاها تلك الحرية ، إذا يوسف زيدان نموذج للتفكير البارانويدي المأجور.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن