أذون الخزانة المصرية..إتساع الفجوة التضخمية

احمد البهائي
f.mrahi@kpnplanet.nl

2017 / 11 / 14

تعتبر أذون الخزانة أداة مالية استثمارية قصيرة الأجل، هي إحدى أدوات الدين الحكومية حيث تقترض من خلالها، وتصدر لحاملها وإلى آجال تراوح بين ثلاثة أشهر و12 شهراً، ويتم التعامل بها في أسواق المال الثانوية، والتداول عليها بيعا وشراء. وتتميز أذون الخزانة بأنّها أدوات مالية منخفضة المخاطر، بمعنى سهولة التصرف فيها من دون أن يتعرض حاملها لأية خسائر رأسمالية، وعند حلول تاريخ الاستحقاق تلتزم الحكومة بدفع قيمتها الإسمية.

تعتبر أذون الخزانة من ضمن أدوات السياسة المالية لحكومات كثيرة، منها الحكومة المصرية، التي تتبناها وتعتبرها ضرورية ضمن برامجها للإصلاحات الاقتصادية والمالية، وتنظر إليها من وسائل علاج التضخم، بهدف وقف التدهور في أداء الاقتصاد وتحقيق الأستقرار في مستويات الأسعار المحلية، وتمويل العجز في الموازنة العامة. ومن هنا، تصدر الحكومة أذون الخزانة، بهـدف سـحب فائض السيولة النقدية لدى الأفراد والمؤسسات، وبما يؤدي إلى تخفيض حجم الطلب الكلي على السلع والخدمات، واسـتخدام قيمـتها (الـسندات المـصدرة) فـي تمويـل المـشاريع الإستثمارية. هذا من ناحية. ومن ناحية أخرى، يكون الهدف من إصدار أذون الخزانة تحقيق زيادة في حجم المدخرات المحليـة بالعملة الوطنية، نتيجة ارتفاع أسعار الفائدة على أذون الخزانة المصدرة، ما يساهم في الحد من ظاهرة تحويل الأفراد مدخراتهم بالعملة الوطنية إلى العملات الأجنبية، وبالتالي يساهم في استقرار القيمة الخارجية للعملـة الوطنيـة، ووقـف التدهور في قوتها الشرائية في مقابل العملات الأجنبية.

مع ذلك، ونظراً إلى رفع السلطة النقدية أسعار الفائدة على الاستثمار (قصير الأجل) في أذون الخزانة بنسب مرتفعة، ونتيجة انخفاض المخاطر المرتبطة بها، وضمان الحكومة للإصدارات منها، تقبل البنوك التجارية العامة والخاصة على الاكتتاب فيها بشراهة، وما نخشاه أن تحذو حذوها صناديق التقاعد والمؤسسات العامة والقطاع الخاص والمستثمرون إلى التحوّل من الاستثمار في قطاعات الإنتاج الحقيقي إلى الاستثمار قصير الأجل في أذون الخزانة، من أجل العوائد المرتفعة، وخصوصا مع الظروف المواتية للسياسات المالية الانكماشية التي تنفذها الحكومة، ما يترتب عليه حرمان الاقتصاد الوطني من استخدام تلك الموارد المالية في استثمارات طويلة الأجل، تـساهم فـي تشغيل الطاقات الإنتاجية العاطلة، وتؤدي إلى زيادة العرض الحقيقي من السلع والخدمات وتحقيق الاسـتقرار فـي مستويات الأسعار.
ما نخشاه أيضا نتيجة توسع الحكومة في إصدار أذون الخزانة، مع توابع قرارها بتعويم العملة الوطنية، أن ترتفع قيمة الإصـدارات السنوية من أذون الخزانة عن قيمة العجز السنوي الصافي في الموازنة العامة للدولة، ما يساهم في زيادة حجم النفقات العامة، نتيجة الزيادة في أعباء أذون الخزانة، وقد يزداد الأمر تفاقما مع سوء إدارة الدين العام المحلي، وسـوء توجيـه واستخدام الموارد المالية.

ومن هنا، قد لا تنجح أذون الخزانة في سحب فائض السيولة النقدية الزائدة لدى الأفراد والمؤسسات، ما يؤدي إلى فشل الحكومة في تمويل عجز الموازنة العامة من مصادر حقيقية غير تضخمية، وقد يترتب عليه زيادة فـي حجـم الاقتراض الحكومي من الجهاز المصرفي، وخصوصا الزيادة في حجم القروض من البنوك التجارية، وبالتالي اتساع الفجوة التضخمية.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن