الالفاظ القاسية في قصيدة -الخرافة- جواد العقاد

رائد الحواري
read_111@hotmail.com

2017 / 9 / 1

الالفاظ القاسية في قصيدة
"الخرافة"
جواد العقاد
في عالم غير سوي يعاني فيه الإنسان العربي الكثير، إن كان على المستوى الاقتصادي أو الاجتماعي أو السياسي، وانعكاس ذلك سلبيا على نفسيا لا بد أن ينعكس ذلك على الأدب، خاصة عند جيل الشباب، فأن يبدأ نص أدبي بألفاظ سوداء ليس بالأمر السهل، لا على الكاتب ولا على المتلقي، الذي يسعى للتحرر من واقعه والبحث عن عالم آخر في الأدب يخفف عنه ما يعاني منه.
افتتاح النص بلفظ "الضحية" يعبر عن تأثر الشاعر بالواقع، وليته اقتصر على فاتحة القصيدة فحسب، لكان من السهل تجاوز ذلك، فنجد العديد من الالفاظ التي تؤكد على طغيان السواد في القصيدة: "الضحية، الرصاصة، سخافة، حماقة، يموت، ببطء، عبث، المجهول، الخرافة، الضوضاء، اغتالوني، احتلالات، الدم، اغتيال، يحفر، ينهش، الهزيمة" هذا أفعال وكلمات توصف حالة الكآبة واليأس الذي يمر فيه الشاعر، فهي يجعل من نصه مرآة لواقعه، بحيث يجعل المتلقي يتوحد معه فيما يمر/يشعر به.
لكن هناك حديث عن الأسطورة والتاريخ في القصيدة، فيخبرنا عن "العنقاء والفينيقيين وبلقيس" وهذه المستخدمات كان من المفترض أن تخفف من حدة السواد عند الشاعر، لكننا نجده يستخدمها لتعطي قتامة أخرى للقصيدة، فيقول عنها:
" يموت الفنيق ببطء
ثم أسخر من عبث الأسطورة
يا وجه بلقيس يا نبوءة يا طفولة
لست أنا المجهول في جسد العنقاء
لست أنا الخرافة في إيقاع الضوضاء
اغتالوني مثلك" هنا كان من المفترض أن يخرج ويخرجنا الشاعر من القتامة، لكن واقع الاحداث عليه جعله يغرق في السواد.
فهل يكتفي الشاعر بهذا؟ أم عنده شيء آخر يقدمه لنا في عالمه الأسود؟
من ادوات الشاعر كتابة القصائد، والتي من المفترض أن تكون احدى وسائل الخروج من الواقع البائس إلى واقع آخر سوي، لكن حتى هذه الأداة تفقد مفعولها وتغرق معه في عالم السواد:
" كروح بلقيس في القصيدة
وبديهية علامات التعجب
حول اغتيال القصيدة
دع النسيان يحفر ويحفر
وينهش مفرداتي ويعلمني
الكتابة والكآبة والهزيمة" بهذا يكون الشاعر قد غرق تماما في عالمه الأسود بحيث لم يترك لنا أي خط أبيض يمكنه/يمكننا التشبث به لخروج من هذا الواقع.
هكذا يبدو ما جاء في القصيدة، فالسواد مواحد، ويجتمع في اللفظ والمضمون، في الشكل والفكرة، فهل يمكننا أن نستشف من هذا الواقع أمل، أو بياض؟ أعتقد أن هذا الكم الهائل من السواد والحاضر في القصيدة يعطي المتلقي دافع/محفز للبحث عن خلاص، فلا يمكنه القبول بمثل هذا الواقع، وهنا تكمن فكرة البياض، والتي جاءت خلف لليل القصيدة وقتامة الواقع، لهذا نقولك "لا يمكن أن يكون هناك نص أسود بالمطلق" مهما بدى لنا للوهلة الأولى، فلا بد أن يكون وراءه عالم جديد، يدفعنا للبحث عنه، ولكن علينا إيجاده بكل السبل والوسائل، هذا ما يريده "جواد العقاد" منا




https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن