مهددات السلام في افريقيا

سعد محمد عبدالله
simsimp666@gmail.com

2017 / 8 / 23


أ/ الحرب. ب/ المرض. ج/ العنصرية. د/ التدهور الإقتصادي.

الحرب: المعلوم أن افريقيا كانت وما زالت تنكوي بنيران الحروب التي أودت بحياة الكثيريين وأدت لتشرد الملايين وتسببت في إنهيار الدولة في افريقيا ممثلة في عناصرها الأساسية - الأرض - الشعب - الحكومة - السيادة، ولم يكن ذلك إلا لجهل النخب السياسية وقادة المجتمع الذين لا يعرفون حلاوة الحرية والسلام والديمقراطية والتعايش السلمي، لذا انتشر طغيان الحكام وقهرهم لشعوبهم، وإستوطن الفساد المالي والإداري، وتفشت الأمراض والحروب.
جاء في تقرير سابق للجنة الأمم المتحدة الإقتصادية الخاصة بافريقيا في العام 1960م، أن نسبة ساكني قارة افريقيا تشكل 10% من نسبة سكان العالم، لكن إنتاجها الصناعي في الأسواق العالمية لا يفوق نسبة 2%، وأن إنتاج الفرد في المجتمع لا يتجاوز 4 إلي 5% من إنتاج الفرد في الدول الصناعية الكبرى، ونجد دائما الحكومة هي المشكلة الكبرى التي تعيق تقدم الدولة في افريقيا، وعلي هذا كنا نشاهد سقوط الأنظمة وصعود أنظمة آخرى سواء بالإنتفاضة الشعبية او بالإنقلاب العسكري او بتسويات انتجتها الحروب الأهلية.
وهنا تقودني الذاكرة إلي ما قاله الإمام عبدالرحمن الكواكبي في كتابه - طبائع الإستبداد حسب مرجعيته الفكرية - أن الإستبداد هو نار غضب الله في الدنيا والجحيم هو نار غضب الله في الأخرة، واعتقد أن الإستبداد هو حالة تسلط المشوهين فكريا وسياسيا علي المجتمع، وحالة سرقة لصوص الحياة قوت الضعفاء والمهمشين، لذلك نحن في حاجة ماسة لتغيير حياتنا باستراتيجية جديدة توائم عصرنا وتلبي طموحنا وبدايتها اسقاط الأنظمة الإستبدادية، وهذا ما حدث في دول شمال افريقيا - الربيع في تونس ومصر وليبيا رغم الذي شاب الثورات بفعل الإنتهازية الإسلاموية.
علينا إن أردنا التقدم في المستقبل، الإعتراف بحقوق الإنسان السياسية والثقافية وصونها، ثم فتح المجال للإنتاج الفكري والإبداع الفني وتنمية المجتمع برفع وعي ساكني الريف وتوفير الخدمة المدنية الجيدة للجميع.
علي الجميع أن يتضامن من أجل إسقاط تلك الأنظمة المستبدة وإنها الظلم الواقع علي البشرية في افريقيا.
الأمراض: لقد أصبحت القارة مستقع للأمراض، إذ نجد الكثير من الناس يعانون من تفشي الملاريا والسل وإلتهاب الكبد الوبائي والكوليرا والإيدز، وهذه المعادلة يصعب حلها في ظل سياسة تهميش الإنسان وعدم توفير حقوقه الصحية والتعليمية مع غياب التنوير والتثقيف كيما يتمكن من إجتياز الجهل الذي يؤدي إلي الهلاك.
وضياع افريقيا يأتي من تسلط ابناء القارة علي بعضهم البعض وسلب الحياة بالحرب والتجهيل والتمريض الممنهج، مما يؤدي بدوره غدا إلي إنتاج أجيال مريضة نفسيا وجسديا وغارقة في الأفيون المرض الأكثر فتكا وذكرت ذلك لإنتشاره الواسع في قارة تحولت إلي سوق عالمي للمخدرات تديرها البرجوازيات الحاكمة في خيانة واضحة للإنسانية والأخلاق، وما أكثر الأنظمة التي تحولت إلي عصابات تحركها النزعة المادية لتدمير شعوب القارة، ولا يهمهم إن كان ثرائهم علي حساب أرواح الأبرياء، فمن أجل مصالحهم افقروا إنسان افريقيا بالجهل والحرب والمرض حتي لا يفكر في المطالبة بحقه المسلوب.
التدهور الإقتصادي: إن الإقتصاد الإفريقي المتدهور يعتمد في المقام الأول علي الأيدي العاملة (الطبقة البسيطة المهمشة)، ويقوم علي الزراعة والرعي والبترول في بعض الدول وبعض الصناعات.
ورغم انها قارة غنية بمواردها الطبيعية والبشرية إلا انها تعاني من الفقر، إذ أن الموارد المستغلة لا توظف لخدمة الشعب بل لخدمة الطبقات الحاكمة والمتسلطة بدورها علي المجتمع، ونتج ذلك في ظل حروب داخلية وخارجية وفساد مالي وإداري.
فالصراع الذي جرى في الستينات بدولة الكنغو، كان اكبر دليل علي كارثة إنهيار الإقتصاد، ثم دولة نجيريا عانت من الحرب لسنين وما زالت تهارب إرهاب جماعة بوكو حرام التي داهمت مدينة كانو من 2010م إلي 2011م بشعار تجريم وتحريم التعاليم المدرسية، وضف علي معاناة نجرية إنتشار الأمية.
العنصرية: وضع التنوع الإثني والديني في افريقيا في غير موضعه الحقيقي، وسخر لإشعال الصراعات العنصرية والطائفية في بعض الدول كالسودان والصومال ومالي وروندا وبورندي وافريقيا الوسطى وغيرها، ونأخذ بعض الأمثلة للتقريب.
ففي الصومال أخذ الصراع السياسي طابع قبلي طفح بوصول الرئيس محمد زياد إلي السلطة، والذي قام بتوظيف القبلية في حكمه، ما أثار غضب القبائل الآخرى التي توحدت وتمكنت من إسقاط نظام زياد في العام 1991م، وبعدها دخلت البلاد في حرب دمرت اجهزة الدولة وبرزت جماعات إرهابية علي رأسها حركة الشباب المجاهدين.
النموذج الثاني هو رواندا وبورندي، هذين الدولتين النديدتين خلفتهم سياسات المستعمر البلجيكي، وكانت القبائل هي المتضرر الأول، وقد شاهد العالم مجازر الحرب بين الهوتو والتوتسي، وكان الصراع من أجل السلطة والأرض، ومن أضخم المجازر تلك التي وقعت في الأعوام 1961م - 1972م - 1979م - 1988م.
كان من الأصلح أن يكون التنوع أحد اسباب التقدم لا التراجع، لكن العنصرية داست علي حلم التعايش السلمي، وأصبح المجتمع في بحث دائم عن الهوية.
هذه الجدلية ارهقت الشعوب ومتنت الإستبداد والتكتلات القبلية التي جرت في السودان بتوجيه سياسي ممنهج من السلطة الحاكمة، فأخذت الأصوات الإنفصالية تعلوا ولنا تجربة في إنفصال الشعب الجنوب سوداني عن السودان، ولتزدهر افريقيا يجب مراجعة اسباب النكسة وحلها حل جزري.

سعد محمد عبدالله



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن