نحو فكر دينيّ جديد، عماده العلم والعقل والنقد والحريّة والحوار

علي هيبي

2017 / 7 / 22


حول كتاب "دراسات في الدين والدنيا والإسلام السياسيّ" للكاتب وليد الفاهوم

نحو فكر دينيّ جديد، عماده العلم والعقل والنقد والحريّة والحوار
**تسليع الدين
أعجبني بشكل خاصّ استخدام وليد لمصطلح أظنّه له ومن إبداعه هو "تسليع الدين" المساوي لتسييس الدين لغةً، ولكنّ دلالته تعطي ليس فقط معنى التستّر بالدين لتحقيق غايات سياسيّة وغيرها، وإنّما جعل الدين "بزنس" في السوق الأكثر ربحًا، سوق المتاجرة بالدين، فبه نستولي على البنوك والمنشآت الصناعيّة والمساجد والكنائس وما فيها من تحف وآثار كي نموّل التدمير والذبح والنكاح وتجارة الزنا والتوحّش وتجنيد الأولاد الصغار وتربيتهم كوحوش مسنّنة الأنياب وملغومة الأصابع والأيادي الموضوعة على زناد الأمر بالذبح والنهي عن الرحمة والإنسانيّة.


**سلطة ونفوذ
هل جريمة معاوية في تحويل الشورى إلى ولاية عهد تؤهّله ليكون أميرًا للمؤمنين، وعليّ أنا وعلى وليد الفاهوم العبديْن الفقيريْن لله وجوب الاقتداء بإمارته وإيمانه؟ ألم يكن معاوية أوّل من شقّ عصا الخلافة بالملك العائليّ؟ هل كان معاوية وسلالته من بعده وأسلوب التخلّص من المناوئين السياسيّين والقتل الوحشيّ وفصل الرؤوس عن الأجساد نموذجًا يُحتذى؟ هل كان ذلك خلافًا على مبادئ دينيّة أم على سلطة سياسيّة ونفوذ ومصالح اقتصاديّة، وهل في معاوية دين وأخلاق واستقامة أكثر من عليّ؟ وهل جريمة يزيد بن معاوية في قتل الحسين، أحبّ الناس للرسول مثالًا يجعلني أرى فيه خليفة وأميرًا للمؤمنين؟





لقد أنزل وليد الفاهوم عن ظهره همًّا ثقيلًا بعد صدور هذا الكتاب، وأحسّ بسعادتيْن: سعادة الكتابة المتحرّرة من كلّ قيد، وسعادة الإصدار ليتفرّغ لكتابة جديدة، ولا أظنّه لن يفعل، سيفعل عندما يناديه الموضوع المقنع وسيترك كعادته قلمه على سجيّته وحريّته، لينكأ مرة أخرى جروحًا يجب ألّا تندمل وألّا تلتئم إلّا بالشفاء الصحيح والعلاج المفيد، ووليد يؤمن بأنّه كما لا يوجد دنيا بلا دين، فإنّه كذلك لا دين بلا دنيا، فالدين خادم للإنسان وليس العكس، كما يرى المتحجّرون من الحركات الإسلاميّة، ولا ننسى كتاب خالد محمّد خالد المفكّر الأزهريّ المتنوّر "الدين في خدمة الشعب" أمّا فقهاء الإخوان فيرون أنّ الإنسان في خدمة الدين، وبذلك يبخسون من الدين قيمته الروحانيّة ويمتهنون إنسانيّة الإنسان، لقد حشدني هذا الكتاب حقًّا بالكثير من المعلومات التي كنت أجهلها، وفتح أمامي سبلًا جديدة للثقافة والمعرفة، وبخاصّة الكتب الروائيّة عن شخصيّة السيّد المسيح (عليه السلام).
كتاب "الإغواء الأخير للمسيح" لنيكوس كازنتيزاكيس وكتاب "حياة يسوع" لهيجل وكتاب "المنتظرة" لكاتلين ماك غوان وكتاب "شيفرة دفينشي" لدان براون، هذه الكتب اختارها وليد الفاهوم ليس فقط ليحبّبنا بقراءتها، وإنّما لأنّها تخدم غرضًا من أغراضه المتوخّاة من مؤلّفه الضخم، فقد وجد في شخصيّة مريم المجدليّة وشخصيّة المسيح الكثير من الفطريّة والواقعيّة والإنسانيّة، رغم ما يشوبهما من اختلاف الكتّاب فيهما، وامتزاج الإلهيّ بالإنسانيّ أو امتزاج الطهارة بالبغاء، ففي الإغواء الأخير للمسيح يقول الكاتب أنّه بدون الإنسان لن يكون للربّ اهتمام بالأرض، وهذا يعني أنّ الإنسان هو الأساس، أمّا هيجل فيتحدّث كفيلسوف عن التوفيق بين العقل والإيمان والدين الوضعيّ الإلهيّ والعقليّ الإنسانيّ، وهو بذلك لا يختلف عن مقولات للمفكّرين العرب الذين تناولوا الدين والسياسة، مثل العفيف الأخضر، الذي وقف ضدّ فولتير، وهو من أبرز مفكّري الثورة الفرنسيّة، حيث تساءل العفيف الأخضر عن مقولة فولتير، أكانت معبّرة عن صوت الناس أم عن صوت الفقهاء؟ حين قال فولتير: "أنّ الشعب يجب أن يُقاد لا أن يُعلّم، وإذا لم يكن الله موجودًا فيجب أن نخلقه، لأنّ السواد من الناس بحاجة للغباء السماويّ والغباء الأرضيّ من أجل حفظ النظام".
لقد أراد وليد من استعراض هذه المؤلّفات أن يبيّن أنّ المشكلة ليست في الدين نفسه، لأنّ كلّ دين سماويًّا كان أم أرضيًّا كان في بداياته ثورة على القديم، فالمسيح جاء ليجدّد اليهوديّة فثاروا عليه وصلبوه، ومحمّد جاء ليهدم أسسًا اجتماعيّة ومفاهيم بالية وعادات لا أخلاقيّة وعبوديّة ظالمة للفقراء والعبيد، فحاولوا قتله وشرّدوه، ومن هنا جاءت مقولة: "لا كرامة لنبيّ في قومه أو في وطنه"، وإنّما أراد وليد الفاهوم أن يقول إن المشكلة في تفسير الإنسان للدين ودوافع ومجالات هذا التفسير الإنساني المتحرّك للثابت الدينيّ الإلهيّ، وهو يتّفق مع ما طرحه براون في شيفرة دفينشي: من أنّ "كثيرين هم الذين اتّخذوا من الأوهام والمعجزات الزائفة وخداع البشر تجارة لهم... والجهل يعمي أبصارنا ويضلّلنا. فيصرخ دفينشي: "أيّها البشر الفانون! افتحوا عيونكم"! ألا يتفّق هؤلاء المتاجرون مع مقولة تسليع الدين. وما أكثر هؤلاء الآن في مجتمعاتنا العربيّة! وفي مجتمعنا العربيّ هنا في إسرائيل. المشكلة في التسييس أيّ التستّر بالدين من أجل هدف سياسيّ، والتسليع أي المتاجرة بالدين من أجل الربح الماديّ، والتظهير أي الاهتمام بالمظاهر المزيّفة، والتفريغ أي إفراغ الدين من مضامينه العظيمة ومن روحانيّاته السامية.
لقد أعجبني بشكل خاصّ استخدام وليد لمصطلح أظنّه له ومن إبداعه هو "تسليع الدين" المساوي لتسييس الدين لغةً، ولكنّ دلالته تعطي ليس فقط معنى التستّر بالدين لتحقيق غايات سياسيّة وغيرها، وإنّما جعل الدين "بزنس" في السوق الأكثر ربحًا، سوق المتاجرة بالدين، فبه نستولي على البنوك والمنشآت الصناعيّة والمساجد والكنائس وما فيها من تحف وآثار كي نموّل التدمير والذبح والنكاح وتجارة الزنا والتوحّش وتجنيد الأولاد الصغار وتربيتهم كوحوش مسنّنة الأنياب وملغومة الأصابع والأيادي الموضوعة على زناد الأمر بالذبح والنهي عن الرحمة والإنسانيّة.
الأصول صادقة والأصوليّة والأصوليّون كاذبون، لو يعودون إلى الأصول! وهل هناك أصول إسلاميّة قبل محمّد وأبي بكر وعمر وعليّ. محمّد الذي جاء بدين جديد، لكنّه لم ينفِ الآخر ولم يرهب أتباع المسيحيّة واليهوديّة، ولم يعتدِ على حرمة، حتّى الذين عذّبوه وقاتلوه لعقود أعطاهم الأمان، "اذهبوا فأنتم الطلقاء"، أمّا الإسلام السياسيّ وحركاته الكثيرة فتكفّر الآخرين وتقتل المسيحيّين وتدمّر الكنائس وتهجّر الأقليّات. وهذا أبو بكر يعلن أمام المسلمين: "إن رأيتم منّي اعوجاجًا فقوّموني"، بهذه الروح من التحرّر الدمقراطيّ ردّ عليه أحد المسلمين بحدّ السيف سنقوّمك، أمّا حسن البنّا فلا وطنيّة ولا قوميّة ولا دمقراطيّة ولا شورى تلزم المرشد عنده. وهذا عمر الفاروق يعلن شعاره العظيم: "متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارًا" ويعاقب ولاته على الفساد مثل أبي هريرة، وعلى ظلم الناس مثل عمرو بن العاص، ويولّي السوق امرأة ويلغي حدّ السرقة في عام الرماد، ويلغي سهم المؤلّفة قلوبهم لأنّ الظروف اختلفت، فهو يساير العصر الذي هو فيه بمفهوم جدليّ، ويبكي عندما وصل القرآن إلى كماله، لأنّه يدرك إدراكًا عقلانيًّا وعلميًا أنّ لا شيء بعد الكمال إلّا النقصان، كما دورة القمر من البدر إلى الهلال..
أمّا حكّام السعوديّة الوهّابيّون فلا ظهور لبدر العلم والعقل عندهم، ما يظهر عندهم هو المحاق الأسود للجهل، ولذا يمنعون المرأة من أبسط حقوقها، السواقة وغيرها من الحريّات والحقوق الأساسيّة، ويولّون الفاسدين من شيوخ الدين المذدنبين بنظامهم الفاسد والعميل، ويسجنون العلماء والأدباء ويعدمون رجال الدين المعارضين ويعتدون بالتعاون مع إسرائيل العدو وأمريكا الشيطان ومع حلفاء عرب يقتاتون على المال النفطيّ المنهوب من أفواه فقراء العرب، يعتدون على الشقيق اليمنيّ البلد الفقير ويدمّرون الحياة فيه، ويقصفون بيوت الله بالقنابل، تحت راياتهم التي تحمل شعار "لا اله إلّا الله محمّد رسول الله والسيفيْن" أي القوة والدين، السعوديّة المهيمنة سياسيًّا وعسكريًّا والوهابيّة المهيمنة دينًا وإرهابًا. وهذا عليّ بوّابة العلم الذي آمن بتربية الأبناء بغير تربيتنا، فهم مخلوقون لزمان غير زماننا، فأيّ نظرة ديالكتيكيّة عظيمة هذه، وفي زماننا نلقّن ونلقّن ليردّد أبناؤنا وأحفادنا ما نريد نحن أن يحفظوه، نلقّن في البيت، في المدرسة، في المساجد، في كلّ مكان لا نتقن إلّا التلقين، ونحن في القرن الحادي والعشرين، أي بعد تلك الأصول العظيمة بأربعة عشر قرنًا من الزمن، وعليّ يؤمن بأنّ الناس اثنان: أخ لك في الإسلام أو، نظير لك في الإنسانيّة، فأيّ موقف إنسانيّ أرقى من هذا؟ ليس الناس على دين واحد، وكل حزب بما لديهم فرحون، علي يؤمن بهذا قبل 1400 سنة وما زال علماؤنا وفقهاؤنا المتأسلمون ينادون بالنرجسيّة والتعصّب وبأنّ الدين عند الله الإسلام، لا يُقبل منه غيره.
والله لو عاد هؤلاء الأصوليّون الكاذبون إلى هذه الأصول الصادقة لعدت أنا ووليد الفاهوم وكثيرون منّا معهم، ولخرجنا جميعًا إذا فهمنا طروحات الدين كما فهمه ونشره محمّد وأبو بكر وعمر وعليّ، لخرجنا من عنق الزجاجة التكفيريّة التي تخنق أرواحنا وتحاصر أحياءنا وتقتل أولادنا وتدمّر تاريخنا وتفتّت شعوبنا وتدوس على حضارتنا وتشوّه قرآننا ومحمّدنا ومسيحنا وتذبحنا من الوريد إلى الوريد.
شاركت في مظاهرة كابول القطريّة ضدّ قانون منع رفع الآذان، وأنا أنظر إلى الأذان ليس كنداء للصلاة فقط، بل أنظر له من زاوية وطنيّة على اعتبار أنّ الأذان في المساجد وقرع أجراس الكنائس جزء من تشكيل شخصيّتنا القوميّة العربيّة، شارك في المظاهرة حوالي ثلاثة آلاف شخص، نصفهم من العلمانيّين. ومن المشاركين المتدشدشين مَن لم أره في أيّ مظاهرة سابقة، وأنا من المشاركين الدائمين في كلّ المظاهرات ضدّ الحرب وفي يوم الأرض ويوم النكبة والمظاهرات العمّاليّة وفي سائر المناسبات الوطنيّة، ولذلك ناقشت أحدهم، إذا كان الآذان يستحقّ التظاهر ضدّ منعه، أفلا تستحقّ الأرض والوطن والأسرى والعنصريّة والاعتداءات السلطويّة وهدم الكنائس والتمييز العنصريّ، ألا يستحقّ ذلك المشاركة والتظاهر؟ والأهمّ من ذلك، لماذا لم نسمع في خطب الجمعة منذ بداية الأزمة السوريّة إدانات لإجرام داعش والنصرة؟ لا نطلب تأييدًا للنظام السوريّ، ولا موقفًا إيجابيًّا من حزب الله، ولا شعورًا بالأخوّة مع الشيعة - كما قال شيخ الأزهر أحمد الطيّب: "السنّة والشيعة جناحا الأمّة" - ولا دعوة وطنيّة لاسترجاع أولى القبلتين أو قوميّة لاستعادة وحدة السودان أو إسلاميّة لترشيد العلاقة مع إيران، أو أمميّة للتفاهم والتعاون مع روسيا والصين والبرازيل والهند وجنوب أفريقيا؛ فقط نطالبكم بإدانة الذبح والتوحّش وما يرتكبه هؤلاء المجرمون الإرهابيّون ضدّ المواطنين الأبرياء وضدّ الوطن العربيّ السوريّ والعراقيّ واليمنيّ والليبيّ والفلسطينيّ والمصريّ. نريد منكم إدانة للحرق وتفجير الجثث والذبح واستخدام الطفولة، أجمل وأبرأ ما في الإنسانيّة، في العمليّات الإجراميّة، أم أنّكم معهم؟ وترون في هؤلاء السفّاحين الذبّاحين مجاهدين من أجل نشر الإسلام ورفع لوائه وبسط نفوذه وإعادة مجد الخلافة التركيّة وتروْن في أردوغان خليفة ومهديًّا سيأتي ليملأ الأرض عدلًا كما ملئت جورًا. اعلموا لا خلافة بعد عليّ رابع الراشدين. حكم الراشدون الأربعة في صدر الإسلام أيّام العزّ والدين القيّم والشورى لمدّة 29 عامًا، وحكم السعوديّون وما زالوا منذ ثلاثينيّات القرن الماضي، وحكم مبارك 30 عامًا وحكم القذّافي 40 عامًا، وأردوغان يعدّ بلاده ودستورها ليمكّنه من حكم تركيّا حتّى عام 2038، يعني ذلك أن يصل عدد أعوام حكمه إلى 50 عامًا. هل هؤلاء خلفاء وساروا على نهج الشورى بينهم؟!
هل جريمة معاوية في تحويل الشورى إلى ولاية عهد تؤهّله ليكون أميرًا للمؤمنين، وعليّ أنا وعلى وليد الفاهوم العبديْن الفقيريْن لله وجوب الاقتداء بإمارته وإيمانه؟ ألم يكن معاوية أوّل من شقّ عصا الخلافة بالملك العائليّ؟ هل كان معاوية وسلالته من بعده وأسلوب التخلّص من المناوئين السياسيّين والقتل الوحشيّ وفصل الرؤوس عن الأجساد نموذجًا يُحتذى؟ هل كان ذلك خلافًا على مبادئ دينيّة أم على سلطة سياسيّة ونفوذ ومصالح اقتصاديّة، وهل في معاوية دين وأخلاق واستقامة أكثر من عليّ؟ وهل جريمة يزيد بن معاوية في قتل الحسين، أحبّ الناس للرسول مثالًا يجعلني أرى فيه خليفة وأميرًا للمؤمنين؟ وهل مساواته ثأرًا جاهليًّا وانتقامًا من آل البيت الأطهار يوم مجزرة كربلاء بيوم بدر، أوّل انتصار إسلاميّ على الكفّار، وكأنّه يثأر للكفّار من المسلمين وينتصر عليهم كما انتصر محمّد على جدّه أبي سفيان، هل هذا خليفة إسلاميّ ومطلوب منّي ومنك يا وليد الفاهوم أن نقتفي تاريخه "المشرق والمشرّف"؟ وهل في يزيد دين وأخلاق واستقامة أكثر من الحسين؟ لتوضيح هذا جاء هذا الكتاب القيّم، ومن هذا المنطلق كتبت قصيدتي: "أنا واضح كلّ الوضوح/ أنا مع الحسين ولست مع يزيد/ وكلامي لا يريد لا تحليل/ لا تأويل/ لا شروح/ أنا واضح كلّ الوضوح.
من هذا التاريخ وأحداثه الغريبة والسوداويّة والخلافات بين الهادي وأمّه وقتله خنقًا، والخلاف بين الأمين والمأمون على السلطة، لا يمكن أن أسمّيها خلافة، إذ كان الناس في أحيان ما وظروف مغايرة يبايعون ثلاثة خلفاء في آن واحد.
هل قصف الكعبة بالمنجنيق بسلاح أمير المؤمنين واستباحة المدينة المنوّرة وقتل 3000 مسلم فيها بسلاح جنود أمير المؤمنين وفضّ بكارة ألف عذراء بنكاح جنود أمير المؤمنين، هل في هذا ما يشرّف التاريخ الإسلامي الماضي والحاضر الإسلاميّ الراهن والمستقبل الواعد لهذه الأمّة؟ والتي هي خير أمّة أخرجت للناس!
من هنا أتفهّم صرخة وليد الفاهوم المتسائلة والصادقة والقادمة من "قراقيح" القلب وصدق الموقف "وقراقيح" العقل وفهم التاريخ والمنسجمة مع صرخة دفينشي السابقة: "بربّكم قولوا لي! هل هذا تاريخ نفتخر به ونعتزّ؟ والجواب عندي واضح كلّ الوضوح. لا يريد لا تحليل! لا تأويل! لا شروح.
وأخيرًا:
لك تحيّتي واعتزازي بك كصديق ورفيق وكاتب مبدع ومثرٍ. وأعدك وفق فهمي وفهمك للتاريخ أنّنا سنخرج من عنق الزجاجة التكفيريّة.
سنصير يومًا ما نريد كما قال محمود درويش.
وسنعيد لسوريا رونقها العربيّ والإنسانيّ.
وسنقتلع من معلولا أسباب عللها.
وسنعيد بناء ما دمّره شاقوف داعش من آثار تدمر.
وسنستسيغ شراب ماء الفرات ودجلة الملوّثين بفواحش داعش.
وسيركب فارس ما في يوم ما كما ركب عمر المختار في ليبيا.
وسيعود اليمن المثخن بالجراح والتعاسة إلى سعادته وحضارته العظيمة.
وسترجع الأمّة التي شاخت إلى شبابها.
وسينعم الشعب الحرّ بوطن سعيد.
وسيرفع شبل فلسطينيّ من أشبالنا أو زهرة فلسطينيّة من أزهارنا علم فلسطين على مآذن القدس وعلى كنائس القدس.
وسنعود يومًا إلى حيّنا.
عندما نميّز بين حزب الشيطان وحزب الله.
عندما نكون مع ابن ذي يزن وسيفه وليس مع أبرهة الأشرم وفيله.
عندما نتخلّص من رفع القرآن كذبًا ومن تحكيم المزوّرين ونعترف حضاريًّا بجريمة قتل عليّ والحسين جمال عبد الناصر ونمر النمر ونتخلّص من خلافة معاوية ويزيد وأردوغان وآل سعود.
عندما نعيد لمكّة هيبتها الحقيقيّة وكرامتها ونخلّصها من الدنس الملكيّ المهيمن فيها.
وعندما نعيد للبيت عزّه وأمجاده ونخلّصه من عثّ الوهابيّة وأدران العائلة المالكة.
وعندما نعيد الإبل لأصحابها ونخلّصها من لصوص التاريخ.
وعندما لا يبقى بين ظهرانينا ساذج أمّيّ يعتقد أن محمّدًا النبيّ العربيّ الأمّيّ الثائر كان لا يكتب ولا يقرأ.
ولكن هيهات منّا - رغم كلّ ما يحيق بنا من كوارث – هيهات منّا الذلّة.
فقدنا الوطن / فقدنا الأرض / لكنّنا لن نفقد الحلم / ألا تبدأ الأهداف العظيمة بحلم صغير؟
سنحلم يا أبا خالد.
وسنصير يومًا - وإن طال المدى - ما نريد.
(ألقيت في احتفاء تكريم الكاتب وليد الفاهوم وإشهار مؤلّفه القيّم "دراسات في الدين والدنيا والإسلام السياسيّ" يوم الخميس الموافق 27/5/2017 بدعوة من دارة الثقافة والفنون في الناصرة واتّحاد الكرمل للأدباء الفلسطينيّين)



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن