ستقضي العولمة على نفسها ببراقش !

دعد دريد ثابت

2017 / 7 / 3

في عالمنا اليوم، الأزلي في إستهلاكيته والذي لانشعر به ربما معظمنا. التسابق والشبق الشرائي للأسرع والأغلى والأجمل، تكمن خلفه مخاطر إقتصادية إجتماعية طبقية وحتى صحية.
أما الإحتكار بإعتقاده فهو المنتفع النهائي بقمة هذا الهرم التسابقي وهو لايعلم أنه يحفر قبره بيديه.
أود أن اضرب مثالاً بسيطاً لهذا الجنون الشرائي الإستهلاكي؛ المضادات الحيوية، التي من شأنها إنقاذ البشر من الإلتهابات الخطيرة. وهي بالرغم من قدم إكتشافها وتوفرها في معظم بلدان العالم والعلاج بها من الأمور التقليدية جداً، اصبحت في يومنا هذا لاتنجح في علاج الإلتهابات وهذا يؤدي بدوره الى إنتشار الإلتهاب في جسم المريض عن طريق الدم وموته. تصوروا هكذا ببساطة وبالرغم من ان العلم والتطور وصل الى مستويات متقدمة في معالجة أمراض كانت مستعصية وأصعب بكثير، ولكن اليوم من الممكن أن يقضي إنسان نحبه من إصابة بسيطة في اصبعه.
السبب هو العولمة واللهاث خلف أعلى مستوى من الربح وبغض النظر عن حجم الخسائر البشرية. أي لا أخلاقية البشر من رأسمال وشعوب مستهلكة.
في السابق كانت المضادات الحيوية تنتج في بلادها، على سبيل المثال، المانيا. وبسبب قوانين البيئة والتي تفرض على هذه الشركات معايير عالية من التنقية وتنظيف المياه تماماً، أدى ذلك الى رفع تكلفة الإنتاج وزيادة أسعار هذه المضادات في السوق وبالتالي إنهاء هذه المصانع إنتاجها بسبب خسائرها وإغلاقها، لإتجاه السوق العالمية لشراء الأدوية من مصادر أرخص، وهذه المصادر في البلدان النامية.
تباع المواد الأولية من شركات في الصين، وبسبب عدم توفر رقابة على اسلوب الإستخراج، يتسبب ذلك الى تلوث الأنهار هناك.
لتأتي بعدها وتشتريها الهند وتبدأ بتصنيع الأدوية، وبدون أيضا الرقابة، لتصب مياه هذه المعامل الملوثة بكل نفايات المضادات الحيوية في الأنهار والبحيرات التي يعيش ويصطاد ويشرب منها سكانها مع النفايات البشرية المختلفة، ليكون نتيجة هذا التزاوج الجهنمي، أنواع جديدة من بكتريا لها مقاومة سوبرمانية غير طبيعية لاتؤثر بها في التالي أقوى المضادات.
أي ماتسببه هذه الشركات وطمع الإحتكار بسعيها لشراء أدوية رخيصة، هو أولاً تلويث مصادر المياه التي يعتاش منها الملايين من الفقراء في الهند وكذلك الطبيعة من هواء ونبات وحيوان، بالإضافة الى صناعة أدوية غير فعالة بعد ذلك في إنقاذ حياة المصابين في أي بقعة في العالم.
ولأن العالم اصبح صغيراً، والسفر للميسورين سهلاً، فسيكون إنتشار الأمراض والعدوى بسيط جدا، أو عن طريق الطيور المهاجرة، أو عن طريق إستيراد اللحوم والمواد الغذائية الأخرى والتي هي أيضا ملوثة، بسبب رخصها من البلدان النامية، أو أو
وحينها يكون المجال مفتوحاً لأنواع مخلطة ومحسنة وغير معروفة من بكتريا عن طريق العدوى، لايمكن حتى علاجها بالمضادات الحيوية التي تم شراؤها بسبب بخس لا أخلاقية عقول همها الربح.
ومادام العالم بأجمعه على قناعة أن مالنا لنا ومالهم لهم. والشمال أرقى من الجنوب والأبيض من الأسود وبلاد الغرب أفضل من الشرق، لن نستطيع كبشر بالبقاء وسنقضي على أنفسنا وعلى كوكبنا. ولن تبقى الحروب والفقر والأمراض حكراً على البلدان المستنزفة والمضطهدة وهي الأغنى بمواردها، بل ستصدر للبلدان الراقية بقوانينها وديمقراطيتها لشعوبها، ولكن اللاأخلاقية والفقيرة لشعوب تسرقها وحكومات مناوئة تدعمها.
كم أود لقاء أغنى محتكر وهو ممدد وعلى فراش المرض وربما الموت بسبب إلتهاب بسيط، ولا يملك غير مضاد لايشفيه وسؤاله : هل قضت على نفسها براقش أم ملياراتك؟



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن