مخاطر التعليم الجامعي الخاص

فتحي حسين
dr.fatthy2012@yahoo.com

2017 / 4 / 1



تتعدد المخاطر الناجمة عن بعض الجامعات الخاصة في مصر وأيضًا المعاهد العليا الخاصة التابعة لإشراف وزارة التعليم العالي والتي وصل عددها إلى ١٤٥ معهدا، وهى مخاطر كثيرة لا تعد ولا تحصى وقد أثبتتها تقارير التعليم العالي المستمرة التي تؤثر على العملية التعليمية الجامعية في مقتل لاسيما أن عدد طلاب الجامعات الخاصة قد يفوق الـ٢ مليون طالب ومن ثم يؤثر على مستقبل البلد وتضرب العمود الفقري لها- هم الشباب- في مقتل. وبالرغم من التحذيرات المتعددة والفضائح التي نشرتها الصحف في السنوات الأخيرة من عواقب التعليم الخاص المدفوع مقدما لكن لم يحدث شيء على أرض الواقع، مثل الجامعة الخاصة في المقطم التي باعت الوهم للطلاب على مدى ثلاث سنوات بأنها ستعطيهم شهادتين إحداهما مصرية والأخرى أجنبية من جامعة ويلز البريطانية وتحصل منهم مصروفات بالجنيه الإسترليني وصاحبها صهر زكريا عزمي وزوجة صاحب الجامعة عضو في مجلس النواب الحالي وتعمل رئيس للجامعة! وهناك معهد آخر يقبل ٧٠٠ طالب ولا يضم إلا عضو تدريس واحدًا.. وآخر يقبل ١٨٠٠ وطاقته ٩٠٠ فقط يحدث هذا فى ظل ضعف الرقابة وغياب القانون الذى حوَّلا معظم المعاهد والجامعات إلى «دكاكين» تصدر شهادات عليا! ويذكر أنه خلال ١٥ عامًا فقط تم تأسيس ٥٠ معهدًا هندسيًّا و١٠٠ للحاسب الآلي والإعلام، كما يتم الاستعانة بموظفين سابقين ليس لهم علاقة بالتخصص الذين يعملون به مثل مدير شئون الطلاب في معهد هندسة كان مديرًا سابقًا لتنسيق الثانوية العامة.. كما أن بعض المعاهد تستعين بموظفين غير حاصلين على درجة علمية لتعليم الطلاب مثل إحدى المعاهد العليا بالمقطم التي تستعين بخريج معهد متوسط للتدريس للطلاب ويعامل كأستاذ جامعي بالرغم من أنه لا يحمل أي درجات علمية غير المعهد المتوسط اللهم إنه شقيق أمين المعهد! كما أن قرارات تنظيم شئون المعاهد «حبر على ورق» والعقوبات أغلبها «فشنك» والقانون «محلك سر» لا يطبق على الإطلاق.. وغيرها من الممارسات التي تحتاج إلى رقابة صارمة ولكنها لا توجد على الإطلاق.. وكأن أمر هذا البلد- والذى يمثل فيه التعليم شيئا أساسيا وجوهريا لا يعنينا.
فعندما سمحت الدولة بوجود هذه الجامعات والمعاهد العليا الخاصة على أرض الكنانة مصر في منتصف التسعينيات من القرن الماضي تفاءل الناس خيرا ومنبع هذا التفاؤل هو إمكانية إلحاق أبنائهم الذين فشلوا في الحصول على مجموع كبير يؤهلهم للالتحاق بإحدى كليات الجامعات الحكومية بأن يلتحقوا بإحدى الكليات أو أحد المعاهد العليا الخاصة التي انتشرت مؤخرا في مصر كانتشار النار في الهشيم. حتى أطلق عليها البعض مسمى «سبوبة» التعليم الجامعي الخاص. فكان السبيل الوحيد أمام هؤلاء الطلاب هو هذه الجامعات التي لا تشترط المجموع في معظم الكليات والمعاهد.. فوجدنا جامعات تحمل اسم دول أجنبية كالجامعة الألمانية والفرنسية والروسية وعدد كبير من الجامعات الخاصة في محافظات القاهرة الكبرى والدلتا والوجه القبلي.
فقد يلتحق الطلاب الحاصلون على مجاميع ما بين ٥٠٪ و٨٠٪ في كليات مثل الطب والهندسة والإعلام والنظم والتجارة في مقابل زيادة الرسوم الدراسية بدرجة كبيرة لتصل إلى ما يقرب من ٧٠ ألف جنيه كمصروفات للطالب المصري وما يعادلها بالدولار الأمريكي للطالب العربي في بعض الجامعات الخاصة التي تهدف في المقام الأول للربح المادي ثم الربح المادي ثم بيع أقصد منح الشهادات لمن دفع المصروفات والذى منه ثم الرسالة التعليمية والأخيرة عملية نسبية تماما، فليس هناك رسالة تعليمية بالمعنى المتعارف عليه في بعض الجامعات الحكومية المحترمة، وإنما هي مجموعة عمليات من الحفظ والتلقين والصم دون فهم للمادة أو التفكير فيها وتدبر المعاني والمضامين التي تحويها المادة المدروسة والاعتماد الكلى من قبل طلابها على الغش في الامتحانات النهائية من خلال تصغير أهم أجزاء المادة، وهناك ٩٨٪ من الحالات ومحاضر الغش بين طلاب الجامعات والمعاهد الخاصة والتي عرفها الطالب من خلال الدروس الخصوصية المنتشرة في الجامعات الخاصة بشكل مشبوه للغاية، وتقوم بإعدادها مكتبات متخصصة منتشرة حول الجامعات بسعر ٢٠٠ جنيه لعدة وريقات صغيرات وتنتشر مراكز الدروس الخصوصية حول الجامعات الخاصة بشكل كثيف وتحت سمع وبصر هذه الجامعات دون أن يتدخل أحد لغلقها بل تدعمها وتقسم الأرباح معها، وهى عبارة عن شقق ومكاتب مفروشة يتوافد عليها الطلاب المصريون والعرب من كل فج عميق ليشهدوا الأجزاء الهامة في المادة التي سيخوضون الامتحان فيها أو بالأحرى أسئلة الامتحان ويدفع الطلاب مبالغ طائلة للمحاضرة الواحدة تصل إلى ما بين ٢٠٠٠ إلى ٥٠٠٠ جنيه للفرد الواحد.. ومن أكثر رواد هذه المراكز هم الطلاب العرب الذين يحضرون قبيل الامتحان النهائي بأيام أو بيوم - ولا يعرفون شيئا عن المواد الدراسية بالطبع ثم يتعاقدون مع هذه المراكز للدروس الخصوصية التي يحاضر فيها أساتذة من الجامعات الخاصة والمعاهد.. هذا علاوة على إجبار الطلاب على شراء كتب وملازم ورقية بسعر ٩٠ أو ١٠٠ جنيه للكتاب أو الملزمة التي لا تتعدى صفحاتها العشرين ورقة!
هذا غير أن أعضاء هيئة التدريس المعينين قليلون جدا فمثلا معهد عال للإعلام بالمقطم فيه خمسة أعضاء هيئة تدريس فقط معينين في الواقع والباقي يتم انتدابه من الخارج دون مراعاة متطلبات الجودة المتعارف عليها ومن أجل توفير النفقات والحصول على المعادلة من المجلس الأعلى للجامعات، حيث إن أغلب هذه الجامعات لا تلتزم بالشروط والأعراف الجامعية ونظام الجودة المعمول به فى الجامعات المصرية، وتلتزم بالضوابط الصارمة للكنترول أو وجود نموذج إجابة لكل امتحان بالإضافة إلى قاعات المحاضرات فى الجامعات الخاصة تجدها خالية تماما من الطلاب خلال الدراسة إلا القليل، وهذا مخالف لنظام الجودة والاعتماد المتعارف عليه، ناهيك عن أنها قاعات غير مجهزة للتدريس للطلاب الذين يدفعون مبالغ طائلة!



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن