شروق

هادي عباس حسين
hadi_abbas2010@yahoo.com

2017 / 2 / 25


انه يمضي بداخلي هذا الإحساس أجده هذه المرة عنيفا شديدا يحاول اقتلاعي من مكاني ليتركني أنسانا تنازل عن مبادئه وأيقن ان هنا شيئا سيتفجر او قنبلة موقوتة ستهز كياني , أبى ياسر هذا الرجل الذي تلمست فيه غموضا يظهر لي بأوقات متعددة فوجدته الإنسان الموظف والموظف المسؤول من خلال هويته , يوم قدمها لي قربتها من عيني التي لم أرى فيها شيئا حتى وانا استعمل نظارتي الطبية التي لم تعد تفيء للغرض في بادئ الأمر تمعنت بها لكني لم أراها بوضوح كامل لكني هززت براسي كأنني عرفت الجهة التي صدرت منها وكذلك لا اهتم من أين صدورها كل الذي فعلته ان انشر ملامح الدهشة والانبهار الذي لا مبرر له , تأكدت وبوضوح عندما شاركني في الرأي احد معارفي مضيفا على كلامي
_ والله لا اعرف ما نوعية عمله , يوما أراه مقاول بناء وآخر أعلامي واخر مسؤول في دائرة مهمة...
أجمعت قواي وتعدلت من جلستي واضفت
_ لا يهمني أي كان المهم انه إنسان جيد..
كنت أتمنى ان أقدم له خدمة جليلة من خلالها ان أوطد العلاقة التي بيننا ,وأحاول إرضائه بأي أسلوب كان حتى وجدت انه قد كلفني بالكتابة عن ابن عمه وولده الشهيدان وبالفعل تمكنت من تسطير موضوعا عنهما ونشرته في أحدى الصحف وازداد هذا الرجل لي احتراما وتقديرا منقطع النظير لحد أنني تشوقت الاستمرار في شد أواصر العلاقة فيما بيننا لذا طلبت ان يساعدني في حاجة لي وقتها رايته يطوي أوليات طلبي ودسها في جيبه قائلا
_ سأقدمها للمسؤول وتأخذ مجراها الاعتيادي ...
ابتسمت بوجهه وخجلت من تصرفاته التي كنت اشعر بها لأنه في كل يوم وأكثر الأوقات كان يدفع أجور جلستنا في المقهى التي لا تتعدى عن أجرة ثمن شاي واحد, قلت له حينها
_ اشكر مساعيك لكن اهتم بطلبي ..
كنت اقرأ في عينيه شيئا ما , شيئا يحرك في أعماقي بان هذا الرجل بين ثناياه قصصا رائعة من الممكن التوقف عندها , كل يوم يكون لقائي به ويتبلور حديثي معه لأنني وجدت فيه كل شيء أريد معرفته عن الشخصية العراقية في الوقت الحاضر مبتعدا منها وعن إشكالاتها الثانوية, للأيام صار لها معنى يوم جاء ومعه إنسانة وجدت فيها صفة واضحة للأعين انها ذات عينين جميلتين جدا ورائعتين لم يستطع هذا القلم وهذا الكاتب ان يصفهما او يتوقف عندهما ,انها تمثل لها الجمال وجلس عند نظراتها الجميلة وبصوت جميل نطقت
_ أنا فنانة ورسامة ...
كان هذا أول كلامها وانا احتفظ به ليتولد في ذهني صياغة أسئلة بالطريقة السريعة جدا , كانت تتسابق ويتخاصم كل سؤال مع سؤال آخر يتسارعن الى الأسطر ليجري القلم ليحقق ميلاد لقاء صحفي كنت تائه بين ثناياه وحائرا مع أجمل عيون وأحلى نظرات ,رغم وساعة المكان والفضاء الكبير شعرت باختناق يسيطر علي وانا استمع الى تفاصيل حياتها , كنت أعاتب زمني وألومه لماذا هكذا قسا على إنسانة رقيقة وذات براءة وعواطف وأحاسيس مرهفة , كاد القلم يسقط من يدي والعبارات تنتهي واقفة أمامها مذهولة وملامح الألم قد ظهرت على وجهي وانا أخاطبها
_ أعانك الله انك تسيرين ضد التيار ..
كانت تحاول ان تختصر من مسيرة حياتها الطويلة التي خلقت منها إنسانة تبحث عن ذاتها بكل حزم وجدارة تريد النجاح لتعوض عن فشلها في الزواج , انها لعلها تجربة فاشلة نتج عن الاختيار الخاطئ في نظري حتى وان كان ذلك الزوج غنيا وموفقا في حياته اليومية لكنه لم يوفق على المحافظة على إنسانة مثلها , يرتجف القلم بيدي وإحساس بالذهول وانا اردد مع نفسي
_ انه الحرام ان يقس عليها هذا الزمن ويتركها فريسة لحياة خطت أول خطاها للمجهول..
بالفعل انه غد مملوء بالأشواك وليس معبدا بالزهور فحكم الناس والمجتمع لا يرحم جميلة مثلها , أنا على يقين ان الجميع يتوددون إليها ويطلبون رضاها ويتأملون ان تعطيهم من كلماتها ولو بحروف قليلة, وصور الإعجاب أجدها تلتف حولها وهي ما أكدته صفحتها على ألنت بأنها تعشق التصوير والتقاطها مع اي كان , وهذه هي السلبية الأولى التي من الممكن ان تقع تحت تأثيرها اغلب النساء اللواتي يحلمن بالشهرة فقط والبحث عن شيء اكبر وأفضل وأحسن وسلما للصعود الى الأعلى ,الخوف تتمالكني وأحسست بطيف صورتها يغازل شباك غرفتي ليخاطب القمر بالكلام
_سبحانك ربي ما أجمل القمر ...
وكأنني أخاطب العيون التي بقت في مخيلتي منذ صباح اليوم وحتى هذه اللحظة من ليلة شتوية باردة ,, كان المنظر أسعدني وجعلني ابق ساكتا للحظات بل لدقائق ولربما لساعات كنت ابحث في ظلمتي عن قمر الليلة الفائت الذي ودعني بإرادته لكني اليوم كانت إرادتي ان اطلب منه ان لا يغيب وكيف يحدث هذا والكون يسير بما قدره الله سبحانه وتعالى من مسير , كلما وجدت صورة قمر الليلة تبتعد قليلا نهضت بتعب وأزحت الستائر عن نافذتي كأنني لا أريد لأول مرة ان أفارق هذا الضوء الساطع البهي ,لعل روحي تريد الصراخ وانا ألوم هذا القدر بان يتفاعل مع تلك العيون بشكل أجمل, الصمت أغلق على المكان بشكل جدي بينما عيني بدأت تبحث في فراغ الغرفة عن بقايا لذلك الضوء الذي أصبح ابسط من البسيط والذي اختفى بشكل تدريجي مثلما أعلن اليوم عن غروب حزين هل من الممكن ان يأتي بشروق جديد , نطقت بلسان عجز عن الدعاء لها على ظاهر الغيب
_ اللهم أحفظها من كل مكروه وسدد خطاها بالنجاح ..
أوشكت ان أتعثر بتلك الطاولة التي لم أتذكر كيف جعلتها تستقر بطريقي وانا أريد النهوض لأعيد ستائر شباكي الى حالتها الأولى حتى أتخلص من كلمات زوجتي كل يوم قائلة
_ لا ادري هل أنت تتخاصم مع الستائر ..كل يوم أعيد ترتيبها ..؟
لم انطق بكلمة بل يبقى بصري باحثا عن ضوء القمر مع شروق أول النهار ...



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن