تركيا:نار أصبحت رماد!

ضياء رحيم محسن
almohseendiha@yahoo.com

2016 / 12 / 21

يعد إغتيال السفير الروسي في أنقرة أندريه كارلوف، أسوأ كابوس توقعته الدبلوماسية التركية، ناهيك عن أنه يمثل محاولة لتصفية الرئيس أردوغان، بسبب سياسته المتهورة أزاء مناوءيه، كما أنها رسالة إحتجاج من نسبة كبيرة من المتجمع التركي، ضد التقارب التركي الروسي، والذي نتج عنه تبدل في السياسة التركية تجاه الملف السوري وبقاء الرئيس بشار الأسد على رأس السلطة، ومشاركة أردوغان في الحرب ضد تنظيم داعش الإرهابي ولو متأخرا.
السفير الروسي يمتلك خبرة في الدبلوماسية تزيد على ثلاثين عاما، وقد لعب دورا في الأزمة السورية، نتج عنه إتفاق أدى الى إخراج الجماعات المسلحة من حلب، والشخص الذي نفذ عملية الإغتيال شرطي أو رجل أمن في العشرين من عمره.
تعاني تركيا منذ تدخلها في الشأن السوري والعراقي الى مشاكل أثرت على إقتصادها، الذي تعتمد على التجارة بين هذين البلدين بصورة كبيرة، ناهيك عن تجارة الترازنيت التي تمر بهما الى دول الخليج العربية، بحيث أننا نلاحظ تدني معدلات الإنتاج القومي الى أدنى حد منذ عشرين عاما، بالإضافة الى إنخفاض قيمة العملة المحلية الى أكثر من نصف قيمتها التي كانت عليها قبل التدخل التركي في الشأن السوري والعراقي.
قد تكون عملية إغتيال السفير الروسي أكبر وقعا من حادثة إسقاط الطائرة الروسية بواسطة الدفاعات التركية، والتي نتج عنها توتر كبير في العلاقات الروسية التركية، لكننا لا نعتقد بأن حادثة الإغتيال ستكون سببا لتوتر أخر بين الدولتين، لكن الملاحظ أن هناك أيدي خفية لا تريد لهذا التقارب أن يستمر، خاصة مع إستمرار الضغط على الجماعات الإرهابية في الموصل وحلب، وغير بعيد عن هذه العملية عملية الإعتداء التي حصلت في مصر، والمتهم فيها دولة قطر.
خيوط عملية الإغتيال لا تزال غير مكتملة، وغير بعيد عن العملية الدور السعودي والقطري، الذي لا يسعده أن يخرج بخفي حنين من الأزمة السورية والعراقية، وهما اللتان مولتا الإرهابيين ماديا ومعنويا، فقد تم تجنيد الماكنة الإعلامية القطرية والسعودية لصالح الإرهابيين، بالإضافة الى غض النظر عن وصول المتطوعين الى سوريا والعراق للقتال مع الإرهابيين، وتمويل هذه التنظيمات بالمال والسلاح، الأمر الذي نرى بأن روسيا لن تقف مكتوفة الأيدي، وهو ما نتوقع له بأن تكون هناك ضربة قاسية لهما.
نرى بأن التخبط التركي أخذ منحى تصاعدي منذ الإنقلاب الفاشل، بحيث بانت عورة الإمبراطورية العثمانية الجديدة التي يريدها السلطان أردوغان، بما يوحي بأن الأجهزة الأمنية والمؤسسة العسكرية مخترقة ليس من قبل أنصار عبد الله غول فقط، بل وحتى من قبل الجماعات الإرهابية، والذي شاهدنا بوادره على شكل تفجيرات وعمليات إغتيال، وقد يكون القادم أسوأ من الحاضر بكثير.
نرى بأن على الساسة الأتراك الإنتباه جيدا الى مواقف أصدقاءهم في العلن وأعداءهم في السر، خاصة فيما يتعلق بالملف العراقي والسوري، والحذر منهما، والإقرار بخطأ تصرفاته في هذين الملفين، والإقرار بأن العنف لن يولد إلا العنف المضاد، وأن النار تحتاج الى حطب ليزداد لهيبها، فإذا لم تجد حطبا أكلت نفسها وأصبحت رمادا.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن