فوز ترامب ... المفاجأة ... ام الاسباب الموجبه ؟

محمد علي مزهر شعبان
0alshabanenagf45@yahoo.com

2016 / 11 / 10

فوز ترامب.. المفاجأة ... ام الاسباب الموجبة ؟؟

محمد علي مزهر شعبان

المفاجأة ... ام الاسباب الموجبة، ذلك هو السؤال في نجاح ترامب ؟ وهل اخفقت الوسائل الاعلامية والمراهنون والداعمون للسيده كلنتون . اذا أجيز لنا ان نجعلها بحكم المفاجأة، فمن الضروري ان ندرك ان المفاجات لا تحدث في بلد تحكمه المؤسسات وتديره " كارتلات ولوبيات " متنفذه وشعب لا ينتخب من اجل " بطانية او قطعة ارض سكنية ليس لها مكان على الارض، ولا مدفأة في بلد ملتهب بحرارة القلوب والاجساد والاجواء " فالناخب ينظر الى مرشحه بل يلزمه في تنفيذ اجندته الانتخابية المتعلقه بالبطالة والتأمين الصحي والخدمات من جهة، وان يبقى بلده سيد العالم سطوة وقدرة وحسما فيما يتعلق بالسياسة الخارجية والامن القومي.
اذن لا مفاجأة فيما احتسبته بعض الاراء، وهي تعيش بحالة من الذهول كيف حدث الامر، بعد ان اشارت التوقعات بفوز كلنتون . فعدد قليل للغاية من اعتقد بأنه سيخوض بالفعل السباق الرئاسي، لكنه خاضه بالفعل. واخرون وكأن الواقع وحيثياته امامهم، وأعلنوا بأنه لن يتقدم في استطلاعات الرأي، فاخفق مرة وتقدم مرات . ثم راهنوا على خسارته، في أي انتخابات تمهيدية، فاكتسحها. وأمام الامر اذ تتسارع اخفاق "الميديا" الامريكية والاوربيه والمحللون وممن وصفوا بالستراتيجين ، ممن حكمتهم الميول والاتجاهات بأنه لن يفوز بترشيح الحزب الجمهوري، ثم فاز. وأخيرا واجه ممن وكأنها مسكت العصى، وانه لا سبيل لقدرته على المنافسة معها، فانتهى الامر بفوزه، ولا غرابة لمن يدرك الاسباب .
اما اذا تسائلنا عن الاسباب الموجبة، فنجد ان مؤشراتها على الارض تفصح عن نكوص حقيقي عند الديمقراطين، في عدة معطيات على الارض. لنبدأ من خط الشروع الاول وهو الداخل الامريكي.... تمكن ترامب من حشد أصوات الناخبين البيض في الريف عموماً، وفي المدن الصناعية القديمة خصوصاً، وبشكل لم يتوقع أحد أن يكون ذلك ممكنا بعد تلك الصيحات التي لم يألفها الناخب. فخطابه الشعبوي ومواقفه الاقتصادية فيما يتعلق بالاقتصاد الامريكي، والولوج الى مغازلة القوميين بحس شوفيني، دغدغت مشاعر الناس البسطاء الذين كانوا يشعرون بأن النخبة السياسية لم تعد تمثلهم، والنخبة الاقتصادية أهملتهم، ويشعرون أيضاً بأن النخبة الثقافية تحتقرهم وتسخر منهم، حين يكون الخطاب مركزا في لغة التعالي دون الاكتراث بما يتسائل عنه المواطن البسيط . اذ أن هؤلاء الأمريكيين من الطبقة العاملة، لا سيما ممن لا يملكون شهادات جامعية، قد تخلوا عن سياسة الحزب الديمقراطي بأعداد كبيرة. وأقبل الناخبون في المناطق الريفية بأعداد كبيرة بينما قرر الأمريكيون الذين شعروا بالتجاهل والإهمال من قبل المؤسسة الحاكمة ومن النخب بمختلف الوانها في الولايات الساحلية حتى اسمعوا كلمتهم للجميع حين اداروا بوصلة التوقعات .
وفي جنبة اخرى نجد ان من اسباب انتكاسة كلنتون، حيث ادرك الناخب الامريكي، بأن كلنتون ستسير بذات القافلة، بالاستمرار على ذات السياسة المبهمة في عهد الرئيس الأمريكي أوباما من حيث التقارب الشديد والعمل عن قرب مع تنظيم الإخوان المسلمين، في حين أن فوز المرشح المنافس دونالد ترامب سوف يعني انتكاسة إضافية للتنظيم الدولي للاخوان ، والذي يعتبره الامريكيون هو منبع هذه اللافتات والاسماء للارهابين، اللذين وطأة نيرانهم وحراكهم الى حيث الارض الامريكية . في الوقت الذي أكد ترامب في حملته وخطاباته الى عدم الضبابية، او الرمادية، بل اعلن انه سيحارب الارهاب ومنابعه .
لنقترب الى المنطقة الساخنة في العالم، وما دور امريكا فيها، وربما ظن الكثير ان الحرب العالمية على الابواب، لاحتدام الصراعات، وتشابك الارادات، واصطفاف تكتلات اوشكت ان تشعل فتيل حرب، أبعد كثيرا من استخدام ادوات الحرب المحلية وأجنحتها، حين تحركت الاساطيل والبوارج، واثقلت اجنحة الطائرات بالصواريخ، واستقدمت احدث التقنيات، الى المياه الدافئة، وحوض البحر المتوسط، ورست قريبا جدا من مواطن الاشتباك، وكانت الحرب في اجندة كلنتون قد مدت خرطومها من حقيبة السيده القادمة الى سدة الحكم .
الروس قد وضعوا في موقف اما يقبلوا التحدي فجهزوه بمعدات الحرب، واما ان تكون هناك بارقة امل للحلول الدبلوماسية . اذن لابد ان تبعث هذه المواقف، رغم قدرة امريكا، ولكن في حسابات الحرب، هناك قائمة للخسائر الجسيمة، حين تكون النهايات لا خاسر ولا رابح، في معركة قد تبدو خارج حدود القوى العظمى، الا ان لظاها ربما تتسع دوائره وتتمدد الى ذات المواطن، التي تراهن على مكاسب اقرب الى الوهم . فكان خطاب " ترامب" توفيقيا رغم مما أشيع عن هوسه، وما يعرف عن الجمهوريين في اتخاذ القرارات العنيفة، اذ وضع صفحة التفاهم مع الساق الاخرى التي يقف العالم عليها. يقول ترامب: إن بإمكانه تخفيف التوتر مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وأثنى عليه بوصفه زعيما قويا يحلو له أن يبني علاقة جيدة معه. هذا التصريح دون شك سيمتص حدة التوتر، وانه دون شك سيؤدي الى تفاهم ورغبة القتال المشترك ضد مسلحي تنظيم الدولة الإسلامية. ولكنه لم يقذف حبله على الغارب، بل يعتزم اكتشاف هل أن الروس سيكونون مع تلك الارادة . مع تأكده من أنه قد يحظى باحترام هذا الامر من بوتين، وقد بانت ملامح التودد بين الفريقين .
لنا عودة مرة اخرى، اذا كنا في المسار الصحيح لتحديد الاسباب الموجبة لهذا الوصول غير المفاجيء للسيد ترامب



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن