إلى مصر الحبيبة!!

أسامة هوادف
hoadf1992@gmail.com

2016 / 10 / 5

إلى مصر الحبيبة!!

لا أريد في هذا المقال أن أكون أكثر مصرية ووطنية من أشقائي وأخواني المصريين، لكنني أريد أن أكون أنساناً، وأكتب ما يمليه عليّ ضميري، ويطمئن له قلبي، وينشرح له صدري..
أريد أن أدون عن جريمة بحق الإنسانية ارتكبت في ساحة رابعة العدوية، وفي وضح النهار، أمام أنظار البشرية مجزرة راح ضحيتها أكثر من ألف شخص، جريمة يراد اليوم طمس معالمها وشيطنة ضحاياها الأبرياء، أنا أتحدث عن رابعة العدوية.. تلك المجزرة المروعة التى لم تشهد الإنسانية لها نظيرا مئات الآلاف من المعتصمين السلميين، يريدون عودة الرئيس مرسي الذي تم إسقاطه عن طريق انقلاب عسكري خسيس، إلا أن العصابات الإجرامية في هذا الانقلاب أرادت أن تنتقم من الشعب الذي انتفض ضد نظام مبارك في 25 يناير فلم يروا معتصما إلا قتلوه، ولا جريحا إلا اعتقلوه وعذبوه، ولا يفرقون بين إمرأة أو رجل.. صبيا كان أم شيخا.
وهل ننسى صرخات ذلك الطفل في أول طفولته حين فجع بأمه الشهيدة وهي غارقة في دماءها يصرخ قائلا: "أصحي يا ماما بالله عليك"..
رابعة العدوية التي قدم فيها الآلاف من الثوار دماءهم وأرواحهم قربانا على معبد الحرية.. رابعة العدوية التي يقول فيها الأستاذ إبراهيم اليماني: "رابعة هي كربلاء عصرنا.ففيها وقف الحق الناصع المجرد من كل قوة سوى قوة الإيمان والمبدأ، في مواجهة الباطل الصراح المتسلح بكثافة القوة المادية والبطش الدموي والمال الحرام...والتواطؤ المخزي"، ويصف رابعة العدوية فيقول: "ملحمية بطولية في القرن الواحد والعشرين تشبه أصحاب الأخدود" وتقول المناضلة الجزائرية منار منصري التى كانت متواجدة في الأيام الأولى من الاعتصام قبل فضه: " مكان خارج الزمان والمكان، أرانا لمحات من الدولة الإسلامية وأخلاق المسلمين الحق".
من خلال أحداث رابعة نستنتج الأمور التالية.. لقد حُظِيَ الانقلاب الذي حدث ومن بعده المجزرة في رابعة العدوية بدعم سعودي وكويتي، وهذا الآن - السعودية - تخاف من كل الحركات الإسلامية الأخرى، وهذا من أجل الحفاظ على الوهابية التي أثبت الزمان أنها أعجز من أن تمثل وتحتوى الإسلام.
لقد سارع شيوخ الأزهر وبعض الشيوخ المحسوبين على الوهابية إلى دعم الانقلاب و ارتكاب المذبحة، وهذا يعنى المتاجرة بالدين، إذن لا فرق بينهم وبين شيوخ داعش الذين يبررون قتل الأبرياء باسم الدين.
لقد كانت إسرائيل من أشد المتحمسين للانقلاب، وهو ما أثبتته الأيام من ولاء أعمى من قبل الزعيم السيسى الذي يحاصر غزة بكل صوره ويرحب بالطائرات الإسرائيلية التي تقصف أهل سيناء، والغرب كان يمارس منذ البداية النفاق بداعي مناصرة الديمقراطية، وفي الخفاء يهلهل الانقلابيين، لذلك لا شيء يرجى من اللجوء إلى أوروبا، لقد أثبتت الأيام أن حكم السيسي هي أسوء فترة مرت بها مصر، فالحريات تتراجع والسجون ممتلئة عن بكرة أبيها، والاقتصاد في تراجع مستمر، لقد أثبتت الوقائع أن الانقلاب ارتكب كل تلك المجازر..
والآن كل الجماهير تدافع عن كيانها المجيد وعزها التليد، حاملة باعتزاز وحماس لواء النضال بحثا عن هويتها، وعن شرعيتها وحريتها الفتية، لقد كهرب كفاح الشعب المصري كل المعمورة..
إنني عبر هذا المقال أصرخ بأعلى صوتي، أصحي يا مصر، فقد انكشفت الغيوم وانقشعت الغياهب وأصبحت الحالة حالة موت أو حياة ... وجود أو عدم...أيها المترددون أمامكم خياران لا ثالث لهما إما الالتحام مع الشعب في معركته الخالدة من أجل الحرية، أو الانفصال عنه؛ وسيسجل التاريخ في صك الخلود أسماء أولئك الرجال وتلك النساء الذين قدموا أرواحهم قربانا على معبد الحرية .. أيها الشعب المصري: الحرية تلوح في الأفق...أجل! إن الوقت الحاضر ملئ بآلام تنفطر لهولها الأكباد..إلا أن الفجر أخذ يلوح شيئا فشيئا...أما قادة الانقلاب فلا تفرحوا بدعم المقدم لكم..فإن كل الأحرار في مصر متيقّنون بأنّ الاستبداد لا محالة زائل، طال الزمن أم قصر.. إذ أن دار لا أساس لها لابد أن تنهار يوما ما..أيها الشعب المصري وصل المسير وسيسير معكم كل أحرار العالم مرددين معكم النداء الخالد الذي ردده الثوار الفرنسيين في 1789 "الحرية أو الموت" والرجل العظيم محمد بديع الذي وقف مواقف العظماء وهو يرى أمواج الاستبداد تتلاطم عن يمينه وشماله فأقول:

هل أتاكم نبأ أسد سجانه حمار
هو بطل عدوية الشجعان
نطق فقال سلميتنا أقوى من الرصاص
فنطق قاضي الدعر فحكم عليه بالأعدام
وألقو به في مدرسة يوسف عليه السلام
ولوح له السفاح بحبل المشنقة فتذكر صاحب الضلال
فابتسم فنام فرأى في المنام
فرعون وجنده
يغرقون في دماء الشهداء



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن