الروائي العراقي سعد محمد رحيم تجارب الروائي في الرواية العراقية الحديثة

مهند طالب الدراجي
susu199331@yahoo.com

2016 / 8 / 18

الروائي العراقي سعد محمد رحيم
تجارب الروائي في الرواية العراقية الحديثة
تتحرك الرواية العراقية الى الأمام عبر بوابات شتى , حيث الخيارات متاحة جميعها في التقنيات الفنية السردية الحديثة والتعبير الذي يستعير الكثير من الوقائع والاحداث وفق مونولوجا رؤيويا خاصا يتناول شخصية ما يمنحها كل توابعها من رسائل ومذكرات ومدونات ومقتنيات واتجاهات وأفكار , زمن ومكان وأصوات .
للروائي سعد محمد رحيم - الصعود إلى برج الجوزاء.. قصص 1989. بغداد وظل التوت الأحمر 1993. بغداد وعولمة الإعلام وثقافة الاستهلاك.. دراسة ـ بغداد 2011 وعدد من المجاميع القصصية و هي والبحر.. قصص 2000. بغداد وغسق الكراكي.. رواية 2000. بغداد والمحطات القصية.. قصص 2004. بغداد وتحريض و قصص 2004. دمشق.و زهر اللوز و قصص2009 بغداد .
نستطيع ان نجد في هذه الأعمال بعض من سعد محمد رحيم , بعضه الذي كان فيه أو مر عليه أو عايشه أو سمع به أو شاهده , إنه يؤمن بالكتابة التي تنصهر فيها تجارب الروائي بأعماله , كما صرح بذلك 2006 إذ قال :(( النصيحة الذهبية التي يقدمها الروائيون الكبار لأقرانهم المبتدئين ، في الغالب ، هي أن يكتبوا عن الأشياء التي يعرفون عنها أكثر من غيرها ، وهذا يعني أن يقتربوا من تجاربهم التي تمثلوها ، ومشاهد الحياة التي خبروها ؛ أي أن يكتبوا عن حيواتهم وعصرهم ، والناس الذين عاشوا معهم ، ولهذا نرى أن الأعمال الروائية الخالدة هي تلك التي كانت في جوانب منها سيراً لأصحابها ، أو شذرات من هذه السير . فكان همنغواي / الروائي موجوداً في رواياته ( الشمس تشرق غداً ، وداعاً للسلاح ، لمن تقرع الأجراس ، عيد متنقل .. الخ ) وكان بروست / الروائي موجوداً في روايته ( البحث عن الزمن الضائع ) وكان هيرمان هيسه / الروائي موجوداً في رواياته ( دميان ، سدهارتا ، كنولب .. الخ ) وكان نجيب محفوظ / الروائي موجوداً في ثلاثيته ، وهكذا الأمر بالنسبة لنماذج أخرى كثيرة .)).
لذلك فهو يتوغل في ذاته وأفكاره وينصت للعالم الذي يعيشه بكل ما يحيط هذا العالم , للفن للمسرح للموسيقا للأدب للرسم للنحت للرقص للغناء , انه الروائي الذي يصهر المعرفة في سردياته , المعرفة التي تشكلت دوامة من الرؤى تدور في مخيلته , جعلت منه رجل ينظر للعالم المعرفي وللعالم الافتراضي بينما عالمه الواقعي غير الذي لمسه في قناعاته الشخصية كمثقف وأديب روائي , يستشهد الروائي سعد محمد رحيم بكبار وعمالقة الرواية العالمية وكيف انهم كانوا جزءاً من رواياتهم واعمالهم , مهما أختلف هذا الجزء في ملامحمه وصفاته وأزمانه وأماكنه , الا انه كان واضحا وجليا يحمل في مضمونه أجزائهم الشخصية , أفكارهم , قناعاتهم , قيمهم , مبادئهم , خوفهم , قلقهم , عشقهم , مغامراتهم .... ألخ.
لذلك فالروائي سعد محمد رحيم يرسم ملامح شخصياته بكل العقد والتناقضات التي تنصهر فيها بيئتهم الظرفية والثابتة , عالم من النظرية السيكولوجية التي ربطت الفن باشياء اخرى غير ذاتها , وطالما كان الروائي ذا أحساس مفرط فأنه يستمع وينصت لكل الثقافات التي يمر عليها أو يعيشها أو يفكر بها , تلك الثقافات المتعددة , ثقافة الافتراض , ثقافة الواقع , وهي ثقافات لها ايديولوجيا خاصة بها كما تختلف الاساليب الفهمية والادراكية بين مثقف وآخر , بين شاعر ومتلقي , بين روائي وقارئ , بين متعلم وجاهل , حيث نجد القيمة التوصيلية مرهونة بالمستوى الحسي الذي يعيشه الأخر وقابليته على فهمه .
يحاول الروائي في مجمل أعماله ان يجمع بين ما هو نفسي وأجتماعي وفني في لحمة واحدة , يستطيع من خلالها استقراء الرؤية التي تنطلق من القارئ نفسه , فلم يكتفي بامتاع القارئ فحسب بل إنه يريد أن يؤثر فيه , يريد أن يترك حسّا آخراً لحسّ القارئ , كي يستطيع أن يفرق بين ما يشعر به وبين ما لدى الآخر , نستطيع ان نطلق عليه بـ (الانتباه الاسـتطيقي ) حيث وجود الوعي الجمالي الذي يشترط الدقة والاهتمام بالتفاصيل , والتأكيد على القيم الفنية والابداعية ونسيجها الداخلي الذي يجعل عملية من التفاصيل أثراً للوصول .
يعتقد الروائي بان حياة الكاتب عندما تكون خصبة مليئة بالتجارب فهي حياة قد اتكأت على خلفية سياسية واجتماعية وتاريخية فكانت نتاج هذا الابداع الذي تجلى بمحاكاة الواقع والتجارب الكثيرة التي خزّنتها الذاكرة , فتكون لغة الكاتب هي مرآة تلك التجارب وانعكاسها على الكتابة السردية الروائية .لذلك هنالك علاقة ما بين الرواية التي هي عمل فني خيالي , وبين السيرة الذاتية التي هي عمل فني واقعي , هذه العلاقة هي علاقة صلة جنسية , صلة تحدد معالم كل منهما وفق التجربة وفق المعايير الفنية المعتمدة في السرد وتقنياته الحديثة , اذ يستطيع الروائي ان يكتب سيرته الذاتية او تجاربه الشخصية بأسلوب فني يمنحه مساحة شاسعة للتعبير سواءا المباشرة او الرمزية, وبذلك فأن لغة الكاتب الفنية موسومة بالتماثل الذي يكتشفه القارئ في مضمون النص الروائي فيلمس بعضا من الكاتب في نصه أو كله , وهذا ما أشعر به في شخصية الروائي سعد محمد رحيم الذي يظهر أدواته السردية وفق رموز ودلالات واشارات مموهة يتضمنها النص , فهو سارد لم يعبّر عن تجاربه بلغته حرفياً؟ بل أنه يوحي بها من خلال تعبير سردي فني داخل النص .



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن