هل سيسمح الموصليون بتدمير مدينتهم؟؟ ما بين حركة الشواف، و إنتفاضة ربيع 1991 و داعش 2014؟

هشام عقراوي
akreyii@gmail.com

2016 / 8 / 5

أود هنا تسليط الضوء على بعض الوقائع التأريخية حول مدينة الموصل و تصرفات أهلها حيال مدينتهم. و قد عايشت شخصيا سنة 1991 احدى تلك الحقائق وأدرك مدى حرص أهالي الموصل على سلامة مدينتهم و التي لربما يفضلونها في بعض الاحيان على حتى معتقداتهم. كما أود أيضا استباق الاحداث بعض الشئ و الحديث عن مدى استعداد أهالي الموصل لتدمير مدينتهم بنفس طريقة تدمير الفلوجة و الرمادي و حلب و كوباني و الكثير من المدن الاخرى العراقية و السورية و الكوردستانية التي أحتلتها داعش و من ثم تم تحريرها.
ففي ربيع 1991 حصلت حركة ( لا أطلق عليها ثورة أو تمرد حفاضا على الحيادية و التركيز على لب الموضوع) المقدم الركن عبدالوهاب الشواف في الموصل الذي كان من أهالي الموصل و اراد الخلاص من حكم عبدالكريم قاسم الذي تحالف مع الشيوعيين و الكورد في بداية ثورتة 1958ضد الحكم الملكي.
نتيجة العمليات العسكرية و الانتقامات بين الطرفين تعرضت مدينة الموصل الى عمليات قتل و سحل في الشوراع و عمليات سلب و نهب كثيرة أثرت على أهالي المدينة و تركت اثار نفسية كبيرة عليهم. الموصل معروفة بتوجهها القومي و هي مدينة ذات خليط قومي عربي،كوردي، مسيحي، تركماني، ايزدي و شبكي. طريقة تعامل عبدالكريم قاسم و حلفاءة الشيوعيين و حركة المرحوم مصطفى البارزاني كانت سببا في زيادة النعرات القومية في المدينة. و لم ينسى الكثير من الموصليين ما حصل لهم و لمدينتهم من قتل و سحل و نهب الى أعوام الثمانيات حيث كنت أعيش في المدينة.
في عام 1991 و عندما حصلت أنتفاضة 1991 في جنوب العراق و من ثم في اقليم كوردستان، لم تكن الموصل بعيدة عن تلك الانتفاضة و لكن أهالي تلك المدينة لم ينتفضوا ليس حبا بصدام بل لأن الكثير منهم كانوا يخافون من ما سيحصل لمدينتهم في حالة دخول القوات الاخرى الى المدينة، و أن كانت كوارث حركة الشواف عام 1959 ستتكرر.
في حينها اي ربيع 1991كنت أعمل ضمن اللجان الثورية التي تشكلت لتحرير أقليم كوردستان و باقي المدن العراقية من نظام صدام حسين. و قد حاول المقاتلون لعدة مرات الاقتراب من مدينة الموصل و الدخول اليها و لكن لم يجدوا تجاوبا يذكر من قبل أهالي المدينة. و في النصف الثاني من شهر اذار 1991وصل الى مدينة عقرة وفد من و جهاء مدينة الموصل و طلب عقد أجتماع مع مسؤولي الانتفاضة. و تم الاجتماع بالفعل و تم طرح التالي من قبل وجهاء المدينة: " سوف نشارك في الانتفاضة و نقوم بتسليم المدينة الى الانتفاضة بشرط واحد و هو أن تعدونا بأن لا يتم تخريب المدينة و أن لا يقوم المسلحون بعمليات السلب و النهب كما حصل في زمن الشواف"
هذا الكلام كان قبل حصول الاتفاقات الدولية بين حزب البارزاني و الطالباني من جهة و بين امريكا و العراق من جهة أخرى.
النتيجة كانت بقاء مدينة الموصل تحت الحُكم الصدامي لغاية سنة 2003 و عندها أيضا تم أعطاء قيادة البيشمركة التي دخلت الموصل من قبل البارزاني شخصيا الى مشعان الجبوري الذي هو من ابناء عشيرة الجبور العرب الساكنة في المحافظة. في عملية تحرير الموصل سنة 2003 حصلت بعض عمليات السلب و النهب و قد عارضها أهالي المدينة بقوة الامر الذي كان سببا في أبعاد القوات المؤتمرة بأمرة مشعان الجبوري من وسط المدينة.
بعد سنة 2003 حصلت عملية تسليم مدينة الموصل الى داعش 2014 و جرت بشكل نظيف جدا حيث لم يتم تدمير المنازل و لا قتل الاهالي و لاعمليات سلب و نهب تُذكر. و المحافظ و العسكر و السلطات خرجت بهدوء. و هذا دليل اخر على أن أهالي مدينة الموصل مستعدون لعمل أي شئ من أجل تفادي تدمير مدينتهم و سلب ممتلكاتهم. و أن كانت داعش قد قامت ببعض العمليات فهي لم تكن ضد الممتلكات الشخصية لاهالي الموصل بقدر ما كانت ضد الاثار و الكنائس المسيحية و مراقد الائمة الكورد.
و هنا نأتي الى السؤال المهم و هو: هل سيسمح الموصليون بتدمير مدينتهم في عمليات تحرير المدينة من داعش بعد أن حافظوا عليها من التدمير طوال السنوات الماضية؟ و هل ستلجئ داعش الى معاقبة أهالي الموصل و تجاوز خطهم الاحمر ألا و هو سلامة ممتلكاتهم؟
الواقع التأريخي لأهالي مدينة الموصل يقول أن داعش ستخرج من المدينة بنفس طريقة دخولها اليها. و لكن طبيعة داعش و مقاتليها الذين أتو من خلف الحدود لا تطمئن.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن