بأي معنى يمكن الحديث عن احتضار الرأسمالية؟

حاتم بشر
hatem.beshr81@gmail.com

2016 / 8 / 5

1-بدلا من المقدمة.
مَعلوُمٌ أن ماركس وانغلس كانا قد توصلا إلى استنتاج حتمية نشوب ثورة شعبية في روسيا. ولقد برهن التاريخ صدق تبصرهما ونفاذه. معلومٌ كذلك أن لينين قد أطرى، عن حقٍ، تلك الثقابة في الإستبصار العلمي. بيد أنه أخذ عليهما-وهذه واقعة قلّما تُذْكر- عدم التروي وتعجلهما في تعيين موعد بعينه في القريب العاجل لقيام الثورة، وهو الخطأ الذي بيّنت بُطلانه الأيام.
ولما تورطت ثلة من الإشتراكيين في تعيين موعد بعينه لقيام الحرب، هب لينين ضد تلك النظرة ”الطفولية“، ضد ذلك التنجيم اللاعلمي مهما تدثر برداء العلم، الذي يتوهم في نفسه القدرة على تحديد وقائع الغد البعيد بدقة رياضية. وعرى فساد منطق هؤلاء الذين قال فيهم:”يحاولون معرفة ما لا يمكن معرفته“.
تلك لمحات إلى زاوية معينة من نهج الرجل، أرى أنه من اللازم علينا تدبرها مليا، قبل الشروع في مقاربة فكرته التي تقول بأن ”الإمبريالية هي عشية الثورة الإشتراكية“، تلك العبارة المشهورة بما فيه الكفاية، المفهومة فهما غير كاف. ذلك لأنه، بحسب نظرية طوباوية رجعية ظفرت بالإنتشار فترة من الدهر في أوساط ”اليسار“، تم تفسير المفهوم اللينيني للإمبريالية بوصفها رأسمالية في طور الإحتضار، على أنه ينصّ على توفر أوضاع ثورية في سائر الأحوال وفي كل حين. هذا إلى جانب اليمينيين الذين يتخذون من لفظة ”عشية“، أو بالأحرى من فهمهم الآلي الحرفي المبتذل لفكرة عشية الثورة؛ حُجة على لينين. فمن أجل تقوية حججهم الواهية يسلكون أحط طرائق ”التحريف“، فيقتطعون جُملاً بعينها من لينين، بينما يضربون صفحا عن تتمّتها الشارحة، المؤدية للمعنى. فعلى سبيل المثال، يروق لهؤلاء الإستشهاد بعبارة لينين التي يؤكد فيها بأنه ”على صعيد الخراب العالمي الذي سببته الحرب الإمبريالية(الأولى) تشتد الأزمة الثورية العالمية التي لا يمكنها أن تنتهي الى غير الثورة البروليتارية وظفرها..“. ولكنهم يغضون الطرف من دون خجل عن بقية الجملة: ”مهما كانت طــــــــــويلــــــــــة وقاسية تقلبات الأحوال التي لا بُــــــــــد لها أن تجتازها“.




https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن