مبسط حول التحول الديمقراطي - المقال

يزن عدنان
yazen0007@yahoo.com

2016 / 7 / 29

الامس قد مضى ... وغدا قد يفوت الاون !
لينين ...
بداية علينا ان نفصخ هذه الجملة لنتعرف على مفرداتها فلسفيا فما هو مفهوم التحول والانتقال وماهو الفرق بين التحول والانتقال ؟
أن الانتقال هو أحد مراحل عملية التحول ويعد من اهم المراحل نظرا لإمكانية حدوث خلل في بنية الحركية للنظام ، حيث أن النظام في هذه المرحلة يكون ذو طبيعة مختلطة غير مستقرة حيث تتعايش فيه كل من مؤسسات النظام السابق والاني والحديث , ويشارك فية كل من ذوي الاتجاهات المختلفة التي كانت تتصارع في السلطة عن طريق الاتفاق الحرج !
اما مفهوم الديمقراطية فهي تعني وجود عقد اجتماعي مقبول لدى عامة افراد المجتمع , فهي حكم الاكثرية الذي يفترض به ان يوفر حماية حقوق الانسان وحقوق الاقليات والتداول السلمي للسلطة والانتخاب , عن طريق سن وتثبيت قوانين يحفظها دستور مقبول به من الجميع , و قد تطور هذا المفهوم الان وبات يشمل حق التعليم والصحة والعدالة الاجتماعية وقيام مؤسسات حقيقية فاعلة ومستقله ويندر ان تقوم دولة بتطبيق هذه المفاهيم كاملة بل ان بعضها لا يلقى أجماعا بين الديمقراطيين انفسهم !
بداية ان هناك الكثير من التجارب النموذجية في مسألة التحول الديمقراطي لبعض الدول القليلة وعلى سبيل المثال دولة جنوب افريقيا التي تعتبر نموذج في المصالحة الوطنية و التحول الديمقراطي ويعد تعاطي الدولة في حينها نموذجيا مع الازمات التي كانت تهيمن عليها و يعد نيلسون مانديلا واحدا من أكثر الشخصيات التي حظيت بالاحترام والتقدير على مستوى العالم ، ليس فقط لكونه قاد كفاح مواطنيه السود لإلغاء نظام الفصل العنصري الذي طبق بمنتهى القسوة في جنوب إفريقيا وتسبب ذلك في سجنه لمدة 27 عاما ، رفض خلالها أن يقايض حريته بمبادئه التي آمن بها ، ولكن لكونه استطاع أن يقود بلاده نحو التحول لدولة ديمقراطية متعددة الأعراق ، وفى سبيل إنجاح هذا التحول دفع بكل جهده نحو عملية مصالحة اعتبرت الانجح على مستوى العالم ، ونموذجا يحتذى به عند الحديث عن تجارب التحول الديمقراطي، الأمر الذي أسهم بعد ذلك في جعل بلاده تتربع على عرش القارة اقتصاديا طبقا للتقديرات الدولية وهناك الكثير من الدول التي نستطيع ان نستلهم دروسا وعبر من تجاربها
متى تبدأ عملية التحول وماهي العوامل الداخلية والخارجية التي تؤدي الى ذلك ؟ لنسترشد بالماركسية عندما تخبرنا ان التحول غالبا ما يكون من الخاص الى العام وان الوجود الاجتماعي يحدد الوعي الاجتماعي وان الوعي ماهو الا انعكاس الواقع الموضوعي في مادة معقدة التنظيم تدعى الدماغ فان العمل والذي هو نشاط انساني واعي وهادف مع الانتاج هو الذي يؤدي بالمجتمع الى الانتقال من تشكيلة اجتماعية اقتصادية الى تشكيلة اجتماعية اقتصادية اخرى متطورة اكثر وهكذا يتطور ويتحرك وعي الانسان فمثلا نحو التحول الديمقراطي ممكن ان نلخص الاتي
العوامل الداخلية : 1- حدوث خلل داخل النظام السياسي المهيمن او التحالف السياسي واختلال التوازن فيه نتيجة انشقاق طرف يطالب بالاصلاح 2- حدوث حراك اجتماعي يطالب بالاصلاح مثل تجربة تونس ومصر 3- وجود قوى معارضة تطلق حركة احتجاجية تهدف الى اسقاط او اصلاح النظام 4- قوة المجتمع المدني حيث تعتبر مؤسسات المجتمع المدني "حجر الأساس" للديمقراطية حيث انها أصبحت المصادر البديلة للمعلومات والاتصالات ، فهم يتحدون الأنظمة السلطوية من خلال تتبع المصالح التي تتصارع، والتي تؤدي إلى تآكل قدرة الحكام الدكتاتوريين على السيطرة على مجتمعاتهم 5- تطور قوى الانتاج التي كلما تطورت أثرت على علاقات الانتاج وبالتالي تؤثر على البناء الفوقي للتشكيلة الاقتصادية والاجتماعية . والمهم من كل هذه العوامل الداخلية ان نشخص تماما وان نحلل اين ومتى وكيف حدث الخلل حتى نستطيع ان نقرأ ما ستؤول اليه الاحداث والاوضاع بصورة عامة !
العوامل الخارجية : 1- عمليات التدخل العسكرية : فبعضها يهدف الى اسقاط دكتاتوريات طبقا لمصالح المحتلين او انظمة تؤدي الى تحول ديمقراطي في تلك الدول وتؤثر على طبيعة اقتصادها .
2- المؤسسات المالية والدولية وصندوق النقد والبنك الدولي : هذه المؤسسات المالية والانسانية الدولية تؤثر بتقاريرها حول حقوق الانسان والانتهاكات بالرأي العام داخليا وخارجيا وكذلك تلك المؤسسات المالية تقرض الاموال دعما لتلك المشاريع والتي غالبا مايكون ورائها هدفا اقتصاديا لمصلحة دولة معينه ويظهر ذلك جليا في الشروط التي يضعها البنك الدولي مثلا .
3- التدخل السياسي يظهر هذا التدخل بشكل واضح على سبيل المثال في لبنان كيف ان عدة دول تؤثر في ذلك البلد الصغير وتقسمه الى عدة اجزاء كل جزء يؤثر ويتأثر بالاخر ويحدث طراع بعد التراكم يؤدي الى نشوب حروب اهلية بين الطوائف
4- التأثر بالمحيط الذي يشبه العدوى في الانتشار و التقليد للتحول الديمقراطي الناجح من دولة إلى دولة أخرى، حيث يشجع ذلك على إحداث تحول ديمقراطي في دولة أخرى، ففي أوائل موجة التحول الديمقراطي ونجاحها في العالم شجعت الدول الأخرى على السعي في طريق الديمقراطية ، فالتقليد يشبه إلى حد ما كرة الثلج التي يتزايد حجمها كلما تدحرجت و مثل تاثر بعض الدول العربية بحركات الربيع العربي
5- التدخل الاقتصادي يمكن ربط هذا التدخل بالمؤسسات المالية الدولية او ممكن ان يحدث عن طريق فرض حصار على دولة من الدول من اجل اهداف معينة .
اشكاليات واسباب التحول الديمقراطي :
1- لإشكالية الأولى ربما تتعلق بالتخوف مما يطلق عليه سيطرة المؤسسة العسكرية على المجال العام أو ما يعرف باسم "عسكرة الدولة" والمعني بذلك أن أغلب المناصب في الجهاز البيروقراطي للدولة قد يكون من نصيب عاملين سابقين في المؤسسة العسكرية او رجوع فاسدين وبرجوازيات محلية كانوا يحاربون النظام الدكتاتوري من اجل مصالحهم الخاصة
2- الإشكالية الثانية هي عملية المصالحة الوطنية و أداء وسائل الإعلام الذي قد يكون مازال مرتبط بمصلحة مع النظام القديم او البرجوازيات التابعة له
3- الموقف الدولي الجديد والتحدي امام الحكومة الديمقراطية لاقناع الرأي الدولي بعدالتها الاجتماعية
4- اذا اردنا ان نوصف اشكالات التحول الديمقراطي لوضع العراق من حيث الطبيعة الريعية للاقتصاد العراقي بداية ان النظام الدكتاتوري بصورة عامة لايريد ان يكون هناك ترابط بين الحرية الاقتصادية والحرية السياسية لذلك لا يريد ان يغير الواقع الريعي للبلد ! ان معنى الدولة الريعية بأختصار هي الدولة التي يكون انتاجها اقل من 50% ففي العراق معالم النظام الريعي تتعاظم فيه الطبيعة الريعية والاحادية الجانب للاقتصاد وتتفاقم مستويات الفقر وتستمر المعدلات المرتفعة للبطالة والتدهور المستمر في امكانيات القطاع الخاص اضافة الى اهم نقطة اجتماعيا هوتفاقم التفاوت الاجتماعي وتعمق الفرز الطبقي في المجتمع الريعي فما ينتج لنا سوى طبقة واسعه من الفقراء والجياع الذين سوف يتحولون بتحول الطبيعة الريعية الى طبقه عاملة تبحث عن مصالحها وتخرج من السلطة الدينية التي تهيمن في كل دولة ريعية .
علينا ان نعرف ان سقوط النظام الاستبدادي لا يعني قيام منظومة ديمقراطية وانما يمكن اعتبارها الخطوة الاولى في في بناء تلك المنظومة فغالبا تلك الدول التي يحدث فيها هذا الشرخ في النظام تمر بما يسمى بالديمقراطية الوليدة التي تشوب وتستغل من قبل سياسيو المرحلة الذين يأتون بعدة طرق واغلبها الدين السياسي او سلطة الاحتلال فعملية التحول الديمقراطي يحتاج الى عوامل عديدة منها
1- الوعي المجتمعي فالمجتمع بحاجة الى وعي سياسي و منظومة من المعارف السياسية التي تتضمن قيم وأتجاهات سياسية مختلفة , يستطيع من خلالها الفرد التعرف على الظروف والمشاكل التي تحيط به محليا وعالمياً , ويحدد مكانه وموقفه منها والمساهمة في تغييرها أو تطويرها
2- قوى سياسية مؤمنة بالديمقراطية لكي ينعكس ذلك الامر على العلاقة بين التكوينات الاجتماعية والمذهبية والدينية.
3- وجود مجتمع مدني فاعل ومؤثرباعتباره المقوم الرئيسي الذي تستند عليه عملية التحول الديمقراطي لما يقوم به من دور في الحد من الاستبداد السلطوي للحكومة ومراقبة عملها بشكل مستمر لئلا تتجه نحو الاستئثار والانفراد.
4- ايقاف التدخل الخارجي في شأن البلاد على كل المستويات
5- مؤسسات دولة قادرة على النهوض في مهامها و الابتعاد عن شخصنتها وذلك يفترض وجود مؤسسات ثابتة واعدة
6- الاسراع في بناء منظومة ديمقراطية دستورية قانونية تضمن حقوق المواطنين
7- لاهتمام بالتعليم لما له من دور بارز في تعزيز عملية التحول نحو الديمقراطية، حيث من خلاله يمكن نشر ثقافة سياسية ونشر قيم التسامح والحوار والقبول بالآخر، بالشكل الذي ينشئ جيلاً جديداً حاملا للديمقراطية
7- عدالة انتقالية قابلة للتحقيق : ان كل نظام استبدادي يمارس الظلم والتعسف تجاه شريحه اجتماعية معينه حيث ان هذه الفئات عندما تتحرر من سطوة هذا النظام فانها تبحث عن وجود لها لكن السؤال هنا بأي طريقة ؟ ان مفهوم العدالة الانتقالية هو محاسبة كل من كان يمارس التعسف والاضطهاد لشريحه معينة من الشعب وتعويض المضطهدين من النظام و التمييز الايجابي للفئة المظلومة وليس التفضيل والتمييز السلبي !! اي رفع القيمة الانسانية فعملية العدالة كلما كانت لاتحمل روح ثأرية ورغبة بالانتقام كلما كان التحول سريع للديمقراطية وهناك الكثير من التجارب المفيدة لنا مثل جنوب افريقيا والمانيا ويمكنكم الاطلاع على معاهدة فرساي والاستفادة منها لنميز معاني ومفاهيم التي تشوبها الكثير من الافعال المشينة لبعض الدول بتغيير مفاهيم معينة وفرض المعنى التي تؤمن به لهذا المفهوم وتعممه على العالم مثل ما يسمى بالديمقراطية الامريكية ! فشجرة الحياة خضراء والنظرية رمادية اللون !!
يزن عدنان



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن