قناع الشمع

شذى احمد
schataly@gmail.com

2016 / 7 / 26

اتوخى الحذر، واتمنى النجاة من مطبات سوء الفهم الذي ينحر قبل السكين على الدوام لقلة صبرنا ، وسرعة احكامنا على ما نسمع لينتهي قرارنا قطعي وكثيرا ما يكون مجحف بحق بعضنا البعض .. حيث لا نترك لأنفسنا متسع من الوقت لفهم المطلوب او كما يقال لقراءة ما جاء خلف السطور


من افضل انواع المجرمين أولئك الذين يملكون الشجاعة ليظهروا للعلن حقيقة اعمالهم ويتحملوا مسؤولية نتائجها ، ويتلخص اجرامهم بانهم خارج السياق الحضاري لبلدانهم ، وقد تسببوا بالاذى له، مظهرين استعدادهم للعقاب
فتجدهم لايتبرأون من اعمالهم ـ رغم بشاعتها ـ ويبقون متمسكين باقوالهم معتبرين ما قاموا به هو الطريق الصحيح وفق مفهومهم للصح والخطأ

وربما خير مثال على ذلك النازيون الجدد منهم والقدماء. الحكام المستبدين الذين لفظتهم جميعا ويلفظهم المجتمع الانساني في كل زمان ومكان
لكن اسوء انواع المجرمين ، اولئك المتسترين باقنعة الشمع، الذين يسوقون انفسهم كقادة فكر .ويبدون حرصهم الشديد على نهضة مجتمعاتهم ، ولا يتوانون في اظهار مثالبة وفضح عوراته متشدقين بخياراتهم الكونية بدءا بايمانهم بالليبرالية والعلمانية و... الخ من التسميات التي تدرء عنهم تهمة الانتماءات الضيقة . كالطائفية او القبلية … او حتى الدينية و العرقية
لكن ما ان تتوالى الاحداث حتى يذوب قناع الشمع الذي يتسترون خلفه. فتتضح لك ملامحهم الحقيقية مستشفا فيما وراء سطورهم حقيقة اطروحاتهم، فتتوقف عن الاهتمام بشتائمهم لنا ، وانتقاداتهم اللاذعية ومن ثم الالفاظ النابية والتهكمات التي يغرقوننا بها

لانهم باختصار لم يكونوا يوما صادقين معنا ومع انفسهم . ظنوا لسذاجتهم بانهم قادرون على التخفي خلف اقنعة الشمع الى الابد ذلك الشمع الذي لم يقاوم لهيب وحرائق الاحداث المتسارعة التي يمر بها العالم
ولعل تحزب الكثير من هؤلاء لن يترك لك مجالا للشك بكل ما فكرت به عنهم وعن حقيقة اطروحاتهم.لذا لم يعد تحليل الاحداث ، والاستماع وقراءة كل ما يكتب عنها كافيا لكي تصل لحقيقة الامور بل عليك البحث خلف اقنعة الشمع او الانتظار لاخر سطر حيث تتبين لك حقيقة ملامح اختبأت خلف اقنعة الشمع

والمؤلم حقا.. ان تجد نساء في هذا الحفل التنكري. كان تسمع تلك الشتائم والتحقير لهذه الفئة او تلك لانها ابتهجت على سبيل المثال بفشل الانقلاب على اردوغان مثلا - حيث كان ومازال شأن تركي داخلي بحث -. وتطلق العنان لقريحتها لتثليب كل من سار على هذا النهج . ورغم حرية الخيار للجميع الا انها ترفض ذلك من دافع عرقي طائفي خالص تظن بانها نجحت باخفائه لكنها بحقيقة الامر تدافع عنه بكل ما اوتيت من قوة. خصوصا عندما تجد عند هذه الكاتبة او تلك نعومة في انتقاد نظام الملالي وتجميل افعاله غير القابلة للتجميل. المرأة في ظل النظامين السني والشيعي لم تنل حقوقها. لكن الهدر الاكبر لحقها العام يقع على عاتق من تكتب باسمها، ولكنها بالحقيقة تكتب لهذا النظام او ذاك

كيف لنا الخلاص من خطط ،ونوايا مقنعي الشمع هؤلاء.. ببساطة بمعرفة حقيقة الشمع ومدة صلاحيته مع مراعاة درجة حرارة وعينا وادراكنا لما نريد سواءا كنا نساء ام رجال سيان . فنحن نكتب ونقرأ لنعرف ونسمع الافضل ولننهض من كبوتنا التي طالت
التحليل وعدم استباق الاحداث والتسرع بالحكم كلها ادوات ونقاط ضعف يتعكز عليها هؤلاء لاغوائنا ،وادخالنا في دوامات اليأس والضياع
فياحبذا لو ارجانا قراراتنا واصطفافنا حتى تنكشف لنا الحقيقة كاملة وكلنا يذكر مقولة عمر بن عبد العزيز: إذا أتاك الخصم وقد فقئت عينه، فلا .. تحكم له حتى يأتي خصمه؛ فلعله قد فقئت عيناه … هذا ربما يسهل علينا ويمدنا بالعقلانية فيلحقنا بركب الامم المتحضرة التي تعمل العقل بدل العاطفة عند تعرضها للازمات
هذا التحدي بالذات شديد الاهمية للمرأة التي تلصق بها على الدوام تهمة الانجرار وراء العاطفة


ملاحظة: قد يقول قارئي اللبيب: وانت لما تتحدثين عن الاقنعة وتتسترين بقناع التعميم ، لما لاتذكرين اسماء . لما لا تملكين الشجاعة لفعل ذلك. وهو محق . ربما يكون موقفي نابع عن جبن !!... لكن الاهم من ذكر الاسماء ،وشخصنة القضية لتنحصر الفكرة،ومن ثم تحديدها باسم ام اسمين... فيستعرض المرء كتاباتهم مسلطا الضوء عليها مانحا اياهم مزيدا من الاهتمام ...اقول الاهم من كل هذا هو عدم السكوت على هذه الفئة من المقنعين وفضح نواياهم،واهدافهم الحقيقة... اذكر القراء الكرام بانها ظاهرة مستشرية بين الاقلام تكاد لولا يقظة البعض تخنق احلامنا بجدوى الكلمة . احلم بانكم وجدتم لي عذرا والا ساجتهد كي اكون اكثر شجاعة مستقبلا



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن