ماذا يعني إدراج الأهوار في لائحة التراث العالمي؟

ضياء رحيم محسن
almohseendiha@yahoo.com

2016 / 7 / 18

تذكر النصوص التأريخية بأن ملحمة كلكامش المكتوبة قبل 5000 عام وباللغة السومرية، كتبت في هذه المنطقة من جنوب العراق، وتؤشر الملحمة الى طلب الخلود من قبل سكان هذه المنطقة منذ ذلك التأريخ، وهو شيء لم نجد له أثر لدى أي شعب أخر.
يقطن الأهوار ما يزيد على مليون مواطن عراقي، ينتمون الى عشائر عراقية أصيلة، في وقت نجد أن سكان المناطق الأعمق في الأهوار يطلق عليهم (المعدان)، ويعتمد سكان هذه المنطقة في الغالب على صيد الأسماك والطيور.
أثناء حكم نظام صدام، ونتيجة للدور الذي لعبته المعارضة العراقية أنذاك، في مقارعتها للنظام، من خلال إستخدامها لمناطق الأهوار الني ينتشر فيها القصب والبردي بكثافة، إضطر النظام الى تجفيف الأهوار، وترحيل سكانها الى مناطق قريبة من المدن، ليسهل عليه السيطرة على تحركاتهم، وهو الأمر الذي أدى الى نفوق أعداد هائلة من الحيوانات التي يعتمد عليها سكان هذه المنطقة في حياتهم اليومية، كما أدى الى نقص كبير في الأسماك التي تمثل غذاءا رئيسا لدى كثير من العوائل العراقية.
وتغير الوضع بعد سقوط النظام، لكن هذا التغير لم يكن تغيرا جذريا لأسباب كثيرة، منها ضعف الدعم الحكومي، وكذلك سيطرة الدول المتشاطئة مع العراق في نهري دجلة والفرات، على جزء كبير من المياه التي تصل الى العراق، بسبب السدود التي أقامتها هذه البلدان، وتحديدا تركيا وسوريا وإيران، وبسبب ضعف الدبلوماسية العراقية لم يحصل تقدم في هذا الموضوع لغاية اليوم.
ما يعاب على الدبلوماسية العراقية حينها، هو المجاملة على حساب حقوق العراق الوطنية، لكن ومنذ ثلاث سنوات تم تشكيل لجان بعضها لا يتبع الحكومة للمطالبة بضم الأهوار الى لائحة التراث العالمي، مع مجموعة من المناطق الأثرية والتي تقع ضمن محافظة ذي قار (الناصرية) في جنوب العراق، وقد حاولت بعض الفاعليات السياسية التأثير على هذا الملف، لأسباب سياسية لإفشاله، لكن خاب ظنها أخير، عندما وافقت اليونسكو على إدراج الأهوار وهذه المناطق الى لائحة التراث العالمي، فماذا يعني ذلك؟
إقتصاديا تعتبر منطقة الأهوار ذات أهمية إقتصادية كبيرة، من الناحية الزراعية والحيوانية، ففيها يتم زراعة أرقى أنواع الرز، بالإضافة الى أنها تعتبر محطة للطيور المهاجرة من البلاد الباردة في الشتاء أثناء موسم التزاوج والتفريخ.
بيئيا تعتبر منطقة الأهوار كرئة تقوم بتصفية الجو من الملوثات التي تنتجها المعامل والسيارات، ولا عجب لو سمعنا أنه قبل تجفيف الأهوار، كانت المياه التي تقع جنوب الأهوار، مياهها أكثر نقاوة من غيرها من المناطق التي تقع شمالها.
إقتصاديا يمكن أن يدر البردي والزراعة وصيد الأسماك والطيور ما يزيد على نصف مليار دولار سنويا، ناهيك عن أنه في حال إستثمار الأهوار بصورة صحيحة بعد ضمها الى اللائحة الدولية، ستكون هذه الأرقام متصاعدة بمتوالية لا يمكن تصديقها أبدا.
كيف يمكن للحكومة إستثمار ذلك لصالح العراق إقتصاديا؟
ما يهمنا في ذلك كله هو الجانب الاقتصادي الذي يمكن أن يستفيد منه العراق (حكومة وشعبا بالإضافة الى المكانة التي يتبوئها العراق من ضم مجموعة من المناطق الأثرية والأهوار الى لائحة التراث العالمي، ذلك لأننا نعلم أن من بين المناطق التي تم التصويت عليها، آثار أور والتي تضم بيت نبي الله إبراهيم عليه السلام، والذي يعد قبلة للمسيحيين، لكن وبسبب ضعف الجانب الترويجي لهذه المناطق، بالإضافة لعدم وجود بنى تحتية، يخسر العراق سنويا عشرات المليارات من الدولارات، بالإضافة الى عشرات الألاف من فرص العمل لأبناء هذه المناطق، عن طريق بيعهم لمنتجاتهم المحلية التراثية للسياح.
كما أن بقية المناطق الآثارية التي تم التصويت عليها لا تقل أهمية عن هذه الأماكن، فأوروك وأريدو مناطق أثرية تضم حضارة وادي ما بين النهرين، بالإضافة الى ما تضمه من حكايات جلجامش وأنكيدو، الأمر الذي يلقي بالمسؤولية الكبيرة على وزارة الثقافة العراقية والمسؤولية في الهيئة العامة للآثار والتراث وهيئة السياحة، لإعداد خطة عمل لما يمكن القيام به، والجلوس مع الحكومات المحلية المعنية في ذي قار وميسان والبصرة، والتي تقع فيها مناطق الأهوار والمناطق الآثارية، والتنسيق بينهم في كيفية الترويج لذلك وأعداد خطط لإستقبال أعداد السياح التي يمكن لها أن تأتي، بعد الترويج الفعال لذلك، كما يحتم على هيئة الإستثمار منح كافة التسهيلات للمستثمرين العراقيين والأجانب، لإقامة الفنادق لإستقبال هؤلاء السياح.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن