الإنسان يقيم خارج كل الأيديولوجيات وكل الأديان وإنه يولد كل يوم بعيدا عن كل العفونات

بشير الحامدي
bechir44n@gmail.com

2016 / 6 / 25

الإنسان يقيم خارج كل الأيديولوجيات وكل الأديان وإنه يولد كل يوم بعيدا عن كل العفونات

إشارة: النص ولد من متابعة لكتابات نضال السالمي

ـ 1 ـ
ما تصورتَه الدين لم يكن هو الدين
وما تصورتَه اليسار لم يكن هو اليسار
وما تصورتَه متدينين لم يكن هو المتدينين
وما تصورتَه يساريين لم يكن هو اليساريين
الإنسان يقع خارج كل هذه التصورات وربما ضدها كلها
ها قد وصلت منطقة المحنة
منطقة المحنة الحقيقية تبدأ بما انتهيت إليه حتى الآن
وها أنك في أول درجات السلّم المحنة
المستقبل في كلمة هو كيف تكون إنسانا وكفى
أي حرا
كيف تكون أنت دون أن تكون في حاجة لأفيون أي كان هذا الأفيون:
الدين
أو الطائفة
أو الحزب
أو الفرقة
أو الدولة
أو السلطة
ولا تكن يتيما
ـ 2 ـ
كيف تصل للمشترك
المشترك اختيار حر أو هو الاختيار الوحيد الحر
لا تكونُ الإنسانَ إلا لما تتمثل إنسانيتك في المشترك أي في مساحة الوعي والممارسة التي تقع في ما بعد هذا الذي يراد لك.
لا تكونُ الإنسانَ إلا لما تشعل النار في ميثاق يضعه سيستام الجريمة ليحفظ به حقوق ضحاياه
الضحية والجلاد
كل الأخلاق هي ميثاق تبرير حقوق السيد
الأخلاق !!!
وربما لا نحتاجها أصلا وما ندعيه أخلاقا لا نمارسه مطلقا فرادى أو مجتمعا
ما هي أخلاقنا؟ أخلاق العبد أم أخلاق السيد؟
يا لمنطقة الأخلاق وجرائمها
يا لأخلاقنا التي لم نوجدها إلا لغاية واحدة هي أن نسخر منها دائما وندوس عليها
ليس هناك من ضمانة أن لا نتحول في كل لحظة إلى طغاة بل نحن فعلا نتحول كل لحظة إلى طغاة
نحن هكذا لأننا أموات والحي فينا مازال يلتف عليه الميت ويخنقه يكاد يميته
ليس بنا غير حشاشة من حياة
ـ 3 ـ
ليس الله فقط هو الذي مات
الايديولوجيات أيضا ماتت
مات الجذر والدور اليوم على الفروع
وهاهي تموت وهاهو يولد إنسان على نقيض كل الكليانيات
العملية بدأت ولا يمكن أن تنتهي بين ليلة وضحاها سيتطلب ذلك أجيالا
التقدم لن يتوقف ولكن ليس دائما تكون الطرق معبّدة
الجديد سيولد على أنقاض عفونات الميت
الكل يتقدم نحن حتفه
القرن الماضي راكم كل عفونات التاريخ وكشفها الواحدة تلو الأخرى ودفعها للموت
اللبرالية تحترق دوائر مصيرها وفقط الحريق لم يصل للمركز وهو ليس ببعيد عنه
الاشتراكية في نسختها التاريخية الأولى كليانية فاسدة أنتجت الطاغية وبعض التقدم وتقهقرت لأنها كانت مسوخا ومشروعا هو في حد ذاته يوتوبيا إلى حدّ الآن وربما لمستقبل بعيد بعيد.
الدين من تنهيدة مضطهد و تأوهات مسحوق يبحث عن انتشاء في وضع بائس بحلم سماوي لذيذ يغرقه في المتخيل من اللذات ويعوض له ليقوده في آخر المطاف حتى إلى القناعة بالموت نكرانا للدنيا وبحثا عن الآخرة إلى تعبيرة حكم رأسمالية صدئة لجماعات رثة خارجة من غبار التاريخ كمصاصي الدماء.
كل شيء يموت
نعم ولا يجب أن نقلق لأنه لا موت دون حياة
والحياة هي الأصل
التاريخ كل تاريخنا يتربع على الجثث
تاريخ السعادة يكاد لا يوجد
مفهوم السعادة أصلا مورس عليه حيف لا نظير له
هناك عبارة لماركس جديرة بالتأمل و الإعلاء على كل العبارات الأخرى واليوم بالتحديد ـ لنخلّص الحي من الميت ـ ليولد الإنسان متخلصا من كل أشلاء الموتي والموت فوقتها فقط سيبدأ عالم جديد وإلى أن نصل إلى هناك يجب أن نشتغل كالنمل لتخليص الحي من الميت.
لمن يسأل عن الثورة ... الثورة هي كل هذا.
ـ 4 ـ
ليس المهم أن نبني
المهم ماذا نبني و لأي سبب نبني
قد يُعتَقد أَنَّ لماذا نهدم سؤال مُستوفَى شروطَ إلغائه من حياتنا
ولكن تلك هي المسالة
من منا سأل لماذا أهدم أو ربما من منا هدم يوما ما يجب أن يهدم؟
سؤال الحقيقة كما يتطلب سؤال البناء يتطلب كذلك سؤال الهدم
لا حقيقة مطلقة وجاهزة ولا حقيقة ملقاة على قارعة الطريق
الحقيقة تتطلب دوما أن نصارع من أجلها و أن نحطم و نكسر ونهدم ونبني
الحقيقة أن لا نسلم بغير الفعل لتحريك البركة الراكدة
الحقيقة أنت و الحقيقة نحن والحقيقة أبعد منا جميعا ربما هي حصيلة ما نقدر عليه الآن وغدا
لن تبنيَ ما لم تهْدمْ وتحطِّم ْ
وربما تلك هي الحقيقة الممكنة الوحيدة
الحقيقة أبعد من هذه الثنائيات التي كبلت العقل و أعاقته
الحقيقة هي المشروع الوحيد الذي يستحق أن نحيا من أجله
بهذه الصورة فقط تتجلى أكبر من كل دين و أكبر من كل عقيدة
وهنا فقط يمكن أن نعثر على إجابة لسؤال"ماذا نفعلُ هنا في هذا العالم "
سؤالك يا...!
كما ملأ التوتر القرن التاسع عشر هاهو يعود ويملأ بداية القرن الجديد
لم يعد هناك من معيار ذي بال
زحفت اللاجدوى
لم يعد للسياسة من جدوى
و أي جدوى للأخلاق
لم يعد للغد من جدوى
و أي جدوى للمستقبل
تساوت الأضداد
وصل التوتر حدّ الرضوخ للفوضى
قرن الفوضى
قرن الهمجيات كلها
قرن الهمجيات العابرة من هيئة أركان البيت الأبيض إلى خلية داعش النائمة في جبل مغيلة.
قرن الحثالات كلها
ـ 5 ـ
هل قرأ نيتشه ماركس مثلا أو أبو العلاء المعري
هل قرأ لينين ماركس و نيتشه
لو قرأ نيتشه ماركس مثلا هل كان سيكتب عن الإنسان المتفوق
ولو قرأ لينين ماركس هل كان يترك يديه ملوثتان بدماء عمال Kronstadt
يا لعار شيوعية لينين ورفاقه
يا لعار الدولة كل دولة
الإنسان أكبر من الدولة لذلك هي عدوته الأولى وكذلك كهنتها بكل أصنافهم
هل تصدق حقا أن محمود درويش يمكن أن يكون قد قرأ ماركس وتروتسكي وأبي حيان التوحيدي وجلال الدين الرومي ...
لا أتصور
الإنسان أكبر من الفكرة
وأكبر من الدولة ومن كل كتاب ومن كل التخاريف الأخرى في الكتب الأخرى
روبيس بيار من يعرف روبيس بيار
عمال شيكاغوا من يعرف عمال شيكاغو
Kozo Okamoto من يعرف Kozo Okamoto
لا تهتم كثيرا بالأسماء أنظر لما أبعد من الأسماء
ما قيمة أن تبدأ حياتك بمشيئة أبيك وما قيمة حياتك أن تكون مشيئة أبيك هي مشيئة جلاده
أنت حر
هل أنت حر في كل هذا
إلى أي حدّ صدَق صاحب الإنسان يولد حر ووالداه ...
هل يولد حر
هل حرية النعام هي نفسها حرية النسور
هل حرية الضفادع هي نفسها حرية سمك القرش
توقف عن خلط الأوراق
أنت لا تولد حرا
أنت تكون حرا
فمدّ يديك للتاريخ وللمستقبل ولصناع التاريخ والمستقبل
كن منهم بينهم معهم
لا تعلمهم بل تعلم منهم
كن Kozo Okamoto وجيفارا ومحمد البوعزيزي
كن ...
"حطم القشرة تململ "
أقتل أنصاف الحلول و أنصاف المواقف و أنصاف الانتصارات
ولا ترضى
ـ 6 ـ
هكذا كان الإنسان دائما حين يفقد الثقة في كل شيء يلجأ للمتعة أو العنف بوعي أو بدونه وغالبا ما يكون بدونه. العنف أيضا موقف أخلاقي صارم ويمكن أن ندافع عنه في وجه الهمجيات كلها
المسألة اليوم ليست في نقد الرأسمالية بما آلت إليه بل في إدخالها إلى متحف التاريخ بعد أن انتهت
همجية مرعبة وإرهابا اقتصاديا لا حدود له وقمعا سافرا لا يتوقف وحربا على كل شيء
مشروع المقاومة لا يمكن أن يكون مقاوما وهو يرتد إلى مشروع قومي أو إسلامي أو لينيني أو ماوي
لقد تحولت كل هذه المشاريع الصغرى إلى همجيات مفلسة بدورها وغالبا ما هي شعوذات أكثر بكثير
أن تكون ضد كل الهمجيات
هذا هو الانسان الوحيد الذي بقي شريفا اليوم
ـ 7 ـ
في أيام الحب السبعة لا تقيم في أي يوم
ولا تعول كثيرا على الحب
عول أكثر على القدرة على الحب والتفكير من جديد ودائما فأنت اليوم لست أنت غدا
ـــــــــــــــــــــ
بشير الحامدي
25 جوان 2016



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن