مشاركتي في مسيرة الرباط .

حميد طولست
hamidost@hotmail.com

2016 / 3 / 17

مشاركتي في مسيرة الرباط .
من الصعب أن يبقى المواطن الصادق الوطنية محايداً تجاه قضايا وطنه ، أو بعيدا عن اهتماماته ، أو منعزلا عن همومه ، خاصة إذا كانت من القضيا المجتمعية التي ليست رسمية فقط ، بل هي قضيا لها امتدادات وازنة وعميقة داخل المجتمع المغربي والتي تحقق حولها الإجماع الشعبي الإرادي البعيد عن لغة التخوين واحتكار الوطنية ، كقضية الصحراء المغربية والوحدة الترابية ، التي لا يمكن أن يغطيها تعتيم إعلامي ، أو تدليس سياسي ، أو خطاب ملتوي، ويُعتبر التخوين في قدسيتها ، لعب بالنار، يدفع للإنحياز التام لها ، والإنتصار لمضامينها المصيرية ، وانتقاد كل من يُرى أو يشك في أنه يسيء لها -حتى لو كان بان كي مون - نقدا إيجابيا صادقا ، يسد أبواب الانهزامية أمام المتخاذلين ، ويزرع بذور الوعي ويحفز للأخذ بأسباب القوة الذاتية ،غير المستغلَّة بصورة صحيحة، لمجابهة التحديات المستجدّة ، ومواجهة المستغلين للأوضاع ، وتغيير الواقع المستغل من أجل الأهداف الشخصية المهينة ، أو الحزبية أو الأيديولوجية المُذِلّة..
لقد دفع بي التفاعل مع دعوة الخروج للسير في شوارع الرباط - رغم ما تحمله الدعوة من أوامر مخزنية ، إنفراد في فبركة المسيرة ، واحتكارها والتحكم في مساراتها - ألا أبقى محايدا أشعر بالانهزامية أو المهزومية ، فسارعت للإخراط في جموع الجماهير التي آمنت بأن سيرها من أوجب الواجبات ، الذين حجوا إلي العاصمة من كل فج عميق ، بكل فئاتهم وأعمارهم وأجناسهم وتنوع حساسياتهم المجتمعية ، ومختلف أيديولوجياتهم المذهبية الدينية والسياسية والمدنية ، الرسمية وغير الرسمية ، ليجعلوا من مسيرهم حدثا مشهودا ، يعكس تعبئة مجتمعية وطنية تلذذ خلالها المشاركون باجترار الأمجاد الغابرة .
فهل وفقت القوى السياسية والمدنية ، فيما وظفت له من شحن وتهييج لنفوس الجماهير المهزومة ، لإحداث ضجيج كبير يغطي على فشل التدبير الرسمي لملف الصحراء.
فإذا كان النجاح فيما طوّقت به تلك الجهات ، يكمن في الهرج والمرج والصياح العالي ؟ فقد بحت الأصوات من فرط انتقاد وتقريع بان كي مون ، وترديد الأغاني الوطنية الحماسية .
أما إذا كان النجاج في استثمار اللحظة للمراجعة العقلانية للقضية ، والترافع حول الملف الصحراء المغربية في المنتظم الدولي ، فقد كانت محاولة للهروب من الواقع السيء وليس مواجهته ، وجلد للذات وتضييع للوقت ، وإيجاد مبرّرات لفشل الدبلوماسية الرسمية، والتي تحتاج إلى مقاربة جديدة ووضوح رؤية وأشخاص جدد وأدوات جديدة وخطوات ميدانية معبرة هذا الملف في المنتظم الدولي، الأمر الذي لن يحصل بمثل هذه المسيرة ، ولا بألف مثلها - وإن كنت لا أقلل من قيمتها ووقعها ، ولا من عزم ومصداقية ووطنية منظميها - إلا بالدبلوماسية الاحترافية المتمرسة في في مجال التواصل والتفاوض والإقناع ، والتي تقطع مع التعيينات التي تتم على أسس الولاء عوض الكفاءات ، وعلى الترضيات الحزبية التي تعكس البؤس الدبلوماسي في أوضح تجلياته، والذي يراكم الإخفاقات إلى الحد الذي لا يمكن تصوره..

حميد طولستHamidost@hotmail.com



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن