من وحي ذكرى الانقلاب الدموي – الفاشي في 8 شباط 1963 -القائد الوطني والشيوعي الكبير ،الشهيد الخالد يوسف سلمان يوسف (فهد)- (المتنبي السياسي)........(ج1).

محمد علي الحلاق
arcz_ali90@yahoo.com

2016 / 2 / 8

مقدمة :-
قد يعتقد بعض المتابعين للشأن السياسي العراقي الحديث والمعاصر ،من ان انقلاب 8 شباط 1963 الاجرامي الذي قال عنه احد ابرز قادة ذلك الانقلاب المجرم (علي صالح السعدي) امين سر القيادة القطرية لحزب البعث حينها ،كلمته المشهورة (جئنا الى الحكم بقطار امريكي ).
اقول قد يرى ذلك البعض ،من ان الانقلاب هو اول المحاولات الامريكية للسيطرة والهيمنة على العراق من اجل نهب ثرواته الطبيعية والاستفادة من موقعه الجيو- سياسي في هذه المنطقة الحيوية والخطيرة من العالم كله .
لكن من يقرأ تأريخ العراق السياسي المعاصر جيدا (قراءة التوسرية) ،يعرف بان ذلك الانقلاب الدموي كان ذروة عمل جاد وحثيث من قبل الدوائر المعنية في تلك الدول الامبريالية وبالخصوص منها اجهزة المخابرات الـ(C.I.A)، لاكثر من عقدين من الزمن بعد تمهيد امتد من ثمانينات القرن التاسع عشر والذي ابتدأ بالمدارس التبشيرية في البصرة وبغداد ... حتى تمكنت الولايات المتحدة الامريكية وحلفائها (بريطانيا) وتوابعها من الدول الاقليمية واجرائها وعملائها من داخل الوطن ،من النجاح في ذلك الانقلاب الذي وضعت له اهداف رئيسة ومركزية تنفيذا لاستراتيجيتها تجاه المنطقة والعالم في ذلك الوقت من الزمن وهي باختصار شديد وحسب الاهمية والخطورة ومن اجل ان لانطيل فنخرج عن وحدة الموضوع .
1- القضاء التام (ابادة) "الحزب الشيوعي العراقي" ،لانه صارو باقل من عقد من عمره المديد هو فصيل رأس الحربة في الحركة الوطنية العراقية ،بسبب امتلاكه صفات وسلوك نضالي لم ولن يمتلكها اي فصيل سياسي عراقي آخر طيلة تأريخه الطويل ،ومنها على سبيل المثال لا الحصر ... الاقدام والجسارة والبسالة والتضحية بمتع الحياة ومغرياتها بل وحتى بالحياة ذاتها (اولئك الذين وهبوا حياتهم للوطن وللآخرين ،دون منة وحتى دون انتظار الجنة ) والنضال دون مهادنه او مساومة او ضعف او تراجع في الدفاع عن قضية استقلال وحرية الوطن ، وتحقيق مصالح وتأمين الحقوق المشروعة لطبقاته الكادحة والمحرومة وكونه هو من تسلم عبأ مسؤولية بناء وانجاز المشروع الوطني العراقي المضاد للمشروع الامبريالي (بريطانيا حينها ) بعد حل (الحزب الوطني العراقي ) واعتزال قائده ، القائد الوطني الكبير (جعفر ابو التمن ) للعمل السياسي ولانه كذلك غدا وبعد حين قصير من الزمن هو (المثقف العضوي ) عن جدارة واستحقاق اثبتتها الايام والمحن التي مر بها الوطن ، حيث صار اداة نشر وبث الوعي الوطني والمعرفة النيرة والثقافة والفنون العراقية التقدمية ،كما صار اداة التحريض والتحشيد ودفع الجماهير الى ساحات الكفاح الوطني وتقدم صفوفها بشجاعة منقطعة النظير فتلقى اعضائه وانصاره نيران بنادق الشرطة السعيدية –الملكية بصدورهم العامرة بحب الوطن لاسقاط المشاريع الاستعمارية التي كانت تخطط للعراق ابان العهد الملكي.
وهو الفصيل السياسي الوحيد الذي صعد قادته الشجعان اعواد المشانق بعد انتصار وثبة كانون الثاني 1948 التي اسقطت معاهدة (بورت سموث او جبر- بيفن ) ،صعدوا وهم يهتفون بحياة الوطن والشعب وحزب الفدائيين . ولذلك امست تسمية (الوطني) قرينة ولصيقة بـ(الشيوعي) وحده دون غيره وحيث صارتا كلمتان ذات مدلول ومعنى واحد .
وهو الفصيل ذاته الذي زج بالجماهير العراقية التي احبته ووثقت به يوم 14 تموز 1958 الى الساحات والشوارع التي غصت بهم ليس للاعلان عن تاييد الثورة فقط لكن للاعلان كذلك عن استعداد تلك الجماهير للدفاع عن الثورة حتى الموت ،وهو الامر الذي جعل كل من بريطانيا والولايات المتحدة تحجمان عن التدخل العسكري الذي اعدتا له الطائرات والاساطيل في كل من الاردن (آخ من الاردن) !؟ ولبنان ،من اجل اسقاط الثورة ووأدها وهي في المهد . ويرى كثير من الباحثين السياسيين ان ذلك الاندفاع الجماهيري الواعي يوم الثورة الذي اذهل الاصدقاء قبل الاعداء هو احد الاسباب الرئيسة لحقد الامبرياليين وحلفائهم وتابعيهم واجرائهم في الداخل على الشعب العراقي لحد هذه اللحظة من الزمن وان ماحصل ولما يزل لذلك الشعب من قتل وتشريد وحصار وتجويع هو عقابا له على ذلك التاييد .
وبعد هذا وذاك كان (الحزب الشيوعي العراقي ) هو الفصيل السياسي الوحيد الذي بقي وبعد اقل من شهرين من قيام الثورة وحده في الميدان يدافع عنها ويحرس منجزاتها (حراس الثورة ) ويدفع بها نحو التجذًر لصالح الطبقات الكادحة من العمال والفلاحين ، بعد ان انفض عقد (جبهة الاتحاد الوطني) باعتزال حزب البرجوازية الوطنية (الحزب الوطني الديمقراطي) وحزب القوى القومية المستقلة (حزب الاستقلال ) العمل السياسي والانسحاب من ساحة النضال الوطني واصطفاف (حزب البعث) مع القوى المضادة للثورة .
في كتابه الرائع (من حوار المفاهيم الى حوار الدم)(مذكرات طالب شبيب) ،يورد الدكتور الراحل العزيز (علي كريم سعيد) رسالة تلقاها من (اللواء الطيار الركن عارف عبد الرزاق ) الذي تولى في عام 1965 مناصب قيادية عدة في الدولة العراقية منها نائب رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع وقائد القوة الجوية (بعد شيصير !؟) يقول في رسالته وبالنص :
(ان الهدف الرئيس من قيام ثورة 8 شباط 1963 ،كان هو القضاء على الحزب الشيوعي العراقي وليس قتل عبد الكريم قاسم ) !؟.
لقد كان قرار ابادة الحزب الشيوعي العراقي ، قرار اميركيا ،حيث نصبت المخابرات المركزية الاميركية الـ(C.I.A) محطة اذاعة في الكويت لارشاد القتلة المأجورين من البعثيين الاوغاد وحلفائهم من قوميين ورجعيين على بيوت الشيوعيين لاعتقالهم وقتلهم .2- الهدف الثاني الرئيس للانقلاب ،كان الغاء اهم منجزات ثورة 14 تموز على الاصعدة كافة ، وانهاء آثارها فعلى الصعيد السياسي عاد العراق للتبعية للدول الامبريالية حيث عاد سفيرا بريطانيا واميركا ورجال مخابراتهما الـ ( Mi6) والـ (C.I.A) يقرران ويديران السياسة الخارجية وحتى الداخلية للعراق من خلف الابواب الموصدة كما اعترف الانقلابيون بمشيخة الكويت لقاء رشوة بمبلغ (30مليون دينار ) .
وعلى الصعيد الاقتصادي ، جرى تجميد القانون رقم (80 لسنة 1961 ) الخاص باعادة اراضي الحقول غير المستخرجة من النفط الى الحكومة العراقية ،كما جرى تجميد تنفيذ مشاريع الخطة الخمسية الاولى التي اقرتها حكومة عبد الكريم قاسم والتي كانت تهدف الى بناء اقتصاد وطني متين يقوم على صناعة وطنية متطورة وزراعة تحقق الامن الغذائي للعراق وتعيده كما كان في السابق (سلة حبوب آسيا ).
وعلى الصعيد الاجتماعي ، اعيد نفوذ شيوخ العشائر وسراكيلهم ،سارقوا انتاج الفلاحين وناهبوا جهودهم وجلادوهم ومنتهكوا كرامتهم الانسانية ، كما اعيد لبقية القوى الرجعية والظلامية دورهم في قيادة المجتمع .
وعلى الصعيد العسكري ، وجهت ضربة كبيرة للجيش العراقي الذي صار في ظل الجمهورية الاولى جيشا وطنيا قويا مسلحا باحدث واقوى الاسلحة والمعدات والتجهيزات الامر الذي ادى بالدول المجاورة الى احترام سيادة العراق واستقلاله والامتناع عن التعدي على حدوده . فلقد قام الانقلابيون الفاشست العملاء ، باعدام وسجن واعتقال خيرة وانبل واشرف واشجع واكفأ وانزه ضباط الجيش واكثرهم حبا واخلاصا وولاءا للوطن . كما عاد الملحقون العسكريون للدول الامبريالية وخاصة بريطانيا والولايات المتحدة ومستشاروهم (كمات يحصل اليوم تماما )!؟،يتحكمون ليس فقط بنوعية وكمية السلاح وباقي التجهيزات والمعدات والانظمة التي تباع للعراق بل وكذلك بتنظيم هذا الجيش واسماء قياداته . لان الاعداء من الدول الرأسمالية ، كولنيالية كانت ام امبريالية بريطانية ام امريكية ، لا تريد ولا تحبذ وجود جيش عراقي قوي بعقيدة عسكرية عراقية يصون سيادة الوطن ويحمي حدوده من التعدي والاستباحة ، مهابا ، قويا يحسب له الجيران الف حساب ، وتكون له مهمات قومية وبالخصوص تجاه القضية الفلسطينية , انهم لايريدون سوى جيشا من متطوعين (مرتزقة) تكون مهامه كالجندرمة وشرطة مكافحة الشغب .



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن