قوة الفكر تبقى أفضل من قوة السلاح زيد محمود علي

زيد محمود علي
zaidmahmud@yahoo.com

2015 / 12 / 31

رغم حدة الأزمات الراهنة لكن تبقى اشكالية علاقة المثقف بهذه الأزمات في خضم هذه التحولات التاريخية هي الأهم، وكان لابد للمثقف ان يكون له الدور البارز والفعال في ذلك، لان المثقف في اي مرحلة من مراحل الحضارات الانسانية ظل يقود المجتمعات ويفرض التحولات السياسية وكان لهم القول الحاسم في اكثر المجالات فضلا” عن ذلك فأن المثقفين هم القوة الفكرية التي تنتصر على قوة السلاح لو عرفت كيف توظف قوة الفكر والثقافة، عن دور المثقف في مثل هذه الظروف اجرينا استطلاعا عن رأي المثقف ودوره الراهن، وكان لعدد من الكّتاب والمثقفين حول هذا الدور رأي، حيث قال جلال زنكبادي، الشاعر والكاتب: ان الثقافة ضد الفوضى والدمار والموت، يبسط لنا زنكابادي وتحت هذا العنوان الثقافة ضد الفوضى والدمار والموت وشمولية دائرة صفة المثقف- تتسع دائرة صفة المثقف لتشمل وفقا للمقاربة التعريفية المهنية: الاديب، الفنان، الفيلسوف، المحقق، الباحث، المترجم، الصحافي، العالم، الروحاني، الطبيب، الحقوقي، المعلم، المدرس، الأستاذ، المدرب، التلميذ، الطالب، الخبير العلمي، التقني، الداعية الحزبي، الإداري في أي مجال ثقافي، والمتلقي (القارئ، المشاهد، والمستمع) لكنما المقصود في هذا المقال ومايليه هو(المثقف المبدع) ضمن الدائرة الصغرى للثقافة: الأديب، الفنان، المفكر، المترجم، الباحث، المحقق، الأستاذ، الروحاني، المهندس، الحقوقي، الطبيب، والحرفي الشعبي..ويعد المثقف المبدع نمطاً متقدماً بالمقارنة مع (المتعلم، حتى من حملة الشهادات العليا). ويضيف زنكابادي مستأنساً بقول ف. إيفانوف الشهير (الثقافة الانسانية كلها، حتى زماننا الحالي هي الى درجة معينة، احتجاج ضد الموت والدمار، وضد الفوضى المتفاقمة) ومعه يطرح تساؤلين مشروعين : ما قيمة امتلاك التكنولوجيا المتقدمة وصناعة الصواريخ والقنابل النووية في بلدان يعيش مواطنوها الإغتراب بكل أنواعه وأشكاله؟! وأي تقدم هذا الذي لا يحمل للبشرية إلاّ الإنحطاط والتقهقر، بل ويلحق أفدح الأضرار بتراث الإنسانية الحضاري!
واضاف ان مايستدل على مشروعية طرحه الاستفهامي بتأييده للشاعر أندريه فوزنيسكي بأن “ كل تقدم رجعي؛ حين يكون الإنسان منسحقاُ” ويصر على ذلك مع مقولة كوكان “ بان التقدم الحضاري يصبح مستعصياً ومستحيلاً، إلا إذا كان مرتبطاً بتفتح الشخصية الإنسانية”.
ويضيف ان الثقافة الانسانية منذ عقد قد دخلت الالفية الثالثة – أكثر مراحل تاريخها خطورة وإبداعاً وغوراً وتوسعاً، خصوصاً وإن وسائل التنقل والاتصال المتقدمة وأجهزة الاعلام الحديثة تيّسر للبشر الاتصال والتواصل والتكيف السريع للمستجدات والمتغيرات، وأصبح العالم يصغر يوماً بعد آخر، فيشبه مدينة، بل قرية حسب نعت البعض، وراحت الآداب والفنون والعلوم في جو الانفجار العلمي والمعرفي والتلاحم الحضاري، تتقارب وتتداخل وتتقاطع، بل وتتمازج أحياناً في مقاربة مضمونية وأسلوبية ملحوظة بشكل لم يسبق له مثيل، نزوعاً الى التكامل والشمولية في الرؤية والرؤيا، وكذا الحال في التأملات والتوجهات الفلسفية، فغدا من المحتم على المؤلفين والمبدعين أن يبحثوا بإ ستمرارعن أساليب جديدة.
ويؤكد زنكابادي: ان الثقافة غالباً ما تُقرّب، بينما السياسة غالباً ما تُفرق بين بني البشر، ثم إن عالماً بلا ثقافة وقيم معنوية لهو عالم همجي ومُرعب بالتأكيد؛ لأنه سيفتقر الى أي كابح وجداني لممارسة الشر، فلاعجب إذا ولد قبل قرابة ثلاثة عقود علم جديد يعنى بالثقافة، ألا وهو علم الثقافة لدراسة وبحث القضايا العامة المتعلقة بالثقافة والحضارة والانسان.
حيث قال الكاتب: فلاح رحيم ..لم يسبق لمشكلة الفجوة بين المثقفين والمجتمع أن طُرحت كما هي مطروحةٌ علينا في يومنا هذا. فهي تكاد تتقدم في وعي المثقفين كل ما عداها من مشاغل وعلل. ما طبيعتُها؟ أهي علةٌ طارئة لابد من علاجها لتحقيق التماهي التام بين الطرفين أم هي مسافةٌ حتمية لا يستقيم النقد والتقويم بدونها؟ إذا صحّ أن الفجوة حتميةٌ، وسوف لن يتوقف النقاش لإثبات ذلك واستقصاء جذوره في تقاليد فكرية متعددة، فما السبيل إلى ضبطها وتنظيمها وتحويلها من فرسخ اغتراب إلى فسحة اغناء للطرفين؟ تبدأ هذه النقاشات دائماً من الوقائع العربية العجيبة التي استُهّل بها القرن الحادي والعشرون وقلبت الكثير من المفاهيم المحورية في حياتنا، أخرجتها من سراديب السكون والوجوم الطويلة حيث تَعطّل فعلُها حتى ملّها الناس وفقدت فاعليتها. وأهم هذه المفاهيم ثلاثة هي المثقف، والسلطة، والمجتمع، نشهد اليوم تحولات عميقة في طبيعتها وراهنيتها، وفي المسافات الفاصلة فيما بينها. ما الذي تغيّر فيها وهل من خرائط؟ كل هذا يدفعنا إلى مراجعة البديهيات المتداولة: مفهوم الثورة وشروطها وظرفيتها، طبيعة الفجوة في التقاليد النقدية المختلفة، الليبرالية وما بعد الحداثة.
ومن جهته تطرق الاعلامي جاسم الصفار الى القول من ان: عزلة المثقف العراقي وضعف مساهمته في الحراك الجماهيري، تتحمل مسؤوليته بالدرجة الاولى كل المؤسسات الثقافية والاعلامية القريبة من الاوساط السياسية والاجتماعية اليسارية والديمقراطية التي من مصلحتها اليوم تطوير الحراك الجماهيري وكسر محدوديته من حيث النشاط ومن حيث التأثير.
لذا، لابد اليوم من وضع تصور جديد للعلاقة بين مؤسسات الثقافة الاجتماعية، خاصة تلك التي تؤمن بفكر التغيير والاصلاح، من جهة، وفئة المثقفين العراقيين المبدعين، في اي من حقول الثقافة، التي عانت الاهمال والعزل من قبل كوادر الجهاز البيروقراطي لتلك المؤسسات. فيما اشارالكاتب بير رستم قائلا: لا يعني إن على المثقف حالياً أن يقف متفرجاً معطلاً و”مكتوف اليدين”، بل هو مطالب أن يتخلص من خطابه الطائفي التخويني والمساهمة في وضع مشروع ثقافي فكري يؤسس لواقع مجتمعي سياسي جديد قائم على مفهوم القبول بالتعددية والشراكة السياسية في دول ومجتمعات تحكمها دساتير مدنية ديمقراطية تحقق للإنسان كرامته وحريته وبعيداً عن التمايزات الإثنية والثقافية، دولة الحريات العامة والديمقراطية والمجتمع المدني الإنساني .. وإلى ذلك الوقت، فإن المثقفين مطالبين بالإبتعاد عن الإنقسامات المذهبية والعرقية وتجاوز الخلافات الحزبوية والعمل على مشروع وطني حقيقي، ونعلم أن المهمة صعبة -لكنها ليست مستحيلة- وكذلك هو صحيح أن اليوم “صوت المعركة” هي العالية بكل ضجيجها وطحنها لنا جميعاً، لكن علينا أن نعلم جيداً بأن الكلمة أبقى من فعل الرصاص. واضاف الشاعر شاكر فريد بحديثه حيث قال : وفي ظل الانعطافة الكبيرة التي تشهدها شعوب المنطقة، فإن مجتمعاتنا بحاجة ماسة الى مثقفين عضويين، يمارسون دورهم الخلاصي الانقاذي الجذري والقيادي في الدفاع عن قضايا الامة ومطالب شعوبها، وحمل شعارات ومشاعل الحرية، ورفض الاستبداد والغبن والاضطهاد والقمع، والمطالبة بالتغيير والكرامة الانسانية والعدالة الحقة . وليكن للمثقف الصوت المدوي المجلجل في نقد السياسات التي تقترن بالديكتاتوريات والممارسات القمعية القهرية والتعسفية، التي لا تحترم حقوق الانسان وحريته وكرامته، والمشاركة في عمليات البناء والتحول الديمقراطي، وتأسيس مجتمعات مدنية حضارية فاعلة في الحياة الانسانية عمادها وقوامها العدل والمساواة والحرية والديمقراطية، وارساء تقاليد سياسية وفكرية قائمة على التعددية واحترام الرأي الآخر والقبول بالاختلاف.
وتناول الكاتب مهداوي احمد في حديثه عن المثقف يقول: ان المثقف هو منتج نشاطات فكرية، يمارس دوره في سياق المعرفة، ويبقى المثقفون بعيدين على الاكثر من هموم المجتمع، وهي المعول عليهم في تنوير الرأي العام، ويبقى ذلك على المثقف الايجابي الذي يكون في صلب المجتمع ويحمل رسالة الاصلاح والتغيير ويتحمل الصعاب في سبيل رسالته وهذا مانريده للدفاع عن حقوق المجتمع والناس. ومطلوب التوعية بأهمية التعليم وكيفية القضاء على الامية، وتشجيع العمل على المشاريع الوطنية التي تسهم على القضاء على البطالة، مع جعل الثقافة هي في المرتبة الاولى وعدم جعلها تابعة للساسة والسياسيين، إذ هذا هو، ماهو متبوعا” به في البلدان المتخلفة.
فيما اشار الاعلامي باوزير عبدالله بقوله : للمثقف دور كبير فى هذه المرحله بالذات ولكن التهميش يمنعه من الابداع وهذا التهميش سببه واضح وهو الصراعات الحزبية والمحسوبيات التي تنهش جسد المجتمع العراقي عموما”، مماجعل دور المثقف قاصرا ومهمشا، نتمنى ان يعود دور المثقف، فالمؤسسات الحكومية الثقافية هي المعنية في هذا القصور والمحاصصة والحزبية هي مسؤولة عن اقصاء الدور الثقافي.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن