ما هي العلمانية؟

جاك جوزيف أوسي
Jackaussi@hotmail.com

2015 / 12 / 27


العَلمانية secularism من حيث المبدأ تعني فصل الدين عن الدولة وعن أمور الحكم والتشريع فيها، وتعني اصطلاحاً فصل المؤسسات الدينية عن السلطات السياسية والتشريعية والقضائية، وقد تعني أيضاً عدم قيام الحكومة أو الدولة بإجبار المواطنين على اعتناق أو تبني معتقد أو دين أو تقليد معين لأسباب ذاتية غير موضوعية.

كما تكفل الدولة العلمانية الحق في عدم اعتناق دين معيّن وعدم تبني مذهب كدين رسمي للدولة. وبمعنى عام فإن هذا المصطلح يشير إلى الرأي القائل بأن الأنشطة البشرية والقرارات وخصوصًا السياسية منها يجب أن تكون غير خاضعة لتأثير المؤسسات الدينية.

تعود جذور العلمانية إلى الفلسفة اليونانية القديمة التي وضع أسسها فلاسفة أمثال إبيقور، غير أنها خرجت بمفهومها الحديث خلال عصر التنوير في أوروبا على يد عدد من المفكرين أمثال توماس جيفرسون وفولتير وسواهما.

ولا تعتبر العلمانيّة شيئاً جامدًا بل هي قابلة للتحديث والتكييف حسب ظروف الدول التي تتبناها، وقد تختلف حدة تطبيقها ودعمها من قبل الأحزاب أو الجمعيات الداعمة لها والمؤمنة بقيمها بين مختلف دول ومناطق العالم.

ويعتبر الفيلسوف الإنجليزى جون لوك، واضع أسس العلمانية فى القرن السابع عشر، حيث يرى أن وظيفة الدولة هى رعاية مصالح المواطنين الدنيوية، أما الدين فيسعى إلى خلاص النفوس فى الآخرة. ومن هذا المنطلق، فالدولة لا تستطيع بما تملك من قوة صلبة أو ناعمة أن تضمن لمواطنيها نجاتهم فى الآخرة، وبالتالى لا تملك الحق أن تجبر المقيمين على أرضها أن يقيموا الشعائر الدينية.

هدف جون لوك الفيلسوف المتدين أن ينقذ الدين من تلاعب السلطة به واستخدامه لأغراضها السياسية، ورأى أن انحياز الدولة لدين معين يشجع على النفاق والتدين الشكلي، فضلاً عن أنه يهدد وحدة الدولة والتعايش السلمي بين المواطنين.

أن العلمانية لا تُعّتبر ضد الدين بل تقف على الحياد منه، ففي الولايات المتحدة مثلاً وُجد أن العلمانية حمت الدين من تدخل الدولة والحكومة وليس العكس، في الوقت الذي يعتبرها البعض جزءًا من (التيار الإلحادي) كما جاء في (الموسوعة العربية العالمية) الصادرة في السعودية.

أول من ابتدع مصطلح العلمانية هو الكاتب البريطاني جورج هوليوك عام 1851، غير أنه لم يقم بصياغة عقائد معينة بل أعاد توصيف العقائد التي كانت قد انتشرت ومنذ عصر التنوير في أوروبا؛ ونظّمٓ-;- ما كان الفلاسفة قد صاغوه سابقًا من نظام اجتماعي منفصل عن الدين غير أنه لا يقف ضده. إذ قال: “لا يمكن أن تفهم العلمانية بأنها ضد المسيحية هي فقط مستقلة عنها؛ ولا تقوم بفرض مبادئها وقيودها على من لا يود أن يلتزم بها. المعرفة العلمانية تهتم بهذه الحياة، وتسعى للتطور والرفاه في هذه الحياة، وتختبر نتائجها في هذه الحياة”.

بناءً عليه، يمكن القول أن العلمانية ليست أيديولوجيا أو عقيدة بقدر ما هي طريقة للحكم، ترفض وضع الدين أو المذهب كمرجع رئيسي لتنظيم الحياةالسياسية والقانونية والاجتماعية في الدولة، بل تتجه إلى الاهتمام بالأمور الحياتية للبشر بدلاً من الأمور الأخروية، أي الأمور المادية الملموسة بدلاً من الأمور الغيبية.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن