لمصلحة مَن يتواصل إستهداف الأطباء ؟

كاظم المقدادي
kalmukdadi@hotmail.com

2015 / 12 / 8


كلمة لابد منها

أي نوع من البشر هؤلاء الذين يعتدون على الطبييب الذي يؤدي مهمة إنسانية نبيلة ممن قرر ان يبقى في وطنه لخدمة أبناء وبنات شعبه،خاصة في هذه المرحلة،حيث يعيش العراق ظروفاً إستثنائية للغاية..
لا ننكر وجود أطباء جشعين من بين أصحاب العيادات الخاصة والمستشفيات الأهلية، لكن هؤلاء أفراد قلائل مقارنة باَلاف الأطباء الخيرين والمتفانين في خدمة المجتمع.وهؤلاء يستحقون الأحترام والتقدير والحفاوة لبقائهم في بلدهم ولتفانيهم وإنسانيتهم ووطنيتهم، وهم يواجهون مشاكل عديدة تمنع تنفيذ واجباتهم المهنية على خير وجه أكثر من أي موظف اَخر في الدولة..

مشاكل وصعوبات جمة

أولى المشاكل التي تواجه الأطباء العاملين في المؤسسات الصحية الحكومية هي قلة عددهم وضعف رواتبهم. فقد فَقدَ العراق- وفقاً لتقرير لمنظمة الصحة العالمية في عام 2011- عدداً كبيراً من الأطباء، أدى إلى تدهور سريع في الخدمات الطبية الأولية.وأقرت وزارة الصحة على لسان الناطق الرسمي لها بأن عدد الأطباء الذين هاجروا من العراق وصل إلى 10.000 طبيب منذ 2003.وكانت قد أعلنت عن حاجتها الماسة الى أكثر من 60 ألف طبيب لتوفير الخدمة الطبية اللازمة، بينما ما تمتلكه هو 26 ألف فقط .. وكشفت لجنة الصحة والبيئة البرلمانية ان نسبة الأطباء في العراق وصلت طبيب واحد لكل 40 ألف مواطناً،متجاوزاً حتى أفقر البلدان، مثل أنغولا( طبيب واحد لكل 13 ألف مواطناً).،متخلفاً عن مصر بكثير( طبيب لكل 357 مواطناً وحتى عن المغرب (طبيب لكل 1688 مواطناً).
ويعمل هذا العدد القليل في ظل نقص كبير في الكوادر المساندة والثانوية، وشحة وسوء توزيع الأطباء الأختصاصيين على المحافظات ،الى جانب العدد الهزيل في أسرة العلاج في المستشفيات الحكومية، مقابل عدد المرضى الهائل، فضلآ عن النقص في الأجهزة والمعدات الطبية المطلوبة، وشحة الأدوية، بما فيها المنقذة لحياة المرضى.والطبيب في العيادة الخارجية للمستشفى عموماً مضطر ان "يعاين" لا أقل من 300 مراجع يومياً..
وفوق ذلك،يواجه الأطباء ليس فقط الأهمال، وإنما إدارات فاسدة ومافيا تنشط منذ سنوات دون رادع، فهدرت المال العام ونهبت المؤسسات الحكومية، وخربتها، وبلغت حد إعطاء المرضى الراقدين أدوية منتهية الصلاحية،ومغشوشة، وحتى قاتلة.. بينما وقف المسؤولون المتنفذون في الصحة وكأن الأمر لا يعنيهم قدر ما تعنيهم المحاصصة الحزبية والطائفية والأثنية،التي فرضت على رأس المؤسسات الصحية الحكومية مدراء عامين غير كفوئين ولا مؤهلين إدارياً ومن مزوري الشهادات ومشتري المناصب والمرتشين .. فلعب الفشل وسوء التخطيط والفساد الأداري والمالي والتغطية عليه دوراً كبيراً في إبعاد الأداريين والأطباء الأكفاء والحريصين عن المؤسسات الطبية الحكومية، وتركهم لوظائفهم مضطرين..

مخطط إجرامي خبيث

لقد شهد العقد المنصرم تراجع الخدمات الطبية وتدهور الواقع الصحي العام على نحو كبير.وبدلآ من السعي الجاد والفاعل من قبل الحكومات المتعاقبة لمعالجة الفشل الأداري،بوضع الشخص المناسب في المكان المناسب وفق مبدأ الكفاءة والخبرة، والسعي الجاد لوضع حد لتفاقم الوضع الصحي العام، تواصلت المساعي المحمومة للتغطية على الفشل وتبريره ، تشبثاً بالسلطة والكراسي وتقاسم المغانم والأمتيازات على حساب صحة وحياة المواطنين.
ومع تصاعد العمليات الأرهابية وتزايد جرائم القتل الجماعي وإصابة الاًلاف من العراقيين بالجروح الخطيرة، التي تستوجب تداخلآ جراحياً ومعالجة طبية اَنية وعاجلة لأنقاذ حياتهم، تصاعدت عمليات إستهداف الأطباء العاملين في المستشفيات والأقسام والعيادات والمراكز الحكومية،سواء بالأعتداء عليهم بالإهانة والشتم والضرب،أو بالتهديد والإختطاف والقتل المباشر.
ويبدو ان المخطط الأجرامي يتواصل حتى تحقيق الهدف المرسوم:إفراغ العراق من اَخر طبيب كفوء وحريص، وليتواصل تدهور الخدمات الطبية وفقدان المزيد من العراقيين لحياتهم.ويتزامن ذلك مع عملية تجهيل المجتمع وإنتشار دكاكين الدجالين والمشعوذين في قطاع الصحة من خريجي "مريدي"، التي صارت تنافس بعدد مراجعيها خيرة الأختصاصيين في الطب الباطني والجراحة والأطفال والنسائية والتوليد.
مواقف رسمية غير مسؤولة

ليس مفهوماً ما الذي إنتظره وينتظره المسؤولون المتنفذون وهم يتفرجون على إفراغ البلد من كوادره الطبية عبر إستمرار تعرضهم الى الإستهداف من قبل الأرهابيين والقتلة، ومواصلة تعرض من سَلِمَ لحد الآن من الأغتيال للتهديد والأبتزاز والبلطجة، الأمر الذي يضطرهم لترك المستشفيات الحكومية التي يعملون فيها، والإنتقال الى المستشفيات الأهلية، او الهجرة ، أو ترك العمل نهائياً كأطباء!!
لا نتجنى إذا قلنا بان الحكومات المتعاقبة وقفت متفرجة على ما يحدث وكأن الأمر لا يعنيها، متجاهلة المعاناة اليومية التي يعيشها الأطباء في المستشفيات الحكومية، حيث قلة الاحترام الذي يبديه بعض الناس لأطباء يعملون فيها، يبذلون كل ما يقدرون عليه من جهود لمساعدة المحتاجين إليهم،يعانون من صعوبات ومعوقات كبيرة لإنقاذ حياة المصابين..هذا عدا وصول الحالات المرضية إليهم، وما أكثرها، متأخرة جداً، فلا يستطيعون إنقاذ حياة المصاب أو الجريح أو المريض مهما عملوا.ومع أنهم يبلغون ذوي المريض بخطورة حالته،إلا أنهم يتعرضون للأبتزاز والبلطجة العشائرية.

ومن ذيول المخطط أنه في الوقت الذي يشهد الوضع الصحي فيه تراجع الخدمات الطبية المقدمة للمرضى، وتشكو معظم المؤسسات الصحية الحكومية من قلة عدد ذوي المهن الطبية والصحية، الى جانب نقص الأجهزة والمعدات الطبية المطلوبة،وعدم كفاية المخصصات المالية للصحة، تؤكد التقارير حصول هدر في المال العام بمئات مليارات الدولارات،ووصل الحال إستجداء العراق للأموال وللمساعدات الدولية.وقد إضطرت الامم المتحدة مؤخراً الى تعليق برامجها الصحية التي كان المستفيد منها ملايين العراقيين.وأوضحت المنظمة في بيان لها ان 184 خدمة صحية تم تعليقها بسبب نقص الاموال المخصصة للانشطة الانسانية. ونبهت المنسقة الانسانية للامم المتحدة في العراق ليز غراندي الى ان نحو 10 ملايين عراقي سيحتاجون الى مساعدة حيوية قبل نهاية 2015 هو أمر خطير وصفه أحد أعضاء لجنة الصحة والبيئة النيابية بانه "كارثة إنسانية يجب منعها.وإستغرب الموقف المتفرج للحكومة العراقية منه ، وما يعني ذلك من تأثير مباشر على منظومة منع انتشار الأمراض التي تفتك بحياة الأطفال والكبار على حدٍ سواء، لاسيما في هذه الظروف التي تمر بأبناء هذا الشعب الأبي" ..

ذات الموقف المتفرج كانت قد وقفته الحكومة العراقية قبل 4 سنوات من إستهداف الأطباءالذي نبهت إليه حتى منظمة "أطباء العالم"، وهي منظمة غير حكومية عاملة في العراق منذ سنة 1991.فلم تقم باي إجراء جدي وفاعل،وكل ما فعلته أثناء تفاقم الظاهرة أجازة السماح للأطباء بحمل السلاح دفاعاً عن النفس. وصار الطبيب يحمل المسدس الى جانب السماعة الطبية ويستعين بحماية شخصية..ظاهرة ينفرد بها العراق (الجديد)..وهي خير دليل على عجز الدولة عن حماية ذوي المهن الطبية والصحية..

هيمنة العرف العشائري على المؤسسات الصحية

من مظاهر العراق (الجديد) هو هيمنة العرف العشائري على المؤسسات الصحية. وتطورها الى تهديد سافر للأطباء وإبتزازهم، وعجز الجهات المسؤولة عن ردع المعتدين والقتلة، الأمر الذي إنعكس سلباً وبشكل كبير على الخدمات الطبية.
متى تدرك الجهات المعنية ان الأعتداءات على الطبيب أثناء تأديته لواجبه وتهديده بالقتل ومطالبته بـ "دية قتل" من قبل عشيرة المتوفي الذي دخل المستشفى بحالة حرجة، أو عند حصول خطأ غير مقصود من قبل الطبيب المعالج،وهذا ما يحصل في كافة بلدان العالم،قد أثرت كثيراً على أداء الأطباء وأجبرت بعض الجراحين العزوف عن إجراء العمليات الكبرى التي تحمل درجة كبيرة من الخطورة على حياة المريض، ودفعت الكثيرين منهم الى ترك المستشفى ومغادرة البلد.
وباتت التهديدات العشائرية للأطباء تأخذ طابع الابتزاز وليس استرداد الحقوق- بحسب نقيب أطباء ذي قار. فيما أكد نقيب أطباء البصرة أن حالات الاعتداء على الأطباء مستمرة من مختلف الشرائح الاجتماعية وكذلك الخارجين على القانون.

في حوار مع إذاعة " دويتشه فيله عربية"، في 22/2/2013 أكد الخبير الاجتماعي حسن كريم حسن: "تُعدُ هيمنة العرف العشائري على المجتمع العراقي إثر غياب سيادة السلطة الحكومية من أهم الأسباب التي ساهمت في ارتفاع حالات استهداف الأطباء عشائرياً في أغلب المدن العراقية".وأضاف: " زعماء العشائر غالباً ما يبتزون الكفاءات العلمية الاختصاصية من أجل الحصول على منافع مادية تحت ما يسمى بـ "الفصل العشائري" لاعتقادهم أن الطبيب ذو قدرة مالية على الدفع".وأوضح:" ان أخطاء الأطباء في التشخيص والعمليات الجراحية أمر وارد في كل دول العالم، وهو ما تحكمه أنظمة وقوانين تحفظ حقوق كل من الطبيب والمريض".
فما هور رد الفعل الحكومي ؟

إجراءات غير فاعلة

في عام 2013 صدر قانون لحماية الاطباء واقره مجلس النواب وصادق عليه رئيس الجمهورية، جاء في بعض مواده: حماية الأطباء من الاعتداءات والمطالبات العشائرية والابتزاز..معاقبة بالحبس لمدة لا تقل عن ثلاث سنوات وبغرامة لا تقل عن 10 ملايين دينار كل من يدعي بمطالبة عشائرية او غير قانونية ضد طبيب عن نتائج أعماله الطبية ".ومنحت وزارة الداخلية الطبيب إجازة حيازة سلاح شخصي..
لكن ما تم تشريعه من قوانين تخص شريحة الأطباء لن تحميهم- بحسب أعضاء لجنة الصحة والبيئة النيابية..وفعلآ ظلت الإجراءات القانونية حبراً على ورق..ولم تحد من الأعتداءات والبلطجة ضد الأطباء، لا بل أصبحت عمليات الترهيب والأختطاف والقتل تجري في وضح النهار وأمام أنظار الجهات الأمنية،التي لم تحرك ساكنا ً..
وعبر مئات الأطباء عن خيبة الأمل لأن الدولة تخلت عن حمايتهم.وإنتقدوا وزارة الصحة لمواقفها غير الجدية أمام ما يحصل لمنتسبيها. ومع انها إعترفت في أذار 2013 بخضوع الأطباء للابتزازات والبلطجة العشائرية،وأكدت بأن الشرطة تكون في بعض الأحيان غير قادرة على حماية الأطباء بسبب تعرضها هي الأخرى إلى التهديد، وأقرت بحدوث عشرات الأعتداءات بالضرب والتهجم على طبيبات وأطباء "لأسباب الشرف" بفعل المجتمع العشائري، ومطالبة الأطباء بملايين الدنانير كفدية وماشابه..لكن الوزارة لم تتعامل جدياً مع المشكلة ولم تقدم حلآ لها..وكل ما فعلته وبعد تفاقم المشكلة حذرت في تشرين الأول 2015 من تنامي ظاهرة الاعتداء على الأطباء في المستشفيات، وعزتها إلى ضعف الجانب الأمني وما تمارسه بعض وسائل الإعلام من تلفيق ضد الأطباء. ودعت إلى تضافر الجهود للحد من الظاهرة،التي طالت العديد من الأطباء خلال تواجدهم في المستشفيات وبدأت تأخذ حيزا كبيرا ومنحدرا خطرا.بذات الوقت أقرت بأنها لا تمتلك إحصائية دقيقة لحالات الاعتداء التي حصلت لحد الآن.ويعود ذلك لامتناع العديد من الأطباء عن الإدلاء بشكواهم خوفا من التهديد ولأسباب اجتماعية أخرى.. وما تزال التهديدات مستمرة وكذلك الملاحقات العشائرية..
وذات الموقف ينطبق على نقابة الأطباء المركزية،التي أكدت على لسان الدكتور وليد الحديثي-النائب الأول لنقيب الأطباء، علمها بوقوع إعتداءات على الأطباء وان عددها يتزايد منذ عدة سنوات، غير انها نفت وجود إحصاءات وبدت غير قادر على طرح حل حقيقي للمشكلة عدا انتظار صدور قانون حماية الأطباء الذي ما يزال في إدراج مجلس النواب. وهكذا وقفت النقابة عاجزة هي الأخرى عن حماية أعضائها، ولم تطرح حلاً حقيقياً للمشكلة.

مواصلة إستهداف الأطباء

نشير هنا الى بضعة أمثلة حصلت مؤخراً:
*سجلت دائرة صحة محافظة ديالى أكثر من (50) اعتداءً على الكوادر الطبية في مدينة بعقوبة وقضاء المقدادية خلال العام الحالي.
*سجلت نقابة ذوي المهن الصحية في محافظة المثنى (76) حالة اعتداء على الكوادر الطبية العاملة في المحافظة منذ بداية العام الحالي.
*تعرض العديد من أطباء ميسان للتهديد ما اضطرهم إلى تنظيم وقفة احتجاجية في مستشفى الزهراوي، بمدينة العمارة، للتنديد بالممارسات الهمجية ضدهم وتوعدهم بالقتل أو الخطف، كما حدث لاختصاصي الأطفال عصام صدام.
*تشهد صالات الطوارىء في مستشفيي اليرموك والكندي حالات الاعتداء المتكررة وبشكل ملحوظ من مرافقي المرضى او حتى المرافقين العسكريين.
*أكدت وزارة الصحة تسجيل 90 حالة اعتداء على الأطباء في جانب الرصافة ببغداد وحدها منذ بداية العام الجاري. وشهدت الأسابيع القليلة الماضية الكثير من الحوادث، ومنها:
-التهديد بالقتل أو الخطف والأبتزاز للعديد من الأطباء من مختلف الأختصاصات في ميسان والبصرة وذي قار والديوانية وبغداد.
- محاولة خطف الطبيب ابراهيم المطوري الذي يعمل في مستشفى القرنة العام التي نفذها مسلحون مجهولون في 2 /12/ 2015، ونجا منها بمساعدة مواطنين تواجدوا في المكان..
- قتل الدكتور جعفر حسين-مدير مصرف الدم في مدينة الصدر داخل منزله في شرقي بغداد.
*قتل الدكتور وسيم خضير عباس- الطبيب في مستشفى الشيخ ضاري بمنطقة الحسينية شمال شرقي بغداد- وهو يستقل سيارة حكومية من قبل مسلحين ملثمين لاذوا بالفرار.
-اقتحام مجموعة مسلحة تعود لاحدى الجهات المتنفذة مستشفى الامام علي (الجوادر سابقا) ببغداد، على خلفية لمس احد الاطباء في المستشفى يد احدى المريضات أثناء الفحص.وجرى الإقتحام امام انظار القوة المكلفة بحماية المستشفى،والتي لم تحرك ساكنا، مما اثار الرعب بين المواطنين.
-الإعتداء على أحد الأطباء في مستشفى الصدر بشكل مهين من قبل ذوو مريض بذريعة عدم إهتمامه به. وعندما إحتجت الكوادر الطبية على هذا الأعتداء الغاشم أمرت وزيرة الصحة بإستقطاع أيام الأحتجاج من رواتب المحتجين، بدلآ من التضامن معهم ومساندة مطالبتهم بحمايتهم أثناء تأدية الواجب.
وقبل ذلك: قام رئيس مجلس محافظة النجف بالاعتداء على الأطباء الخفر في مستشفى الحكيم دون أن يحاسبه أحد. وتكرر الأمر ضد الكوادر الطبية من أفراد الأجهزة الأمنية في مستشفى سامراء العام بعد وفاة زميل لهم في المستشفى إثر حادث دعس تعرض له بحجة أن الأطباء لم يقوموا بواجبهم. وحصل الاعتداء ذاته في مستشفى الفلوجة العام...
ولم تسلم الطبيبات من الأعتداءات، إذ سجلت الكثير منها ضدهن،ليس فقط بالإهانة والكلام البذيء، بل وبجرهن من شعرهن وحتى بالضرب وتمزيق الملابس، دون أن يجرؤ أحد من الشهود على التدخل والمساعدة خشية من بطش العشائر..
والجدير بالأشارة ان العديد من وسائل الأعلام العراقية نشرت تفاصيل الأعتداءات وأسماء الضحايا.

تصاعد المطالبة بإجراءات فاعلة ورادعة

لقد أصبح الاعتداء على الملاكات الطبية ظاهرة في عموم العراق، بهدف إفراغ البلد منهم ضمن خطة إفراغه من الكفاءات العلمية.
بالمقابل، لم تردع المعتدين الإجراءات المتخذة،بما فيها: قانون حماية الأطباء،وتشكيل السلطة القضائية الاتحادية لمحكمة تحقيق متخصصة بدعاوى التهديد والاعتداء على الأطباء جراء ممارسة مهامهم الطبية . .
حيال هذا، تتصاعد مطالبة الحكومة والبرلمان بضرورة اتخاذ إجراءات فاعلة و رادعة عاجلة لوضع حد لاستهداف الأطباء.وفي هذا الأطار لابد من الأستجابة لمطالب الأطباء الذين عبروا عنها في وقفاتهم الإحتجاجية في بغداد وبقية المحافظات .
وعلى شيوخ العشائر ان يحذو حذو شيخ عشيرة متنور الذي دعا الى ضرورة وقوف شيوخ العشائر ضد أية حالة اعتداء تطول هذا الطبيب أو ذاك، لكون الطبيب صاحب رسالة إنسانية ويجب احترامه وتقديم ما يحتاجه من مساعدة وعون"، مبينا أن "القانون والقضاء هما من يحدد عقوبة الطبيب في حال خطئه في أمر ما".
علماً بان المرجعية الدينية العليا دعت إلى تفعيل الإجراءات الأمنية الخاصة بحماية الملاكات الطبية، وإلى الصرامة في تطبيق القانون بحق المعتدين عليها.
وحتى الأمانة العامة لمجلس الوزراء على لسان معاون الأمين العام شددت على ضرورة اتخاذ إجراءات رادعة للحد من الاعتداءات على المستشفيات ومنسوبيها. وكان مجلس الوزراء قد وجه الأمانة العامة ووزارات: الدفاع, الداخلية , الصحة، العمل بموجب قراره رقم (379) المتخذ في جلسته الحادية والاربعين في نهاية تشرين الأول 2015 بشأن الحد من الاعتداءات على المؤسسات الصحية.ونصت التوصيات أيضا على الطلب من الجهات ذات العلاقة كافة وشيوخ العشائر ومنظمات المجتمع المدني والوزارات والجهات الأخرى للعمل ضمن مساحاتها البشرية بالتثقيف والتوعية والتحذير بخصوص خطورة ما تقدم، والطلب من وسائل الاعلام المختلفة لأخذ دورها بذات الاتجاه..
كلام مضبوط.. لكن الحماية الجدية للأطباء لن تتحقق بمجرد الكلام والوعود التي لا تنفذ.المطلوب ان تهتم الحكومة بالمشكلة جدياً، وان تجسد الأهتمام بعمل عاجل، فاعل ورادع ضد المعتدين وكشفهم للرأي العام بكل جرأة وشفافية !
وعلى الجميع ،وبخاصة العشائر والمواطنين،الى جانب الجهات الحكومية المعنية،ان يدركوا ان الخاسر الأول والأخير من الأعتداءات على الأطباء ودفعهم الى مغادرة المستشفيات الحكومية والبلد،هو المجتمع العراقي برمته، وفي المقدمة فقراءه.وعلى الجميع ان يتصدوا للظاهرة ويقفوا بوجه المعتدين كي لا يخسر العراق المزيد من أطباءه، فتخسرهم الصحة العامة والمتضرر الأكبر من ذلك هم غالبية المواطنين العراقيين !

• أكاديمي وباحث بالصحة والبيئة



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن