دعوة خلع الحجاب تهدد من؟

هدى الجابري
huda.samir2@gmail.com

2015 / 11 / 6


من الغريب ان يطرح موضوعا مثل - تظاهرة لخلع الحجاب- ويثير جدلا واسعا وغضبا حد الإساءة الى شخصية كاتب وإعلامي كبير مثل شريف الشوباشي، لمجرد انه أعطى رأيه بموضوعة الحجاب. الشوباشي دعا النساء اللواتي فرض عليهن الحجاب بالتوجه الى ساحة التحرير في القاهرة والتظاهر من اجل خلعه وعلى الحكومة أن توفر الحماية الكافية لتلك التظاهرة. ورأى الشوباشي كذلك ان " 70 % من النساء في مصر يلبسن الحجاب قسرا، لأسباب عديدة أهمها: صعود تيار الاسلام السياسي". طبعا الكثير من الأصوات الرافضة ارتعدت وارتعدت من الفكرة واعتبرت رأيه خطوة منافية لحقوق الانسان وضد الحرية الشخصية، وخاصة من بعض ممثلي الحركات والمنظمات الإسلامية في مصر، "ما أحلاهم" حين يدافعون عن الحرية الشخصية حيث يصبح نفاقهم واضحا لا لبس فيه.
إن فكرة المطالبة بالتظاهر لخلع الحجاب، من قبل النساء اللواتي لم يخترن الحجاب بإرادتهن أرعبت واستفزت المؤسسات الدينية والمنظمات الإسلامية الى هذا الحد! بينما لم يرف لهم جفن حين قتلت عشرات النساء من قبل عوائلهن بحجة الشرف وغيرها، ولم يرف لهم جفن عندما استباحت جماعات (داعش) دماء النساء الأيزيديات واغتصبن، وحين اختطفت جماعة (بوكا حرام) الفتيات من المدارس وأعتدي عليهن، إضافة الى تاريخ التحرش الجنسي في المجتمعات" الإسلامية" وكل ما يقومون به هو إلقاء اللوم على النساء، وزيادة الضغوط عليهن وعلى حرياتهن. أما فتاوى مثل:" زواج الأطفال، مفاخدة الرضيعة، ارضاع الكبير، مضاجعة الوداع، سن التكليف الشرعي، وغيرها لا تؤثر او تثير تلك المؤسسات او المنظمات الدينية لانها هي من تصنع هذه الدعوات التي لا تمت للمجتمعات الانسانية بأي صلة، لا من بعيد ولا من قريب. لكن الامر يعد من الكبائر حينما يصل لخلع الحجاب، لانهم يدركون انه جزء من حرية المرأة (المجبرة عليه) ويعتبروها "فتنة"
أية فتنة تثيرها دعوة صريحة لممارسة حق مشروع مثل حق عدم لبس الحجاب لغير الراغبة فيه؟ يتبجح الاسلاميون دائما بالقول" أن النساء اعطين الحق الكامل والحرية في اختيار لبس الحجاب وان حرية المرأة " الشخصية" مكفولة في الدين الإسلامي". اذا لماذا هذا الخوف من دعوة لنزع الحجاب؟ أليس لأنهم متأكدين، بما لا يقبل الشك انهم قد فرضوا الحجاب قسراً على أغلبية النساء وبكل الوسائل اللاإنسانية، ابتداءً من رش المواد الحارقة على وجوه واجساد النساء والاعتداء بالضرب والإهانة في الشارع، ثم تأليب الآباء والامهات على تحجيب بناتهم ومنع خروجهن من المنزل وتوعد النساء بشتى انواع الوعيد والتهديد من عقاب الله في الأخرة وإن وقوف الاسلاميين بوجه دعوة خلع الحجاب، قد كشفت كذبهم وزيف ادعاءاتهم عن الحرية وحقوق المرأة داخل الإسلام.
اذا صدقنا ان الحجاب يحمي المرأة من التحرش الجنسي في الشارع ومكانات العمل والمدارس "بحسب ما يدعيه رجال الدين" فإن الواقع يثبت العكس بشكل واضح وصريح. فبعد عقود من الدعوات والفتاوى والصراخ في المساجد ووسائل الإعلام بضرورة لبس المرأة للحجاب لكي تحمي نفسها من التحرش الجنسي، لم ينهي ذلك ظاهرة التحرش ولم يحمي المرأة. وحقيقة الواقع ان الكبت الموجود في المجتمعات الاسلامية يزيد كلما زادت الضغوط على المرأة وعلى وجودها في المجتمع، والحل ليس في لبس حجاب او لباس ديني، بل المشكلة اكبر من ذلك، انها تكمن في جوهر وجود الاسلام في المجتمع وتعامله مع المرأة ومكانتها وكل ما يتعلق بمفهوم وطبيعة علاقتها بالرجل. في الحقيقة فإن أكثر المجتمعات التي تعاني من ظاهرة التحرش الجنسي، هي المجتمعات الإسلامية وعلى رأس القائمة مصر واليمن، بينما نسبة النساء اللواتي يرتدين الحجاب تصل ال 89% في مصر، في حين إن نسبة التحرش الجنسي تصل الى 97% . اتساءل لماذا لا يقلل لبس الحجاب من كل هذا التحرش الجنسي؟
وعودة الى رأي الشوباشي، الذي لم يجبر أي امرأة على نزع الحجاب، لكنه عبّر عن رأي الملايين من النساء اللواتي أجبرن على لبسه. وهو إنما دافع عن النساء اللواتي غيبن واضطهدن وأجبرن على الحجاب دون ارادتهن. وهو ليس الوحيد من يرى ذلك، فقبله أطلقت الصحفية الإيرانية ( مسيح علي نجادي) صفحة في الفيس بوك للنساء الإيرانيات وطلبت من كل امرأة تشعر ان الحجاب فرض عليها، ان تأخذ لنفسها صورة دون حجاب في مكان عام وتضعها على الصفحة وفي غضون اسابيع قليلة امتلأت تلك الصفحة بحوالي النصف مليون صورة لنساء من مختلف الأعمار ومن دون حجاب. وقالت أيضا: " أنا لست ضد الحجاب، فأمي محجبة، لكني انشأت الصفحة لأعطي النساء منصة للتعبير بحرية عن اختيارهن “. (الكاردين)* . ما لذي يجبر اكثر من نصف مليون امرأة على التقاط صورا لهن من دون حجاب ونشرها على صفحات التواصل الاجتماعي إن لم يكن مجبرات على لبسه؟
أرى ان قرار لبس الحجاب يعود الى المرأة نفسها، وليس لأي احد ان يقرر ذلك عنها مهما كانت سلطته الدينية او الاجتماعية، وعلى الحكومات التي تدعي انها تؤمن بحقوق الانسان والمرأة ان تحمي حياة النساء و حريتهن في اختيار الملبس يجب ان تضمن دون قيد أو شرط.


Dehghan, S Kamali. Iranian woman wins rights award for hijab campaign. The Guardian.
http://www.theguardian.com/world/2015/feb/24/iranian-woman-wins-rights-award-hijab-campaign



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن