حكاية حكيم

حامد الكليبي
hamedmathey@yahoo.com

2015 / 10 / 7

حكايات حكيم
.......................
كان اهل الريف وهم يتجولون بين الروابي والسهول لطلب الكلأ لمواشيهم وهم يشكلون مجموعات لتفادي الاعتداء عليهم ، وهناك قرى ثابته في بيوت بنيت من الطين ، ومن عادتهم يتجمعون في مكان يسمى بالمضيف لاحد مشايخ احدى القرى وهو رجل حكيم وقور وكريم وتقدم لهم القهوه والشاي وتسمى هذه الجلسه بالتعلوله ( سهره ) وهناك يدار حديث لمختلف نواحي الحياة وتبرز من تلك المجموعه رجال يجيدون الكلام اللغوي والحكمه ويتمتعون بصفات لم تكن مألوفه بذالك الوقت لعدم وجود كتاتيب ووسائل تعليميه كالمدارس وقلة احتكاكهم بالمدينه حيث اكثرهم بل الاغلب لايقرأ ويكتب ، ولكن كان تعلمهم من معاشرة المضايف والتقاط المعلومه والحكمه من افواه حكمائهم ونقلها من جيل الى جيل عبر تجمعاتهم في المضايف ، وهنا يتادر الى الاذهان .... كيف استطاعوا ان يوضفوا معرفتهم لتلك الافكار الى حكمه تنفع الناس ، بدون وسائل مكتوبه مرت بهم قديما ، وها انا اوجز بعضا منها .
شكى احد الجالسين من متاعب الحياة وآلامها .. فرد عليه احدهم قائلأ ...انما تشعرون به من آلام هو انكسار القشره التي تغلف ادراككم كالقشره الصلده التي تحجب الثمره كي يبزغ قلبها من ظلمة الارض الى نور الشمس ، لذا يجب ان تحطم ألآلام قشوركم قبل ان تعرفوا معنى الحياة ولو استطعتم ان تغيروا عجائب حياتكم اليوميه حقها في التأمل والدهشه لما كنتم ترون آلامكم اقل غرابه من افراحكم وان بدت لكم ثقيله وقاسيه كفنجان قهوه حين يحرق شفاكم وانتم تشعرون باللذه وتنالوا جرعته المره بسكينه وطمأنينه .
وشكى اخر من الناس المتطفلين والمغالين في حديثهم وشعورهم في سمو نفسه بالتعالي .
فرد عليه شيخ حكيم ..وقال ..ان قلوبكم تعرف في السكينه اسرار الايام والليالي وتتشوق آذانكم سماع صوت هذه المعرفه الهابطه على قلوبكم وتودون معرفتها بالألفاض والعبارات و افكارها وتأملاتها وتودون ان تلمسوا باصابعكم جسدها العاري ، الكامن في تفوسكم سينفجر يوما ماء يجري منحدرا للبحر ولم ينفع ،والكنز المدفون في اعماقكم سينقب في ساعه لاتعلمونها وتفتح ابوابه امام اعينكم وتوصد امامكم ابواب السلام مع افكاركم وتعجزون من السكوت في وحدة قلوبكم وتتيبس في شفاكم اصوات لتلهيكم وتسليكم كاطائر في الفضاء يبسط جناحيه في قفص الألفاض وهو لايستطيع ان يخلق طائرا فالثرثار المهذار ضجرا من الوحدة والانفراد يرسم صوره واضحه لذاته العاريه وهو يرتعد لدى رؤيتها ويهرب منها كمثل الذين يتكلمون بغير معرفه وبدون سابق قصد ويظهرون حقيقه لايدركونها بانفسهم ..
وهناك رجال اودع الحق قلوبهم ويأبون ان يلبسوا حلة اللفظ ، وفي احضان هولاء تقطن الروح في هدوء وسكينه ..



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن