التقشف وصحة اليونانيين

محمد حسن خليل

2015 / 8 / 4


كان النظام الصحى فى اليونان واحدا من أحد أفضل الأنظمة فى العالم، لكنه تدهور تحت تأثير السياسات التقشفية. توضح إحصائيات عام 2007 أن الإنفاق الصحى فى اليونان 9.6% من الناتج المحلى الإجمالى يمثل الإنفاق الحكومى 60% منها. ويتوافر فى اليونان 4.8 سرير مستشفى لكل 1000 مواطن (فى مصر 1.2 سرير لكل 1000 مواطن!). كما يتوافر 6.1 طبيب لكل ألف مواطن (فى مصر هناك 0.7 طبيب لكل 1000 مواطن!).
ويقوم النظام الصحى فى اليونان على نظام تأمين قومى تموله الحكومة ويغطى الفقراء، ورعاية الأمومة والطفولة، والطب الوقائى، وبدل أجازات الحمل والوضع، وتعويض الحوادث والوفاه. كما أن هناك نظاما للتأمين الصحى الاجتماعى يغطى حوالى نصف الشعب (5.5 مليون)، كما يغطى أسرة المؤمن عليه، والمعاشات. يغطى التأمين كل نفقات الكشف الطبى (بما فيها الكشف الطبى المنزلى) والعلاج والفحوص وخدمات المستشفيات، وعلاج الأسنان، والتأهيل والأجهزة التعويضية بما فيها الكراسى المتحركة للمعاقين والعدسات اللاصقة وسماعات الأذن، ولا يتحمل المواطن فى كل هذا، عدا الاشتراك بالطبع الذى يدفعه كل من العامل ورب العمل، غير 25% من تكلفة الدواء. ويتم رد نسبة من كشف الأطباء الخاصين والأدوية التى يصرفونها. كما يغطى الباقون أنظمة تأمين صحى أخرى أشهرها الذى يقدم خدماته للموظفين العموميين، وموظفى البنوك، والتجار والمهنيين. ويتم تقديم خدمات الطوارئ بالمستشفيات مجانا لجميع المقيمين على أرض اليونان بما فيهم الأجانب.
لهذا اعتبر تقييم منظمة الصحة العالمية عام 2000 الكفاءة الكلية للنظام الصحى اليونانى رقم 14 عالميا من 191 دولة، سابقا بذلك كل من ألمانيا وبريطانيا، ومتوسط العمر فى اليونان 80.3 سنة.
ونهدف هنا إلى توضيح أثر السياسات التقشفية التى فرضت نتيجة للاستدانة، من خلال 3 برامج تقشفية، فى أعوام 2009، 2011، وأخيرا يوليو 2015 على الأوضاع الصحية.
انعكس هذا على الصحة فى صورة تخفيض مخصصاتها إلى 4.8% من الناتج المحلى الإجمالى (وفى انتظار مزيد من التخفيض) مما أدى إلى إغلاق 40% من المستشفيات، وتسريح حوالى نصف الأطباء. كما انعكس هذا على قصر التأمين الصحى على من يفقد وظيفته لمدة عام واحد فقط بعد فقدانه الوظيفة. وبهذا، وبعد وصول معدل البطالة إلى 26.5%، خرج ما يقرب من ثمانمائة ألف من مظلة التأمين الصحى، ولم يعد التأمين الصحى اجتماعيا ولا شاملا. كما فرض على المرضى دفع نسبة أعلى من تكلفة الدواء، وأصبحت هناك أدوية غير متاحة للمرضى فى التأمين الصحى،ويجب ودفع نسبة من تكلفة العمليات الجراحية.
تدهورت صحة الشعب. عادت الملاريا بعد 40 سنة من استئصالها، وزادت نسبة ولادة أطفال متوفين21% ، وارتفعت وفيات الأطفال 43%. وارتفعت حالات الإيدز من 15 حالة عام 2009 إلى 484 حالة عام 2012، وزادت حالات الانتحار 25%! المصدر الرئيسى للمعلومات عن التدهور هو مقال لأستاذ صحة عامة فى جامعة أوكسفورد كان أساسا لتقرير تفصيلى فى صحيفة الإندبندنت.
دكتور محمد حسن خليل



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن