رسالة من مواطن سوري إلى من تبقى من بعثيين شرفاء :دعوة الى الانسحاب من حزب البعث

أحمد مولود الطيار

2005 / 10 / 10

الإخوة المسحوقون في حزب البعث العربي الاشتراكي
تحية و بعد :
قد تكون مقدمة خطابي تتشابه مع خطابات المسؤولين السوريين و لكن ليس في اليد حيلة فاللغة استعصت علي ولكن لا بأس (...) .
أناديكم في لحظة مفصلية وهامة من تاريخ سورية الحديث والمعاصر, أتوجه إلى عقولكم أولا وإلى وجدانكم وضمائركم ثانيا, يقينا مني أنكم تمثلون فئات وشرائح واسعة ومختلفة من الشعب السوري اكتوت مثلها مع باقي فئات وشرائح الشعب الأخرى من سياسات ظالمة لم يكن همها إلا تثبيت مصالحها والمحافظة على امتيازاتها . إنني أخاطبكم من منطلق أنكم المطية التي يركبها ذوي الامتيازات المافيوية لتمرير سياساتهم عبركم .
إن حزب البعث هو الركيزة الايدولوجية للنظام السياسي , لكن السؤال الذي يطرح نفسه : هل حزب البعث هو الذي يحكم؟
طوال أربعين عاما ونيف هي عمر النظام السوري, كان البعث واجهة وغطاء ليس إلا. الحاكم الفعلي طوال تلك الفترة ولازال هو الجهاز الأمني الذي يعد المرجعية التي يعود إليها الساسة والسياسات, وحزب البعث لم يمارس السياسة فعلا إلا عندما كان في المعارضة, أي قبل 8آذار 1963عندما كان فعلا حزبا جماهيريا يتنافس بشرف ضمن اللعبة الديموقراطية مع باقي الأحزاب الأخرى. بعد وصوله إلى السلطة عبر الانقلاب العسكري أدار ظهره للمجتمع واقتصر دوره فيما بعد ليكون واجهة إعلامية وأيديولوجية لتغطية الفساد الحاصل و تبرير الاستبداد. إن النخبة الحاكمة القليلة العدد في سورية تتخذ من حزب البعث مفتاحا حقيقيا لاستعباد المجتمع وإخضاعه وإقصائه عن ممارسة دوره الحقيقي ويتم ذلك عبر تأبيد المادة الثامنة من الدستور والتي تقول : إن حزب البعث (...) هو الحزب القائد للدولة و المجتمع. و يدرك تماما المعارضون لتغيير هذه المادة سيئة الذكر أنهم بذلك يقطعون الطريق على أية تعددية سياسية وعلى أية معارضة ذات قيمة ووزن. إنهم بعنادهم وإصرارهم على المحافظة على السياسات القائمة وعلى هذه المادة بالذات إنما بذلك يحافظون على مواقعهم السلطوية وعلى الفوائد الجمة التي يجنونها عبر تلك المواقع ولا علاقة أبداً لكلام عن شأن وأهمية البعث .
أخي البعثي:
العالم يتغير من حولك وسورية يتربص بها عدوان شرسان واحد من الغرب وآخر في الشرق. والنظام السياسي الذي يحكم البلد عبر سياسات قروسطية متخذا منك الغطاء الدستوري لابتلاع المجتمع، يريد منك كذلك الوقوف أمامه درعا يحميه من غضبة الشعب السوري. إلى متى ستظل تدور في حلقتك المفرغة يمارس النهب باسمك وتجوع وتحرم من أبسط حقوقك وتظل ساكتاً إما خائفاً أو متوهما بالشعارات الفارغة التي يحاول النظام من خلالها المتاجرة بك وبنا؟
شعارات فقدت وهجها وألقها و تعرت ولم يعد يستر عورتها حتى ورقة التوت بفعل الممارسات والسياسات التي تتفارق جذريا معها.
يحاول النظام، الذي يحكم باسمك وباسم البعث والذي انفضح دوره تماما خلال السنوات القليلة الماضية، القيامَ بمحاولات يائسة علّها تعيد ضخ الدم من جديد في عروقه التي يبست، خاصة وهو يدرك أنه بسياساته الحمقاء قد وضع البلد أمام تحديات جديدة وخطيرة، وبخاصة بعد التغيرات السريعة والمتواترة التي تشهدها خارطة العالم ويدرك أنه إزاء تلك التطورات قد فقد القدرة على المناورة السياسية، ولم يبق لديه من أوراق اقليمية يلعب بها.
ماذا سيفعل النظام الحاكم وسورية في وضع لا تحسد عليه، حيث حشرها بين مطرقة الخارج وسندان الداخل؟ ضغوط خارجية تتصاعد ووضع داخلي لا يحسدنا عليه حتى دول من مثل الصومال و موريتانيا واليمن وجيبوتي تلك الدول التي لا نتسابق إلا معها من حيث الدخل الوطني ومعدلات الجوع والفقر, حيث إخفاقات النظام الاقتصادية تتوالى والبطالة والأمية في ارتفاع وتقهقرنا سجل أرقاما قياسية على كافة الصعد.
إن جعبة النظام السوري أضحت خاوية اللهم إلا مراهنته على الوقت و تبديده كيفما كان أو على صفقة يعقدها مع الأمريكان يأمل من جرائها المحافظة على الوضع القائم, أما غير ذلك من محاولات جدية للعودة عن سياساته السابقة والانفتاح على مختلف تيارات الشعب السوري فيبدو أن ذلك لا يدخل في أولياته. الشعب السوري لا يستأهل ذلك في عين النظام فهو شعب قاصر ونتائج مؤتمر حزب البعث الأخير تؤكد أن النظام لا يعير أي التفاتة للداخل إلا بعض الترقيعات ذرا للرماد في العيون من مثل قيادة قطرية جديدة مؤلفة من أربعة عشر عضوا بدلا من واحد وعشرين واستبدال وجوه بأخرى وتوصيات عقيمة ملّها الشعب السوري سمع عنها الكثير سابقا ومن قمة هرم الدولة.
التغييرات الحقيقية لا يظنن متفائل أنها ستخرج عن هكذا نخبة, تلك المتعلقة بتركيبة النظام وعلاقته بالمجتمع والقوى السياسة المعارضة.
إن الفساد الذي أضحى كالسرطان، والتجاوزات وانتهاكات حقوق الإنسان والفشل الاقتصادي والعجز الإداري وترهل الدولة.. كل هذا يتعاظم في ظل تغييب قوى اجتماعية وسياسية مالكة للقدرة على المراقبة والمسائلة والمحاسبة.
أخي البعثي:
وطننا يتداعى وأطفالنا لا مستقبل لهم ووحدتنا الوطنية تلفظ أنفاسها والسياسات الاقصائية والقهر السلطوي والحكم الشمولي بنت أوطاناً كرتونية لن تصمد أمام الأنواء والعواصف التي تحدق بنا. والتاريخ يحتوي لحظات فاصلة في حياة كل الشعوب المتطلعة إلى حياة حرة وعزيزة. فهل ستقول كلمتك وتتخلص وإلى الأبد من كونك حجر شطرنج ضئيل تتحرك كيفما يشاءون، وهل ستدرك أنك ذات فاعلة, قادرة على صنع غدها أم ستظل راكنا قرارك ومصيرك بيد حفنة من البلطجية والشبيحة تفعل بنا وبك ما تمليه عليها نزواتها وغرائزها وتعطشها المرعب إلى السلطة؟
انك في صميم هذا الوطن وفي دائرة همّه فهل ستعيد النظر بحزبك أو ستنسحب منه وبأعداد متزايدة لتنظم إلى القوى الأخرى مشكلا معها ومع غالبية الشعب المغلوب على أمره قوى حقيقية تنشد الإصلاح والتغيير؟
هل ستقول كلمتك؟

سورية– الرقة



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن