لكن مثلي لا يذاع له سر...

عبد الرحمن جاسم
dark014@hotmail.com

2005 / 10 / 10

أجل؛ قبل أن أواجه بأي سؤال، أريد أن أجيب مسبقاً، نعم! إن أمثالي من الأشخاص، حتى وإن كان لديهم أسرار -وهي أسرارٌ سخيفة بأي حال من الأحوال، وليس من بينها أي سرٍ له علاقة بأسلحة العراق النووية، أو بالتواصل الفكري بين علماء الكون- لا يذاع لهم أسرار. باختصار أسراري، التي هي أسرارٌ عادية، تشبه أسرار أي واحدٍ فيكم، لا تذاع، ولا يمكن أن تذاع. لأنها بأي حالٍ من الأحوال لا يرغب بها أحد، لأنها لا تقدم ولا تؤخر.
فمثلي/مثلكم لا قيمة لأسراره، لأنها بسيطة، عادية، ليس فيها من كثير من خطأ. فلنأخذ طبشورة ولوحاً، أو ورقة وقلما، لكنني أفضل اللوح والطبشورة لأنها أكبر وتأخذ مساحة أكبر، ونبدأ بكتابة أخطاءنا القاتلة، التي قمنا بها منذ بداية حياتنا ولغاية اليوم. النتيجة؟ ما هي النتيجة؟ هيا اكتبوا! مابكم؟ لماذا تتوقفون؟ أهذه هي كل أخطائكم؟؟؟ هذه هي فقط؟ إنها لم تملأ نصف اللوح؟ هل أغفلتم بعض الأشياء؟ هل نسيتم بعضها؟ أم أنكم ترفضون تذكر جميع الأخطاء والعثرات؟
(تذكروا أمراً مهماً، لا أحد يمكنه قراءة أو مشاهدة اللوح/الورقة، أنتم وحدكم لكم الحق بذلك،)
إذا فلننتظر قليلاً, هل انتهيتم؟ أظن ذلك.
نعم!!! أخطائكم لا تزال لما تملئ اللوح بأكمله؟ أين الأسرار؟ أخبروني أنتم؟ هل هي أسرار ثمينةٌ لدرجة أنها يمكن أن تغرق حياتكم كلها في العتمة إذا ما عرفت؟ أو أنها أخطاءٌ من شأنها إدخالكم نار جهنم إذا ما حوسبتم عليها؟ لا أعرف أظنكم تعرفون أكثر مني! لربما
يا أحبتي، الأمر أبسط من هذا بكثير، إن مثلي، لا يذاع له سر، لأنه بسيط، وأحاول أن أكون لطيفاً بمقدار كبير فلا أستعمل كلمة سخيف، وهي الكلمة الأمثل في هكذا مكان، أجل يا أحبتي، أنا سخيف، وما العيب أن يكون المرءُ سخيفاً أحياناً؟ ما العيب في أن أسمع أغانٍ سخيفة، وأشاهد برنامجاً تلفازياً سخيفاً، وأقرأ روايةً سخيفة، وأكون سخيفاً لأوقاتٍ معينة من النهار؛ ما هو العيب في ذلك؟ هل يجب علي أن أكون مهماً كي تذاع أسراري؟؟؟ ومن قال أنني أريد أن تذاع أسراري يا أحبتي؟ من قال أنني أريد أن أصبح موضع تندر الناس أو تبادلهم للأحاديث؟ أفضل أن أظل بسيطاً(كي لا أقول سخيفاً) ويظل سري حبيساً ودفيناً في قلبي.
أحبتي، قد تشعبت كثيراً في هذا المقال، وتوسعت باتجاهين كان يجب أن أخوض كل واحد فيه على حدة، الأول هو أخطائنا التي سنحاسب على أساسها، والثاني هو القيمة الأساسية للشخصية. ولأن موضوعي الأساسي كان ولا يزال أن مثلي/مثلكم لا يذاع له سر؛ سأكمل في هذه النقطة، على أمل أن أكتب في النقطتين لاحقاً.
السر يا أحبتي هو أمر نخفيه في داخلنا لأنه يخلق داخلنا شعورين مختلفين، الأول هو القوة، فالسر، يا أحبتي، يشعرنا بأننا أقوياء قادرين على أن يكون لدينا حياة خفية بعيدة عن أعين الآخرين وكل المتلصصين. راقبوا أي طفلين صغيرة وخصوصاً الفتيات، حالما يبدأ وعيهن بالتشكل تبدأ الأسرار بالظهور في حياتهن بشكل محموم، هذا بالنسبة للشعور الأول، تشعر الفتيات بالقوة والخصوصية، وكثير من مشاعر الأنوثة.
الشعور الآخر هو الخوف، وهو شعور متناقض مع الأول، ولكنه أساسي وملح لكي يوازن الأمور، فالخوف المتأرجح والمتمازج مع كثير من المشاعر الأخر، يجعلنا إلى حدٍ كبير خائفين من تعريتنا أمام الآخرين، حتى وإن كانت هذه الأسرار بسيطة القدر، وقد لا تؤثر علينا كثيراً إذا ما عرفت.
يا أحبتي، تباركوا بأنكم بسطاء، أو أن أسراركم أسرارٌ عادية؛ وصدقاً إفرحوا مثلي، حينما تسمعون البيت الشعري: ولكن مثلي لا يذاع له سر؛ افرحوا رغم معرفتكم ومعرفتي بأنه يقطر حزناً.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن