حفريات في مشروع الدكتور محمد عابد الجابري : - العقل السياسي العربي - محدداته و تجلياته . - نقد العقل العربي (3)

عبد الله عموش
ammouch.mmb@gmail.com

2015 / 7 / 3

حفريات في مشروع الدكتور محمد عابد الجابري : " العقل السياسي العربي " محدداته و تجلياته . " نقد العقل العربي (3) " مركز دراسات الوحدة العربية
الطبعة الرابعة : بيروت آب / أغسطس 2000.
قراءة في المدخل العام : مقاربات في المنهج و الرؤية
(( I ))

ـ في المدخل العام لمؤلف : العقل السياسي العربي " يراهن الدكتور محمد عابد الجابري على مقاربة منهج البحث و الرؤية التي تؤطر للموضوع ؛ هكذا يستهل بحثه بتحديد المفاهيم و الإشتغال على الجهاز المفاهيمي للمنهج ، و يشرع بالتدقيق في معنى الفعل و السياسة ؛ باعتبارهما ذوا محددات و تجليات ، مع مفارقة على مستوى الممارسة حيث يحصر الأول على مستوى الذات الفردية الفاعلة ، و الثاني باعتباره من طبيعة اجتماعية ، مؤشر على وجود قويين بين طرفين متجاذبين و متنافرين ، أحدهما مهيمن و الثاني مهيمن عليه ، ا؛ الأول يمارس السلطة و الثاني يخضع لها و تمارس عليه ، و بالمقصد تعني المسألة سلطة الحكم . إنه الفعل السياسي الموصوف بالسلطة التي تمارس في المجتمع بتجلياته النظرية و التطبيقية ذات الطابع الإجتماعي ، إنها مجتمعة ـ التجليات النظرية و التطبيقية ـ قوام " العقللا السياسي " . و كونه "عقل" مرجعه أن ما يحدد الفعل السياسي و يجليه ليس لبديهيات منطقية بقدر خضوعه لمنطق داخلي وظيفته الكلية حكم و تنظيم العلاقات بينها "قوامه مبادئ و آليات قابلة للوصف و التحليل " و كونه "سياسي" لأن طبيعته الوظيفية ليست من نوع إنتاج المعرفة و إنما إقامة و ممارسة السلطة و " سلطة الحكم ، أو بيان كيفية ممارستها " .
و يعقد الباحث مفارقة بين موضوع الجزأين الأول و الثاني لهذا الكتاب " تكوين العقل العربي " و " نقد العقل العربي " مجموعان "عقل الفكر العربي " و الذي يلخصه في إنتاج المعرفة في الفكر و الثقافة العربيين ، هكذا ليفرد موضوع الجزء الثالث " عقل الواقع العربي" باعتباره لا يؤطر و ينظر للممارسة السياسية و ممارسة السياسة باعتبارها حكم المجتمع و الإنسان ، و تنظيم شؤونه المدنية و اعسكرية بامتداداته إلى اليوم . ليخلص إلى اختلاف في الموضوعين بالبداهة ، لأن إ7نتاج المعرفة شيء و إنتاج الواقع و ممارسة السياسة شيء آخر .
و تأتي هذه المقارنة / المفارقة ، كضرورة منهجية من منشأ كون الموضوع هو الذي يحدد المنهج ؛ بتأكيد فلسفة العلوم و فلاسفتها على ذلك ، لذا فمنهج البحث في إنتاج المعرفة هو غيره في بحث السياسة و نظمها ، مع التشديد على أن المنهج هو طريقة في البحث و تالتزام مبادئ خلاله ، إضافة إلى حقل مفاهيمي خاص به دون غيره .
أما الطريقة فتعني عند الجابري الإستقراء و الإستنتاج و المقارنة ، ...، و أما المبادئ فتعني له تحري الموضوعية و الأخذ بالعلاقة السببية ، زو كلاهما ؛ الطريقة و المبادئ تبقى ثابتة في المنهج العلمي و ما عداها كالمفاهيم باعتبارها عالم مفهومي خاص من الكون اتلمفاهيمي الذي هو موضوع الفلسفة ، و معان كلية تحول الموضوع المبحوث من مادة خام جوفاء في المعنى و المعقولية ، إلى حجوم من المعاني و أنساق علائقية في عالم المعقول ، فالمفاهيم إذن هي متغيرات المنهج بتغي الموضوع ، يوضح الدكتور عابد الجابري في الحقل المفهومي الأول في سياق المدخل العام .
و إنه باختلاف موضوع السياسة عن موضوع المعرفة ، من حيث الطبيعة و النوع ، فالجهاز المفاهيمي الخاص في دراسة الواحد هو غيره في دراسة الآخر .
و في مرحلة متقدمة من المدخل العام ينبه الباحث القارئ إلى أن بحث " العقل السياسي العربي" سوف لن يكون ـ في مشروعه ـ ضمن ثالوث النظم المعرفية في الثقافة العربية ( بيان ، عرفان ، برهان ) و المبني عليه في تحليل " بنية العقل العربي " المعرفي " الخالص " / المجرد ؛ و مؤدى و مفاد هذا التنبيه هو تلافي الوقوع في تكرار المقال في مسألة الخلافة في المذهب السني و في مساق القول في " تكوين النظام المعرفي البياني " و تكرار المقال في " الولاية و الإمام " في مساق بحث و تحليل النظام المعرفي العرفاني و تكرار المقال في " المدينة الففاضلة " القاضي به شح منهج الفارابي نقل و " تبيئة " نظام المعرفة بالبرهان الأرسطي ،إلى الخطاب الفلسفي العربي الإسلامي في وقت سابق ، و أخذا بالقبول بارتباط العقل السياسي في كل نظام سياسي بالنظام و النظم المعرفية التي توجه و تحكم فعل التفكير داخل مجتمع كل نظام سياسي نظام ،÷ و يبقى هذا القبول نسبيا في ما يعود ل " العقل " دون ما هو " سياسي " ، ولو ارتبط العقل السياسي بالنظم المعرفية فإنه لا يخضع لها . بل يخضعها لما يقرره ؛ يسوسها ، " يمارس السياسة فيه " حسب تعبير الباحث . من هنا فالعقل لاالسياسي ليس وحده بيانيا و لا عرفانيا ولا برهانيا ، إنه اشتغال و توظيف لكل لكل " مقولات و آليات " كل النظم المعرفية كلما دعت إلى ذلك حاجة في الفع .إن السياسة أساسها براجماتي (المنفعة) فلا تنتظر من العقل اسياسي التناقض مع موضوعه ، و مصدر هويته .
((... يتبع ))



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن