تقييم مختصر للعدوان السعودي على اليمن.

وسام رامز قبلان

2015 / 4 / 22


في سابقة غير معتادة تظهر السعودية بشكل ظاهري و كأنها دولة صاحبة قرار حر في اتخاذها قرار حرب على اليمن.

السعودية و بما تملك من ترسانة هائلة فائضة عن الحاجة و عن قدرة التشغيل لاحدث ما أنتجته المصانع الغربية و الامريكية.اختارت اليمن الدولة الواقعة بفوضى النزاعات المسلحة الداخلية منذ عقود من الزمن التي أحدثت ما أحدثت في بنية الدولة بشكل عام و جيشها بشكل خاص، حيث ظهر الجيش اليمني بعد اسابيع من عدوان السعودية و حلفائها على اليمن كجيش لا حول و لا قوة له في الحرب الحديثة و لا يتقن سوى العمليات البرية في النزعات الداخلية.

الجيش اليمني يمتلك ترسانة ضخمة من الاسلحة و منها نوعية ،كصواريخ سكود البالستية و منظومات دفاع جوي أشهرها سام 6،مازالت فعالة ضد الطائرات المقاتلة الحديثة و بإمكانها أن تشكل تهديد جدي لطائرات السعودية و حلفائها، إلا أن إمتلاك المنظومات القتالية الفعالة في الحرب الحديثة وحده لا يكفي للاستفادة من قدراتها ،لاسيما حينما تكون في يد جيوش متزعزعة منهكة بنزاعات داخلية جعلتها غير كفوءة و ضعيفة السيطرة و التحكم و متطلبات الانذار المبكر و الادارة و القيادة و التنسيق بين مختلف القطاعات و الاسلحة.

ما ظهر من طبيعة الأهداف التي قصفتها الطائرات السعودية، بعد عدم تحقق معظم الأهداف السياسية و الميدانية التي أعلنتها في بداية الحرب ،أن من نواياها الرئيسية للحرب ، إضعاف اليمن تحت غطاء ضرب جماعة الحوثي عبر تدمير الجيش و مختلف قواعده و بناه اللوجستية ، و امتد التدمير ليطالع أحياء سكانية و مرافق مدنية و منشآت صناعية غير حكومية في شمال اليمن.

نجاح السعودية في تحقيق نواياها التدميرية الغير معلنة ، يعود لاستغلالها الظرف الحالي الذي يمر به اليمن من نزاعات داخلية في ظل جيش هو أبعد ما يكون عن أي جيش في حالة سليمة من الجهوزية و الكفاءة و القيادة و التنسيق و انسجام القطاعات. وكذلك جاءت تلك الحرب في ظل إنشغال القوات الحوثية بمعارك على امتداد واسع من مساحة اليمن ،حيث لم تثبت بعد قواعدها و تحكم سيطرتها و تقوم بالإعداد لمواجهة تحديات مستقبلية في وضعها المستجد.

حاولت السعودية أن تظهر من خلال شنها حرب على دولة فقيرة جيشها كالرجل المريض و أبرز قوة شعبية فيها مشغولة بمعارك فأتتها من الخلف -السعودية - مدعومة من دول عديدة، و كأنها في معركة مصيرية بطولية لتصنع صورة الدولة المتزعمة و الحامية للعرب و تريد أن توجه رسالة حزم شديد ضد النفوذ الايراني في المنطقة. لكن الواقع أظهر خيبة أمل سعودية كبيرة بالمقارنة بما ظهر أنها تعول عليه من انسياق باكستاني و مصري و تركي لحرب اردتها على عجالة لم تقابل بالمطلوب الذي على ضوءه تسرعت باعلان اهداف فوق مقدورها و امكانية أن تحققها بضربات جوية دون تدخل بري كانت تراهن عليه بجنود غير سعوديين مقابل المال.

مقابل المسارعة السعودية نحو الحرب التدميرية من الجو ، بدى واضحاً مقدار خوفها من الدخول بمعركة برية ضد الحوثيين و الجيش اليمني و كذلك لم تبدي أي من الدول التي راهنت السعودية عليها لادخال جنودها في اتون المعركة البرية مع اليمنيين بدلاً من جنودها هي ،أي حماسة تذكر بالرغم من الحرج من الاغراءات السعودية.

من أبرز ما أظهرته هذه الحرب ،فضح الموقف السعودي و القوى اليمنينة الجنوبية ،من تواجد ميلشيات تابعة للقاعدة و داعش تسيطر على مساحات مهمة من الجنوب اليمني ، حيث لم يظهر من السعودية و من حلفاءها اليمنيين الجنوبيين خاصة أي خوف أو شعور بالتهديد من هذه القوى الارهابية ،لا بل ظهر في مشاهد مصورة تواجد عناصر تكفيرية ارهابية تقاتل جنباً الى جنب مع الميلشيات اليمنية الحليفة للسعودية و أيضا وفرت الهجمات الجوية السعودية الفرصة و الارض لتمدد الارهاب التكفيري في العديد من المواقع.

نجح الحوثيون و الجيش اليمني بتحدي السيطرة الجوية السعودية على سماء اليمن و افشال هدفها بالسيطرة على الأرض و وقف التقدم ،عبر المزيد من الإندفاع الهجومي و الالتحام بالميلشيات اليمنية المتحالفة مع السعودية و الحاق الهزائم بها و توسيع مساحة السيطرة.
وكان للالتحام القريب بالميليشيات الجنوبية و القاعدية، الدور الأكبر بتحييد الطيران السعودي عن التأثير المباشر في سير المعارك، الا أنه نجح بإزعاج خطوط الامداد من الشمال نحو الجنوب. فيما فشل الحوثيون و الجيش اليمني ، من الاستفادة مما يملكون من أسلحة كانت قادرة على حماية شعبهم من القصف الجوي و أخرى كانت قادرة على الرد.

في إزاء ما يمكن أن تنتجه هذه الحرب، الشرخ اليمني بين الجنوب و الشمال ازداد عمقاً و اتساعاً . و الجراح التي أحدثتها بين الجهتين من الصعب أن تلتئم، و صار بحكم المقسم و المفكك.
والسعودية أمام مواجهة الواقع بأن المال لا يشتري كل شيء و أن الحرب الجوية وحدها لا تكفي لفرض الشروط و تحقيق الأهداف و أن العدوان على دولة فقيرة في عز انشغالها بصراعات داخلية لا يمكن أن يستغل سياسياً لتوجيه رسالة حزم ضد دولة اقليمية قوية قاب قوسين أو أدنى من الدول العظمى.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن