رمز الصداقة المصرية السوفيتية في أسوان

هويدا احمد الملاخ
houidahmed18@yahoo.com

2015 / 2 / 19

لا شك أن "رمز الصداقة المصرية السوفيتية " بمحافظة أسوان جنوبي مصر معلم سياحي تاريخي من معالم المحافظة ، ويعد شاهد عيان على قوة العلاقات المصرية الروسية منذ عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر ، حيث جاءت فكرة بناء الرمز تتويجا للعلاقات المصرية السوفيتية ، بعد الانتهاء من المراحل الأولية للسد العالى ، تم الإعلان فى مارس 1967 م عن مسابقة لإنشاء نصب تذكاري يرمز للصداقة بين البلدين تحت مسمى "رمز الصداقة المصرية السوفيتية". يقام عند مدخل السد العالي من الجهة الغربية قريبا من بحيرة السد العالي وذلك تخليدا للانتصار على التحديات السياسية والعسكرية والمالية التى واجهت تنفيذ مشروع السد العالى على ارض الواقع ‏.

كان أبـرز شروط الاشتـراك في المسابقة اقتصــار المشاركين علي العــرب والسوفيت وحددت خمسة أشهـر للمسابقة تنتهي في أغسطس‏1967‏ وتقـدم بالفعل حـوالي‏80‏ متسابقا منهم ‏12‏ معماريا مصــريا و‏36‏ معماريــا سوفيتيــا ، كان مــن بين المتقــدمين المهنــدس المعماري الروسي " يوري أومليتر شينكو" الذي فاز بإعداد التصميم الهندسي للزمر ، وجاء التصميم علي شكل زهره لوتس خماسيه بطول 76 متـر يـربط أعلاها ترس و تطل علي السد العالي ، يصل ارتفاع رمز الصداقة بأسوان مثل هضبـة المقطم، ويوضح انحدار مستوى الأرض من الجنوب إلى الشمال ، وجدير بالذكر ان برج القاهرة تم بناءه على شكل زهرة اللوتس.
واسند تنفيذ المشروع لشركة مصر للأسمنت المسلح المصرية، كان التصميم مكون من 5 ورقات مثل زهرة اللوتس التي اختارها المصمم لما لها من قدسية لدى المصريين القدماء ، والتي تمثل في صعودها فوق سطح المياه فاتحة أوراقها الخمس عند شروق الشمس وتغلقها عند الغروب وتغطس في المياه مرة أخرى، فكان يعتقد القدماء المصريون أن تلك الزهرة لها علاقة بالإله رع إله الشمس وكانوا يقدسونها.
يرجع أصل تسمية زهرة اللوتس منشق من كلمة " لوتاز" وهي كلمة من اللغة اليونانية وقد أطلق اليونانيون هذا الاسم على زهرة اللوتس .
و تظهر زهرة اللوتس على النقوش الفرعونية بشكل ملفت للنظر فى كثير من المعابد الفرعونية وهذا ان دل على شيء فإنما يدل على مدى اهتمام المصريين القدماء بزهرة اللوتس وقد ظهر فى عدة رسومات بعض ملوك الفراعنة وهم يمسكون زهـرة اللوتس في أيديهم ، كما كان المصريين القدماء يستخدمون زهرة اللوتس فى طقوسهم الدينية ومما يدل على أهميـة زهـرة اللوتس عند المصريين القدماء وجـود بعض بقايا زهـرة اللوتس تغطي مومياء " توت عنخ آمون " عندما اكتشفت مقبرته عام 1922 .
كما جاء فى مؤلفات هيرودوت فى القرن الخامس قبل الميلاد ان زهرة اللوتس كانت تستخدم أوراقها المجففة فى صناعة الخبز ، وتمتاز زهرة اللوتس بأوراقها الكاملة الاستدارة وقلبها الذي يكون على شكل اسطواني ، وتزهر اللوتس في النهر حيث تتفتح أزهارها عند الفجر وتقفل عند الغسق لمدة اربعة أيام، وفى اليوم الخامس تسقط بتلات الزهرة ليظهر مكانها قرنة خضراء ومن ثم تبدأ دورة حياة جديدة .
تعددت انواع زهرة اللوتس لكن اشتهر فى مصر منها ثلاث انواع نبات اللوتـس الابيض وكان يسمى " سشن و سسن" و زهـرة اللوتـس الزرقاء التى عرفت باسم "سارات "و تعرف باسم"البشنين العربى" او آكل النمل لأنه يقتل النمل ، الذى يقترب منه ، و اللوتـس الاحمر وكان يسمى " نخب" عند القدماء المصريين لكن العرف وعرفه باسم "الباقلى" اللوتـس زهـرة جميله ومن حيث الشكل و الرائحة العطرة الزكية ، وتعد من الـزهور الرئيسية التي لا غنى عنها في صناعة العطور ، وقد حرص المصرى القديم على استخدامها في صنع العطور والماكياج وإضافتها الى لمساحيق المخصصة للحفاظ على الجـسم ونضارة البشرة ، وفى عصرنا الحديث فى صناعة أدوات الزينة والعطور كما تستخدم كعلاج لكثير من الأمراض وتعتبر مقوي لأمراض القلب .
وكان المكون الثاني فى التصميم الهندسي للرمز التاريخى هو العلم السوفيتي، والمكون من النجمة الخماسية، والمنجل الزراعى، والمطرقة، وبحيرة صناعية، والمنجل دليل على الزراعة، والمطرقة تدل على الصناعة، بينما البحيرة الصناعية تدل على الصيد.
وأخيرا يربط " رمز الصداقة المصرية السوفيتية " بين التاريخ المصري القديم والحديث والمعاصر ، ليوضح لنا ...بان المصري الذي بني الحضارات القديمة الشامخة قادرًا على صنع المعجزات فى كل العصور.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن