أزمة الإصلاحات في عقم السوسيولوجيا المغربية

بوجمع خرج
hour_ria@yahoo.fr

2015 / 1 / 4

الدوافع:
وأنا اشتغل على تصور جديد للشأن التربوي إثر تكرار العمليات الإصلاحية والتي لن تتجاوز الإمتداد الأفقي في أحسن أحوالها تبين لي كم نحن يتامى سوسيولوجيا بما جعلنا كالقاصرين أو أبناء المحاجر فكيرا وأضاع خطابنا الحضاري حيويته وفاعليته بما ميع الهوية والقيم المؤسسة للمجتمع المغربي.

الفرضية:
اعتقد أن السوسيولوجي المغربي أوقع نفسه انفعاليا في بؤرة السوسيولوجيا الامبريالية بما أغرقه في الابيستيمولوجيا المتفائلة (كارل بوبر) علما أن هذه ليست أكثر من لون سوسيولوجي يوظف كأداة لفهم نسبية السوسيولوجيا كولونيالية أم غيرها في سياق نضالي تحرري معين
طبعا أقولها بكل تقدير واحترام لرواد السوسيولوجيا بالمملكة منذ بول باسكون ومحمد بنيس والخطيبي...

بؤرة التأزم الممتد:
صحيح أن مرحلة ما بعد الاستقلال كانت في حاجة إلى توضيح المفاهيم والأدوات السوسيو استعمارية socio-colonial والتي لازالت تمتد في ظل غياب فكر سوسيولوجي مغربي بالضرورة يمتد في التاريخ بحكم أن المغرب ليس مقتلعا من فراغ تاريخي... ولكن إذا كان هذا عملا مناضلا نخبويا ضروريا لتأطير الحركة التحررية أو المناضلة إلا انه لم يكن يعني السوسيولوجيا العارفة لذاتها.
وحتى إذا أخذنا بعين الاعتبار الجيل الأول من السوسيولوجيين المغاربة القائل بأنه يجب أن يسير البحث والالتزام السياسي معا فإن هذا لم يتجاوز ما سماه بول باسكون ب"سوسيولوجيا الفعل"
وعلى ذكر بول باسكون اعتقد أن مسلمته القائلة بأن السوسيولوجيا المحايدة سياسيا غير فعالة كانت من بين ما أغرق السوسيولوجي المغربي في مستنقع الابستمولوجية المتفائلة بما أفرز ما أسميه من منطلق أكاديمي "سوسيولوجيا معرفة الفعل" حتى عند "الخطيبي" الذي اعتقد أن تفكيك الخطابات التي تخفي الهيمنة الامبريالية يكفي لتصفية الاستعمار في الحين أن هذه لا تتوقف على إتقان استعمال أدوات سوسيولوجية مستوردة ولو حتى في كونيتها بحكم أنها سياقية تحتاج إلى تموقع عقلاني في ما ينتجه فكر معين (مغربي ...) من أدوات سوسيولوجية ...الخ, للأسف أن هذه الصفة المستقلة لا زالت إلى حدود الساعة غير ممأسسة وحتى إن كانت لها ملامح على شكل رسيمات -غير مكتملة في أكاديمية الفعل - في شذرات وحوارات و بحوث... غالبيتها تساؤلات في سياق البحث عن الذات أكير منه إثباتها.
وبالعودة إلى "باسكون" في مسألة "الحياد" سوسيولوجيا وإن يصعب انتقاده كمفكر كبير ولكن أكيد أن السوسيولوجيا تشمل عدة علوم إنسانية بما يكفي لعدم اختزالها في أداة سياسية وإلا فما معنى السوسيولوجيا العلمية مع العلم أن العمل السوسيولجي يفترض فيه أساسا القيام بتفكيك الشيء (ماكس ويبر) للنظر في القيم التي بها كانت هيكلته ونشأته بتجرد وبدون إسقاط أحكام ... وطبعا هذا لا يعني أن السوسيولوجي بغير حق الالتزام السياسي أو أن لا يكون له موقف (إيزابيل كالينوفسكي) بل بالعكس, لكن إذا كان من بين المبتغيات توظيف السوسويولوجيا سياسيا فإنها على الأقل من منطلق دورخايم تبقى لذاتها جهازا يشتغل على الشيء السوسيولوجي في سياق البناء العلمي لمراكمة المعارف والأدوات التي قد يلجئ إليها السياسي كما الاقتصادي والتربوي...

ماذا عن ابن خلدون والهاجس الكولونيالي
إذا أخذنا بظروف نشأة السوسيولوجية المغربية ما بعد الاستقلال على يد بول باسكون, يمكن إدراك لماذا غرقت هذه السوسيولوجيا في بؤرة الصراع بدل تطوير علم مجتمعي يليق ببناء المجتمع المغربي بمؤسساتية تحرره من السذاجة وإعادته لذاته التي استغرب عنها وذلك باعتبار ما قاله دورخايم عن التاريخ في علاقته مع المجتمعي بالمنظور السوسيولوجي وهو ما يتقارب مع ابن خلدون في اكتشافه القوانين الموضوعية التي تحكم التطور ونظرته للمتفرد جزء من الكل الشمولي التي يتضمنه...
ومنه يتبين أنه كان يفترض الأخذ بابن خلدون خلال مرحلة التحرر لمواجهة السوسيولوجيا الكولونيالية من منطلق مبادئه الفكرية الأساسية القائلة بأن الأحداث الماضية ليس لها من صحة سوى ما يسمح به السياق الاجتماعي بما قد يكشف على أن الخلفيات الكولونيالية خاطئة ولا يمكنها أن تجد موقعها في مجتمع له مقوماته الحضارية...
كان هذا مزعجا بحكم أن استقلال المملكة جاء في ظروف توافقية تمتد منذ الحرب العالمية الثانية بما لم تستسغه الحركة الفكرية المشرقة بزعامة الوطنيين كالمهدي بنبركة ...الخ والدكتاتورية العسكرية بخلفياتها التي كانت تشتغل في الظل بغير علم أحد, علما انه تمت محاكمة رمزية للمهدي في فترة فرونسوا ميتران حظرها عدد كبير من المحامين حسب جريدة "لوموند" الفرنسية في صفحتها الثانية حينها كانت تخصصها للنقاشDébat انتهت بجزمها أن اختطاف المهدي تم بغير علم القصر...

الأزمة السوسيولوجية المستدامة:
وحتى لا ادخل في جزئيات لا تتسع لها هذه المداخلة اعتقد أنها الحقيقة التي تختزل كل أزمة السوسيولوجي المغربي بما جعل تفكيره يدور في مسايرة الصراعات التي قد تكون مفتعلة (تحت تأثيرات داخلية أو خارجية) لاستدامة هذه الحالة العقمة داخل بؤرة الصراع حتى لا تكتمل شروط استكمال التحرر والاستقلالية الفكرية كما كان يعنيه تشي غيفارا عضويا organiquement بالمنظور العلمي (الطبي) وقد أدى به ذلك على التصوف في الثورية مهاجرا إلى إفريقيا علما منه أن التوظيف المفرط للسوسيولوجيا في خدمة السياسي سيحولها إلى مستنقع سلطوي محدود إيكولوجيا بدليل نهاية جدار برلين... ذلك أن اكتمال شروط الفعل يقتل الفعل في شحنته ليتحول إلى الفعل للفعل في حركة بريستيجية أكثر منه حركة مستمرة التدفق والانسياب بمادة تفكيرية دائمة الانصهار في الإنتاج أو الإصلاح...
إنها الحقيقة التي بها مستنقع المادة الرمادية السوسيولوجية المغربية الذي يعرف تعفنا في عقم أدواته السوسيو سياسية بما لا يساعد في تغيير أو إصلاح لا فقط المنظومة التربوية بل وحتى التنموية والاقتصادية. وعن هذه الأخيرة فالمجلس الاقتصادي المغربي بدوره ليس سوى بريستيجيا في اجترار نظريات اقتصادية مشوبة بنقص سوسيولوجية الواقع كما هو تصوره التنموي للأقاليم الصحراوية...وكذلك المجلس الأعلى للتعليم في حديثه عن التكوين المهني بغير سوسيولوجية الحرف علما أن ألمانيا كانت تأخذ عن المغرب في هذه.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن