هل يمكن الحديث عن دستور عربي يحترم حقوق المرأة...؟! 2/2

محمد الحنفي
sihanafi@gmail.com

2005 / 9 / 6

6-ألا يمكن اعتبار دسترة الدين الإسلامي دينا رسميا في الدساتير العربية ممارسة أيديولوجية تستهدف تكريس دونية المرأة؟
لقد سبق أن أشرنا إلى أن جميع الدول العربية تكتسب شرعيتها الدينية من خلال ممارستها لأدلجة الدين الإسلامي بشكل أو بآخر مع مراعاة أن تكون تلك الأدلجة متناسبة مع الارتباطات الدولية ومع أشكال التطور التي تعرفها البشرية في جميع المجالات والتي تعرض الطبقات الحاكمة على الاستفادة منها لتنمية ثرواتها وتابيد سيطرتها على أجهزة الدولة، ولذلك فنحن لا نستغرب إذا وجدنا أن هذه الطبقات الحاكمة على الاستفادة منها لتنمية ثرواتها وتأبيد سيطرتها على أجهزة الدولة، ولذلك فنحن لا نستغرب إذا وجدنا أن هذه الطبقات الحاكمة تستحضر الدين الإسلامي كعقيدة وكشريعة في صياغة جميع بنود الدستور في أي بلد عربي، والتنصيص على أنه هو الدين الرسمي للدولة حتى لا يجرأ أحد على تجاوز الدولة التي تصير بذلك, دينية ومن هذا المنطلق فأن المرأة تصير مستهدفة بالتأويلات الأيديولوجية والسياسية والتنظيمية للآيات القرآنية ولباقي النصوص الدينية الأخرى التي يقوم بها مؤد لجي الدين الإسلامي الذين يعملون لصالح الطبقات الحاكمة ويعلمون على الترويج لتلك التأويلات حتى تلتصق بوجدان الجماهير وتصير هي الدين نفسه، لتصير حرية المرأة على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والسياسي في مهب الريح، ولتصير الدساتير العربية بسبب دسترة الدين الإسلامي عامل كبح لحرية المرأة، ووسيلة لحرمانها من حقوقها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية، وإذا أضفنا إلى ذلك ما تقوم به الأحزاب المؤدلجة للدين الإسلامي من تأويلات مغرضة في حق المرأة انطلاقا من النصوص الدينية فأننا نجزم بأن المرأة العربية لازالت تعيش عصر الظلام بفعل دسترة الدين الإسلامي التي تقطع الطريق أما قيام دولة الحق والقانون التي يتمتع في إطارها الجميع بمن فيهم المرأة بالحرية والديموقراطية والعدالة الاجتماعية.
7-فما هي الغاية من ادلجة الدين الإسلامي ولماذا تعتمد هذه الادلجة لفرض تكريس دونية المرأة؟
أن الطبقات الحاكمة في البلاد العربية لا تتوقف عند حدود فرض دساتير تكرس الاستبداد ولا عند حدود دسترة الدين الإسلامي لإعطاء الشرعية الدينية لحكمها، ولا هند حدود عدم دسترة حقوق الإنسان بصفة عامة وحقوق المرأة بصفة خاصة بدل أن هذه الطبقات الحاكمة توظف جيشا بكامله لأجل الاشتغال على أدلجة الدين الإسلامي لصالح تكريس الشرعية الدينية للطبقات الحاكمة، والغاية من هذه الكثافة من الاشتغال على أدلجة الدين الإسلامي في البلاد العربية تتمثل في:
أ-تضليل الجماهير الشعبية بصفة عامة، وتضليل المرأة العربية بصفة خاصة، حتى يعتبروا وبصفة تلقائية أن هذه الطبقات تحكم باسم الله ، وأن ما تقرره من أمر الله، ولا حق لأحد في مناقشته حتى يتأتى تكريس الاستبداد بالسلطة التنفيذية والسلطة التشريعية، والسلطة القضائية التي نوظف جميعا في خدمة الطبقات الحاكمة ولقمع الشعوب في البلاد العربية ولجعل المرأة تنصاع للمصير المقرر لها.
ب-إعطاء الشرعية الدينية لحكم الطبقات الحاكمة حتى لا توضع على طاولة نقاش الشعوب، لأنه حينها تصير الشرعية الدينية وسيلة للتخلص من المعارضين واعتبراهم خارجين عن والتعامل مع المرأة على أنها دون مستوى الرجل بقوة الشريعة والقانون وبقوة الحرص على حماية العقيدة والشرعية وما على المرأة إلا أن تقبل ذلك.
ح-جعل أدلجة الدين هما يوميا لجميع المواطنين في كل بلد عربي على حدة حتى ينشغل الجميع رجالا ونساء عن الواقع الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والمدني والسياسي الذي يصاغ بإرادة الطبقات الحاكمة من اجل أن يخدم مصالحها الطبقية ومنا جل استغلال الكادحين وجعلهم يعتبرون ذلك ا الاستغلال قدرا من عند الله وليس من تخطيط الطبقات الحاكمة في البلاد العربية.
ك-احتكار الكلام باسم الدين من اجل قطع الطريق على كل من يسعى إلى تحقيق الكلام باسم الدين وفرض الوصاية عليه كما هو الشأن بالنسبة للأحزاب المؤدلجة للدين الإسلامي، والتي تعتبر أن من حقها وحدها الكلام باسم الدين الإسلامي وهو ما يعني أن الطبقة الحاكمة في كل بلد عربي تصير مصدر كل التشريعات التي تحكم حياة المواطنين على جميع المستويات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية وتحكم المرأة بصفة خاصة ليصير الجميع في خدمة الطبقات الحاكمة من منطلق أنه في خدمة الدين الإسلامي.
وهذه الغايات التي تسعى الطبقات الحاكمة إلي تحقيقها باستغراقها في أدلجة الدين الإسلامي يتحقق معها.
أ-كون الطبقات الحاكمة هي المفضلة في المجتمع العربي.
ب-كون سائر الناس في خدمة تلك الطبقات لدونيتهم وإلا فأن غضب الله سيصيبهم وعلى أيدي الطبقات الحاكمة.
ح-كون القوة التنظيمية والأيديولوجية والسياسية هي الوسيلة المثلى لإخضاع المقهورين وسائر الكادحين لإرادة الطبقة الحاكمة ومن منطلق هذه القوة فأن المرة يجب أن تخضع للرجل باعتباره امتداد الطبقة الحاكمة في لبيت.
د-اعتبار دونية المرأة قرار إلهيا لا يناقش ولا يراجع لأن ذلك يعتبر كفرا وإلحادا تؤكد على ذلك الأحزاب المؤدلجة للدين.
هـ-اعتبار خضوع المرأة لاستغلال الرجل ضمانة ناجحة لاستتباب الأمن في المجتمع، ولجعل الطبقة الحاكمة في كل بلد عربي تمارس استغلالها بامتياز ودون حواجز تذكر ودون قيام حركة تهدف إلى تحسين الأوضاع المادية والمعنوية للطبقة الحاكمة.
وبذلك تتحقق الغاية من أدلجة الدين الإسلامي وتصير المرأة قابلة بدونيتها باعتبارها قدرا تمت دسترته ضمانا لاستمراره كذلك، وسعيا إلى تكريس إرادة الطبقات الحاكمة على أنها من إرادة الله أما الشعب فلااعتبار له، لأن أي حركة منه في أفق تمكنه من تقرير مصيره تخرجه من دائرة العقيدة، ومن دائرة الشريعة مما يستوجب محاربة الكفر والإلحاد فيه.
8-وانطلاقا مما سبق نجد أنفسنا أمام عمق أزمة واقع المرأة في المجتمع العربي، وأن هذه الأزمة ناتجة عن الحيف الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والسياسي الذي يلحق المرأة كقطاع عريض من الكادحين الذين يوظفون لخدمة الطبقة الحاكمة في كل بلد عربي ولتجاوز هذه الأزمة لابد من قيام حركة جماهيرية واسعة بقيادة الأحزاب اليسارية والتقدمية والديموقراطية وبمساهمة المنظمات الجماهيرية المبدئية لفرض المراجعة الشاملة للممارسة الطبقات الحاكمة في البلاد العربية تجاه الجماهير الشعبية الكادحة، وتجاه المرأة ومن اجل فرض المراجعة الشاملة للدساتير العربية التي يجب أن تصير دساتير ديموقراطية تكرس سيادة الشعب العربي من المحيط إلى الخليج وتفصل الدين عن الدولة، وتتلاءم مع المواثيق الدولة لحقوق الإنسان بصفة عامة ومع الميثاق الدولي المتعلق بإلغاء كافة أشكال التمييز ضد المرأة لأن قضية المرأة في عمقها هي قضية دستورية وقانونية بالدرجة الأولى، لأن الدستور إذا لم يا خد بعين الاعتبار بضرورة ممارسة المرأة لحريتها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية والسياسية لا تمارس المرأة استقلاليتها في الواقع ولا تتمتع بحقوقها كاملة غير منقوصة والقوانين المحلية في كل بلد عربي لابد أن تتلاءم مع المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان ومع ميثاق إلغاء كافة أشكال التمييز ضد المرأة حتى نضمن كون المرأة تتمتع بحقوقها انطلاقا من الإجراءات القانونية اليومية لقطع الطريق أمام الاستغلال المزدوج لها ولضمان تمتعها بحقوقها وبامتلاك وعيها الطبقي من جهة ووعيها الإنساني من جهة أخرى.
9- وباعتبار قضية المرأة العربية قضية دستورية وقانونية نصل إلى أن الدستور الديموقراطي هو وحده الكفيل باحترام حقوق المرأة العربية، ولذلك فتعبئة الشعب العربي في كل بلد عربي من المحيط إلى الخليج من اجل قيام دساتير عربية ديموقراطية صارت مسالة واردة وأكيدة يجب أن تتجند لأجلها الأحزاب اليسارية والتقدمية والديموقراطية والمنظمات الجماهيرية المبدئية ومن ضمنها المنظمات الجماهيرية المناضلة في صفوف النساء وفي إطار جبهة للنضال من اجل الديموقراطية على المستوى الوطني وعلى المستوى القومي، التي تعمل بناء على برنامج الحد الأدنى الذي يوجد عملها يعمل على بناء فكر جديد، وممارسة جماهيرية جديدة تكون دعما للعمل الجبهوي الذي تحضر من خلال الممارسة الديموقراطية التي تستحضر ضرورة تمتع جميع المواطنين في كل بلد عربي بجميع الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية والسياسية كما هي في المواثيق الدولية وكما يجب أن تسود في الواقع، وأن تتلاءم معها القوانين المحلية، وأن يتم التنصيص عليهم في الدساتير الديموقراطية العربية وتعبئة الشعب تخوض المعركة السياسية تقتضي.
ا-التعبئة السياسية التي تقودها الأحزاب اليسارية والتقدمية والديموقراطية من اجل جعل الجماهير الشعبية الكادحة تمتلك وعيها الطبقي السياسي وتدرك أن الدساتير القائمة في البلاد العربية هي دساتير غير ديموقراطية لا تخدم إلا مصالح الطبقات الحاكمة، وأن عليها أن تعمل على تغييرها لتصير دساتير ديموقراطية تخدم مصالح جميع الكادحين.
ب-التعبئة النقابية التي تجعل الكادحين يمتلكون وعيهم الطبقي الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والسياسي في نفس الوقت، حتى تنخرط في النضال الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والسياسي من اجل تحسين أوضاعهم المادية والمعنوية والتقلص من حدة الاستغلال المادي والمعنوي.
ح-التعبئة الجمعوية التي تجعل الجماهير الشعبية الكادحة تدرك، أهمية امتلاك الوعي الثقافي والحقوقي والتربوي والترفيهي، كما تراه المنظمات الجماهيرية المناضلة في هذا الإطار.
د-تعبئة النساء من اجل امتلاك وكيف بالحقوق الإنسانية العامة، وبحقوقهن الخاصة كما هي في المواثيق إلغاء كافة أشكال التمييز ضد المرأة.
وبهذه التعبئة الشاملة والواسعة والعميقة تستطيع الجبهة الوطنية للنضال من اجل الديموقراطية على المستويين الوطني والقومي أن تزعم الطبقات الحاكمة على الوضوح لإيجاد دساتير ديموقراطية تكون فيها السيادة للشعب، وتقر بالحقوق الإنسانية للمرأة العربية، من المحيط إلى الخليج وتكون منطلقا لتمتعها بحريتها التي تمكنها من استحضار شخصيتها الإنسانية والاجتماعية في ااممارسة العامة والخاصة، في السياسية التي تقودها الدول العربية التي تصيرها تبعا لذلك دول ديموقراطية، ودولا للحق والقانون.
وبهذه النتيجة المتوخاة تصير المرأة سيدة على نفسها بانتفاء الاستغلال المزدوج الممارس عليها حتى تعمل على تقرير مصيرها بنفسها في إطار قيام الشعب برمته بتقرير مصيره الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والمدني والسياسي.
10-والخلاصة التي نخرج بها من خلال هذه المعالجة الهادئة التي استوحينا موضوعها من هذه الحملة ضد الدستور العراقي المحتمل المصادقة عليه في أكتوبر 2005 والذي الحق حيفا كبيرا بالمرأة العربية في العراق الشقيق وكرس دونيتها باسم الدين الإسلامي وباسم شريعته لإرضاء تسلط مؤد لجي الدين شيعة وسنة الذين يحرصون في خطابهم وفي أدلجتهم للدين، وفي تشريعهم وفي معاملتهم اليومية على نفي إنسانية المرأة جملة وتفصيلا ولا يرون فيها إلا صلاحيتها للإنجاب وللتصويت لصالحهم في الانتخابات المختلفة، وهم في ذلك لا يختلفون عن الطبقة الحاكمة في كل بلد من البلدان العربية، وأن الدساتير العربية جملة وتفصيلا لا تختلف كثيرا عن الدستور العراقي المحتمل إلا في كونه يكرس الطائفية لأنها لا تحترم المرأة ولا حقوقها وتتنافس في حرمانها من حقوقها الإنسانية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية والسياسية. فالدساتير العربية إذن هي دساتير مجحفة بحق المرأة كما بينا ذلك من خلال وقوفنا على أن الدساتير العربية هي دساتير غير ديموقراطية وغير متلائمة مع المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان رغم رفع الأنظمة العربية شعارات توحي بتحرير المرأة وبتمتعها بحقوقها المختلفة وهو ما يتناقض مع حرص تلك الأنظمة على دسترة الدين الإسلامي الذي تتكرس أدلجته على يدها، حتى يتم فرض دونية المرأة انطلاقا من الواقع ووصلنا إلى أن قضية المرأة هي قضية دستورية وقانونية وأن الدستور الديموقراطي وهو ما يقتضي قيام جبهة وطنية وقومية للنضال من اجل الديموقراطية تناضل من أجل تحقيق قيام دستور ديمقراطي حقيقي يكفل للمرآة حقوقها كما هي في المواثيق الدولية وفي ميثاق إلغاء كافة أشكال التمييز ضد المرأة حتى يتحرر الإنسان وتحرر المرأة في إطار ممارسة ديموقراطية حقيقية مكفولة بدستور ديموقراطي في كل بلد من البلدان العربية.
فهل تقوم الطبقات الحاكمة في البلاد العربية بمراجعة سياستها تجاه الجماهير الشعبية الكادحة؟
وهل تسعى إلى إيجاد دساتير ديموقراطية تحترم حقوق الإنسان وتعترف للمرأة بحقوقها؟
أن التاريخ وحده كفيل بإثبات أنه بدون تحرير المرأة وتمكينها من حقوقها يبقى المجتمع متخلفا.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن