داعش الاسباب والنتائج

زهير جمعة المالكي
zuhair66us@yahoo.com

2014 / 12 / 12

من يعيد استقراء التاريخ يجد ان حلم اعادة امجاد الدولة الإسلامية كان الدافع لانبثاق الجماعات الإسلامية المتشددة وقد عمدت القوى التي تتطلع الى السيطرة على المنطقة الى استغلال ذلك الحلم لخلق اشباح تمت استعادتها من ثنايا التاريخ لتصبح اخبار ظهور تلك الجماعات من سمات القرن الواحد والعشرين الميلادي، وقد اتخذت غالبية تلك الجماعات من فتاوى فقيه عاش قبل سبعة قرون، هو أحمد ابن تيمية مرجعا لتبرير تشددها وتطرفها. فرغم مرور كل هذه القرون مازال فكر هذا الفقيه وفتاويه مثارا للجدل بين جمهور فقهاء الإسلام. فإذا كان أنصاره يعتبرونه مجددا أحيا الدين، فإن خصومه يصفون فكره بالغلو والتشدد، ويتهمونه بنشر الفكر المتطرف والإرهاب.
يهدف هذا المقال الذي ستليه مقالات متممه لتقديم قراءة واعية لماعرف في الادبيات العالمية باسم داعش الذي هو مختصر للاسم الرسمي (الدولة الاسلامية للعراق وبلاد الشام ) والهدف الذي اسعى له هو محاولة فهم وايضاح أسباب نشأة هذه الجماعة وأهم الأفكار والأهداف والآثار والمعالجات لظاهرة صعود هذه الجماعة علي الساحة العراقية والعربية عموما ً.
تعود بداية ظهور هذا التنظيم إلى العام 2006، حيثُ أعلن في 15 تشرين الأول عن تأسيس ما عُرف باسم (دولة العراق الإسلامية)، الذي تشكل عبر دمج مجموعة من التنظيمات، أبرزها (تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين ) وكان يقوده أبو مصعب الزرقاوي، و(مجلس شورى المجاهدين في العراق)، و(جند الصحابة), تم اختيار أبو عمر البغدادي أميراً لهذا المجلس خلفاً للزرقاوي، تحت اسم أبو عبد الله الراشد البغدادي، ثم بويع «أميراً لدولة العراق الإسلامية». وفي العام 2010، أعلنت «وزارة هيئات الشريعة في دولة العراق الإسلامية» نبأ مقتل أبو عمر البغدادي، ليعلن «مجلس شورى المجاهدين» لاحقاً مبايعة أبو بكر البغدادي أميراً لدولة العراق الإسلامية
تشترك الجماعات والحركات المتطرفة المتشددة في خاصية انها تقوم على جانب عقائدي وآخر عملي وان كان والجانب العملي يمكن السيطرة عليه أو تتبعه أمنيا فان الجانب العقائدي صعب تعقبه والتحكم فيه خاصة في ظل ثورة الاتصالات والإمكانيات التكنولوجية الهائلة التي نتوفر عليها اليوم في مجتمعاتنا. وهو ما تستغله الجماعات الجهادية والإرهابية للتجنيد والتأثير في هذه العناصر التي لا تربط بينها علاقات والمتواجدة في أماكن متفرقة في العالم
فداعش على سبيل المثال تمتلك رؤية عقائدية لشكل الحكم والدولة التي تعمل من أجلها ، فهي تعتبر انّ نواة هذه الدولة يبدأ بالسيطرة على المناطق الشمالية الشرقية من دير الزور إلى الرقة فالحسكة والمنطقة الكردية، مروراً بشمال سوريا متضمناً شمالي مدينة حلب إمتداداً نحو ريف اللاذقية الشمالي في الشمال الغربي لسوريا وصولاً للحدود التركية في هذه المنطقة. هنا تكون حدود نواة هذه الدولة المرتبطة بمد أمني وثقل عسكري موجود في محافظة الانبار العراقية المتصلة بمنطقة دير الزور السورية لناحية إتصال الحدود البرية، وتتخذ هذه المنقطة وفق رؤية وخطة عمل القاعدة أسم (الدولة الاسلامية في العراق والشام) اما الملامح الفكرية فانها ترتكز حول عدد من الأصول الفكرية أهمها العمل علي تأسيس دولة خلافة إسلامية بالقوة المسلحة ،والدعوة إلي التطبيق الفورى للشريعة الإسلامية وكذلك عدم جواز العمل في الأجهزة الأمنية والحكومية في الدولة ورفض التعليم الغربي والثقافة الغربية وتدعو إلي تغيير نظام التعليم وتقوم أهم مبادئ وأفكار الجماعة علي التالي:
1. إثبات الحاكمية لله تعالي وحده وحرمة الديموقراطية لمضادتها للإسلام جملةً وتفصيلا، ويعتقدون أن الحكام المنتخبون عن طريق الديموقراطية كلهم كفار.
2. نظرية الجهاد الإسلامي العالمي: وهي فكرة (عبد الله عزام) المرشد الروحي لأسامة بن لادن وتقوم الفكرة علي إعتبار أن أساس قوة الإسلام العالمي يجب أن يرتكز في أرض إسلامية واحدة وأنه بالجهاد يمكن النصر علي الكافرين المعتدين ؛ وإقامة دولة الإسلام وبعد ذلك الأنتقال لأرض إسلامية أخري توجد بها نفس الظروف ومن ثم الوصول الي تحرير كل الأراضي الإسلامية وإقامة الخلافة الإسلامية والتي تبدأ من أندونيسيا في الشرق حتي أسبانيا في الغرب
3. السلفيه الجهادية: تشكل السلفيه الجهادية الأساس الفكرى للجماعات المتشددة في العالم ، وهي محاولة للموافقة بين السلفية والحنبلية وفكر سيد قطب القائمة علي محاولة التوفيق بين بعض أفكار الأخوان المسلمين والسلفية- هذه المحاولة التوفيقية لها نسق فكرى متمايز يجمع بين الطابع العقدى السلفي والطابع السياسي القطبي.
4. مفهوم التَترُسُ: تستند التنظيمات الجهادية المتشددة علي قاعدة التترُسُ ؛أي جواز قتل المسلم إذا تترس به الكافر، كأساس شرعي لتبرير بعض العمليات العسكرية أو الإنتحارية التي يترتب عليها قتل بعض المسلمين.
5. مذهب إيجاب قتال غير المسلمين بصورة مطلقة : تستند جميع الحركات المتشددة الى هذا المذهب الذي يقوم علي إيجاب قتال غير المسلمين إطلاقاً ؛ وغزو العالم لنشر الدعوة وهو مذهب (سيد قطب) في تفسير سورة التوبة في كتابه (في ظلال القرآن) ،ومذهب تقي الدين النبهاني - مؤسس حزب التحرير - في قوله:(إن رسول الله صلي الله عليه وسلم في قوله وفعله يدلل دلالة واضحة علي أن الجهاد هو بدء الكفار بالقتال لإعلاء كلمة الله ونشر الإسلام ) ،غير أنه يربط ذلك بشرط قيام دولة الخلافة ، ويري الكثير من العلماء أن هذا المذهب مبني علي أخذ مذاهب الفقاء الذين بنوا إجتهاداتهم حسب واقعهم وهو واقع دولة غير ثابتة الحدود متعددة الشعوب والقبائل ومن مراجعهم في هذا الشأن فتوي جواز قتل الأمريكيين وحلفائهم: وهي فتوي صدرت عام 1998 من الجبهة الإسلامية العالمية لقتال اليهود والصليبيين ،وطبقاً لهذه الفتوى فأن التنظيمات الجهادية المتشددة تجيز قتل المدنيين من الأعداء وحلفائهم
6. يعتقد أعضاء داعش أنهم (الفرقة الناجية) وبهذه القناعة يتحركون وأنهم يحيون روح الجهاد في البلاد الاسلامية .
7. تحريم التعليم في المدارس النظامية من الإبتدائية إلي الجامعة لعدة أسباب منها أن المسيحيين والمنصرين هم الذين أسسوا هذه المدارس منذ البدء لتخدم أغراض أعداء الله. إنتشار الإختلاط الممزوج بالتبرج في الفصول والجامعات والقاعات وسوح المدارس والله تعالي يقول(وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولي وأقمن الصلاة وأتين الذكاة وأطعن الله ورسوله) ، ويقتضي الإختلاط وخروج المرأة إنتشار الفواحش. تعلم بعض المواد والأفكار والنظريات المضادة للدين نحو نظرية دارون في تطور الخلق والتي تخالف قوله تعالي (ومن آياته أن خلقكم من تراب ثم أنتم بشر تنتشرون) ،
نتيجة لدراسة وافية للمصادر المكتوبة بالإضافة إلي خطب ودروس أمراء الجماعة ومحاضراتهم في مواقع الإنترنت خاصةً (اليوتيوب) فأن هذه الجماعة تهدف لتحقيق الآتي
1. تشكيل الدولة الإسلامية: تتطلب الدولة الإسلامية عند هذه الجماعة مقومات خاصة من أهمها الإمام الذي يقودها ويكون محركاً لشؤونها (ابو بكر البغدادي ) تمت له البيعة بالإمامة من قبل عناصر الحركة وله الحق في إعلان الحرب والسلام ، ولهذا الإمام نواب ومستشارين ومتحدث رسمي ومجلس شورى ينظر في الأمور الطارئة والخليفة بالرغم من تمتعه بحق السمع والطاعة المطلقة على اتباعه فانه لا يحيد قيد أنملة عن ما يقرره مجلس الشورى.
2. تشكيل منهج تربوي: التربية عند الجماعة تجمع بين التربية الروحية والبدنية أما التربية الروحية فتعتمد علي المسجد مسكناً؛ومدرسةً؛ومركزاً لقيام الليل؛وصيام النهار؛ وقراءة القرآن ؛ والأذكار؛ ويكرر عناصر الجماعة علي بعضهم ضرورة ترك الذنوب وكل ما يخدش المروءة ويسقط الأعراض ؛ وضرورة محاربة صالات السينما ؛ وشرب الخمور، والزنا ،والرياء ؛ والخمور؛ والحسد ؛ والكبر ، أما التربية البدنية فأنهم يربون أنفسهم علي الأنشطة المقوية للجسد ولهم جولة علي الأقدام يومياً بعد صلاة الفجر،ويدعوهم زعيمهم لإجادة الرمى والتصويب وسائر الأنشطة العسكرية والبدنية ، وكذلك خصصت الجماعة عناصر عسكرية مختصة بالتدريبات العسكرية في الفيافي والصحارى وترسل الجماعة عناصرها إلي أصحابهم وإخوتهم في العقيدة في البلدان المجاورة .
3. تشكيل منهج تعليمي: يعتمد منهج داعش على الدروس المجلسية والمحاضرات كما يركز أعضاء الجماعة علي بعض المقاطع من بعض الكتب التي تحض علي الجهاد وأهم هذه الكتب الرسالة للقيرواني و كتاب التوحيد لمحمدبن عبد الوهاب اما الكتاب الذي يعتبر المرجع الاساس لداعش فهو كتاب ( ادارة التوحش: أخطر مرحلة ستمر بها الأمة) تاليف أبو بكر ناجي اصدار مركز الدراسات والبحوث الإسلامية الذي يعتبر أحد الأعمدة الفكرية لتنظيم القاعدة في جزيرة العرب وهو عبارة عن مجموع مقالات طرحها المؤلف في منتدى أنا المسلم ويعتقد الكثيرون ان اسم ابو بكر ناجي هو اسم مستعار للمصري سيف العدل منسق الشؤون الأمنية والاستخباراتية في تنظيم القاعدة، وهناك اراء ترشح ان يكون المؤلف هو محمد خليل الحكايمة امير تنظيم القاعدة في ارض الكنانة باعتبار ان الافكار الكتاب اقرب الى فكر الحكايمة وقد قام مركز البحوث والدراسات الاسلامية الذي اسسه يوسف العييري الذي كان مشرفا على موقع «القاعدة» على الانترنت قبل مقتله عام 2003على نشر كتب أبو بكر ناجي، وان كان الراي الراجح أن هذا الكتاب هو من صنع «مجموعة عمل» وليس بالضرورة أن يكون شخصا واحد . يركز الكتاب على فكرة ان حالة من الفوضى ستدب في أوصال دولة ما أو منطقة بعينها إذا ما زالت عنها قبضة السلطات الحاكمة اطلق عليها الكتاب اسم التوحش مما يولد نوعا من المعاناة بين السكان مما يحتم على القاعدة -التي ستحل محل السلطات الحاكمة تمهيدا لإقامة الدولة الإسلامية أن تحسن "إدارة التوحش" إلى أن تستقر الأمور.وان على المجاهدين إن هم سيطروا علي منطقة ما أن يقيموا فيها إمارة لتطبق الشرع وترعي مصالح الناس فيها من طعام وعلاج، في حين تتولي القيادة العليا (المركزية) التنسيق بين تلك المناطق وترتيب الأولوياتكما تعتمد قيادات داعش علي فتاوى العلماء السابقين مثل :فتاوى اللجنة الدائمة السعودية، كتب إبن القيم ، تفسير إبن كثير،وفتاوى بعض العلماء المعاصرين مثل :الألباني ،إبن باز ،إبن عثيمين وغيرهم ،ويظهر جلياً الإنتماء الروحي والفكري الأيدلوجي لداعش الى تنظيم القاعدة في الإستشهاد بأقوال وأفعال قيادات القاعدة مثل: (أسامة بن لادن ) و (أيمن الظواهرى) و (أبو مصعب الزرقاوى) .المصدر الاخر الذي تعتمد عليه الثقافة الداعشية هو فتوى إبن تيمية في أهل ماردين والتي إستند تنظيم القاعدة والتيارات المشابهة لها في إباحة قتال الحكام المسلمين وهي الفتوى المشهوره بـ(فتوى التتار)
تعمل جماعة داعش وفق إستراتيجية واضحة تعبر عن ميولها العالمية تسعي للأنتقال التدريجي من تنظيم محلي الى تنظيم أقليمي وصولاً الي تنظيم عالمي تحت راية القاعدة الأم.من الناحية العسكرية فان الجهات التي عملت على خلق داعش دفعتها وبناء على دراسة الوضع العام في المنطقة التي كان من المفترض ان تعمل بها داعش الى تبني استراتيجية قتالية تعتمد في مرحلتها الاولى على مبدأ "الذئاب المنفردة" أو "الجهاد المفتوح المصدر" وهي مصطلحات استخبارية تشير إلى أشخاص أو مجموعات صغيرة، غير معروفة في الغالب لأجهزة الأمن الغربية، يمكنها أن تخطط وتنفذ هجمات مفاجئة، ودون سابق إنذار، وتوقع خسائر. مما يؤدي الى خلق الحالة التي اسماها ابو بكر ناجي حالة التوحش قبل الانتقال الى مرحلة ملء الفراغ وادارة التوحش . واستراتيجية الذئاب المنفردة ليست وليدة اليوم, فقد ظهر المصطلح عام 1990 على يد" الكس كور تيس" و" توم ميتزكر" رواد جماعة" الكلوكلس كلان" أو" السادة البيض" المتطرفة ,قبل أن يعمم المصطلح امنيا و إعلاميا للدلالة على الأفعال الإجرامية غير المنظمة و الفردية أيا كانت الإيديولوجية المهيجة. وسوف يتم تخصيص مقال لموضوع العقيدة الاستراتيجية العسكرية لداعش .
يبقي وجود داعش تحدياً أمنياً كبيراً للمنطقة والعالم والمتابع لنشاطات التنظيم يلاحظ أنها تستند إلي ثلاث دعائم تقوي موقفها في الساحة وهي:
أولاً:الدعم المالي الكبير الذي تتلقاه الجماعة من السياسيين وبعض الأغنياء والذي يؤمِن إستمرار عمليات الجماعة وتوفير ما تحتاجه من سلاح وتدريب وتعويضات لمن يصابون أثناء تنفيذ عملياتها وكذلك أقارب الإنتحاريين من التنظيم .
ثانياً:التأثير الفكرى الكبير لمنظرى الجماعة الذين يقومون بالتأطير والتنظير الفكرى لأعضاء التنظيم وإستغلال علاقتهم مع التنظيمات الخارجية الموصوفة من طرف بعض الجهات بالإرهابية كحركة الشباب الصومالية وتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي من أجل كسب مجندين جدد.
ثالثا: العدد الكبير من الأتباع والمجندين من الشباب الذين يتم فتح الحدود امامهم من قبل القوى التي اشرفت ومولت التنظيم .
في هذا السياق يثور سؤال مالذي يدفع او يغري الشباب والنساء الى الالتحاق بداعش وخصوصا ان بين المقاتلين شباب من كلا الجنسين من ميسوري الحال بل ان بعضهم من دول اوربية وغربية تتمتع بمناخ واسع من حرية التعبير مما يستبعد عاملي البطالة والفقر والضغط على الحريات بالنسبة لعدد كبير من المقاتلين وسوف نتناول هذه الظاهره بالنسبة للمقاتلين الاوربيين والنساء في مقالات لاحقة ولكن لنعرج هنا بعجالة فاننا يمكن ان نشير الى ان شكل التمويل والتسليح الذي يحظى بهما “داعش”، عوامل جذب للمقاتلين. بالاضافة الى ان شعور الشباب باستبعادهم من تحمل المسؤولية في ادارة دفة المجتمع يدفعهم الى الحيز الذي يمنحهم المساحة التي تمكنهم من التعبير عن مكبوتات صدورهم بالاضافة الى منحه الفرصة للتمرد على الواقع الذي يرفضوه في مجتمعاتهم وقد ادركت القوى التي وقفت وراء داعش ومثيلاتها ان هذا الدافع سيزودها بخزين لاينضب من المقاتلين وسوف نتعرف في مقال لاحق على تلك القوى واساليبها في تجنيد الشباب من الرجال والنساء في البلاد العربية او حتى الغربية . ويمكن هنا ان نجمل الاسباب التي تشجع الشباب من الرجال والنساء على الانضمام الى داعش واخواتها :
1. الضعف الديني والخواء الفكرى الذي يعاني منه الشباب أدي الي إنقياده وراء الجماعات المتشددة نتيجة لعدم معرفة الشباب لتعاليم الإسلام السمحة البعيدة عن المغالاة والتشدد والقائمة علي المحبة والوسطية.
2. فشل أنظمة التعليم العربية في تناول العديد من المثالب في العملية التربوية. فعوضاً عن غرس الوعي المدني ومبادئ المواطنة وقيم التضامن الاجتماعي والقبول بالآخر والتركيز على المهارات التحليلية الضرورية والتفكير النقدي، اعتمدت مناهجها على الأساليب التلقينية لا التفاعلية، وعلى التقبّل غير النقدي لفكرة السلطة الهرمية من دون مسائلة.كما عزّزت مناهج التاريخ والتربية الدينية عقلية "نحن" في مواجهة "هم"، على أسس عرقية وإيديولوجية وطائفية، ماجعل الشباب عرضة إلى تأثيرات شتّى وساهم في تغيّر المشهد الثقافي العربي بشكلٍ جذري، وسهّل انتشار الإيديولوجيات المتشدّدة والتلقين العقائدي المبكر للأطفال والشباب.
1. أن "تنظيم الدولة الإسلامية يمثل يوتوبيا سياسية، كما أن قيادات التنظيم يعرضون أسلوب حكمهم بطريقة رومانسية. حيث يتم الاستقطاب عن طريق الانترنت من خلال الفيديوهات والمدونات وشبكات التواصل الاجتماعي، التي يتم فيها عرض نصائح عن الحياة الملتزمة، ودعايات لصالح التنظيم.
2. أن كثيرا من الشباب النساء والرجال يسافرون بهدف المغامرة وبهدف المشاركة في بناء دولة الخلافة الإسلامية.، وهذه حالة مشابهة لوقت الحرب الأهلية في أسبانيا قبل 75 عاما
3. أن اولئك الشباب يفتقدون القدرة على إيجاد وجهتهم في الحياة ويفتقدون إلى الاعتراف بهم في المجتمع، وهي أسباب مشتركة بين الرجال والنساء الذين يتطرفون فيما بعد، فهم يتمنون الابتعاد عن أسرهم والتمرد على أوضاعهم.
في الختام هذا المقال يمكن القول إن ظهور وصعود جماعة داعش كان تعبيراً عن مجموعة من الاشكاليات الدولية والمحلية المرتبطة بالواقع التاريخي والأثني والإقتصادي والسياسي في المنطقة أكثر منه صراعاً دينياً أو مطالبة لجماعة متشددة بتطبيق الشريعة الإسلامية ،إلا أن الأساليب التي إعتمدتها حكومات المنطقة سواء في العراق او سوريا او بقية المناطق التي تشهد تمددا لتنظيم داعش او المنظمات التي تحمل نفس الافكار فيها في التعامل مع ظاهرة المنظمات المتشددة عكست حالة الضعف وسوء التخطيط التي تتسم بها تلك الحكومات ،مما زاد من إصرار المنظمات المتشددة ومنها داعش علي مواصلة عملياتها ضد مؤسسات الحكم بل وأعلنت عزمها على التوسع في نشاطاتها والانتقال الى خارج الاطار المحلي التاريخي لتعلن رغبتها في العمل في مناطق اخرى من العالم مما فتح مجالاً للتدخلات الخارجية خاصة الأمريكية والأوروبية في شؤون المنطقة .
أصبح وجود داعش موضع قلق محلي وإقليمي ودولي كبير في أعقاب سقوط الموصل بايديهم في حزيران 2014 وسيطرتها على حقول النفط في المنطقة الواقعة مابين الرقة والموصل فاصبحت بذلك تقدم وجهاً مرعباً للوضع الذي يمكن ان يقوم بعد خروج مارد التطرف من سيطرة الممولين الذيت سعوا الى تمويل التنظيم لتحقيق غايات قصيرة الامد في المنطقة ولكن بعد ان اصبح التنظيم يطرق ابواب اوربا عبر البوابة التركية التي يحكمها اردوغان وحزبه الحالم باعادة السيطرة العثمانية عبر بوابة الفكر الديني الاخواني المتاثر بكتابات سيد قطب.
إن الحلول لمشكلة داعش والمنظمات الشبيه له تتمثل في إعادة صياغة أساليب التعامل معها ومثيلاتها من الجماعات التي تستخدم العنف على أن لا تكون الوسيلة الأمنية هي الطريقة الوحيدة لمعالجة الأمر بل لابد أن تفتح الحكومات قنوات الحوار الديني والإجتماعي والسياسي مع الحواضن الاجتماعية لمثل هذه الجماعة فالعمل العسكري ضد هذه التنظيمات يضل وقتي التأثير، ما لم يقترن بنظرة إصلاح سياسية وفي نفس الوقت محاولة إستعادة الإستقرار في المنطقة مع إستحداث قنوات للتعبير والتثقيف أمام الشباب حتى لا يكون فريسة سهلة للتجنيد داخل هذه الجماعات المتطرفة ، بالإضافة للعمل علي زيادة فرص التعليم في الإقليم وإنشاء الجامعات والمعاهد والمدراس حتي ينشأ جيل من الشباب يؤمن بأفكار الإسلام السمحة ويدرك معاني قوله تعالي: (لكم دينكم ولي دين) ، وأنه (لا إكراه في الدين) ، ويدرك معاني قوله تعالي:(ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها). وضرورة معالجة المشكلات الأمنية والإقتصادية والإجتماعية بصورة مترابطة وهذا يعد أمراً حيوياً للقضاء علي العنف وتحقيق الإستقرار السياسي والإجتماعي في المنطقة.
بناء ثقافة تُعلي من شأن الإنتماء الوطني عن دونها من الإنتماءات وأن يستخدم في ذلك أدوات مختلفة لبناء الثقافة الوطنيةمنها الأدوات التعليمية والإعلامية مما يؤدي لرفع الحس الوطني.
الدفع بقيادة وطنية صالحة يتوافق عليها الجميع بمختلف أطيافهم وأن تمتلك هذه القيادة وإستراتيجيات واضحة المعالم لبناء مستقبل زاهر.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن