الرحيل

مروان المغربي

2014 / 11 / 30

اليوم الرابع والخمسين بعد المئة : لقد مررنا بعدة عقبات في الطريق قبل الوصول لباب برّدْ, إشتد علينا القيض ,شح الماء في القرب , خشينا تكرار آلمأساة
بينما نحط الرحال بين جبال ذلك المكان الموحش أتذكر ابتسامة حمد ولد النية الغريبة, كم كانت ممزوجة بالرمق الأخير ,بعضنا افتقد تقاسيم الوثرة .
عيوطه المرساوية التي تبث في النفس النشاط ,تدفعك وقت الانهيار تشد بيدك تمارس عليك سادية المواصلة
ترهقني الذاكرة , تعاود تصوير مشاهد النهاية .
كم أرهقنا المسير حينها .البغلة التي تحمل متاعنا تشارف على الهلاك من العطش ونقص العلف ,الطريق صار اكثر جفافا .. نزحف نحو الرمال,الحشيش يتلاشى, الصخور تستمد جبروتها تمتص من عزيمتنا تستحيل إلى تلال ,تتحول إلى جبال ,اقف صاغر فاغر الفاه ,.
انهار.. اسقط على ركبتي كلوح خشبي . أصيح : لم أعد استطيع المسير , كم كان فض الزعري ضخم آلجثة وهو يزمجر غاضبا :قف دعنا نكمل السير,كن رجلا لا نريد بيننا نساء
حتى حمد ولد النية الرجل قصير القامة منهك الجسد كان أكثر قوة مني وأشد بأسا , حقنني بقوة عزيمته الخفية حين مد يده نحوي مخاطبا :
قف يا وحش
تقصد يا فرخ
ضحك ولد النية استرسل :
الفراخ أيضآ تصير نسور تستحيل وحوش حين تتمسك بالهدف .

لاحت في آلأفق بداية النهاية السماء تصطبغ بلون الحمرة , الرياح غاضبة تنذر بالويل .
كان هذا آخر حوار لي مع احمد ولد النية ,لدغة آلأفعى لم تمهله الوقت الكافي السم استل روحه المشتاقة للفيلسوف العلامة صاحب الكرامات سيدي حمد بن العجاج

أيضآ استل مني شوق لقاء الفيلسوف و أنا استرجع حديثي مع ولد النية

هل ستعود للشاوية بعد لقاء الفيلسوف
لا , ليس قبل أن يجيبني على كل التساؤلات ,أتوق أيضا لزيارة ضريح سيدي عباس بو خبزة ربما سأتعلم أيضا الدمياطي وأحفظ كتاب الهجهوج قبل أن افكر في العودة إلى الوطن
اه .. ذكرتني بالوطن أنا أيضا اشتاق للوطن اشتاق لرعي أغنامي في مراعي الشاوية الفسيحة اشتاق أيضا لمسعودة و كرمة الكرموس حدثني اكثر عن سيدي حمد العجاج
كراقص ماهر على إيقاعات عبيدات الرما
إسترسل يحدثني عن الفيلسوف العلامة ,قص لي كل أخباره وحكاياته عن علومه ,شدني اكثر للقاء هذا الرجل الاسطورة
هل زرته من قبل
أجاب : كلا
بعد أن اقمنا عليه صلاة الجنازة دفناه في الليل ,.
رجل جاء للحياة يبحث عن ضوء النهار وخرج منها في عتمات الليل.
لم اعد ارغب في المسير مجددا بعد أن انفض مخيمنا في الصباح الباكر.

ملاحظة هذا ما وصلنا من أنباء الرحلة الكتامية اختلف الرواة في صياغة النهاية منهم من قال : وصلوا جميعا إلى كتامة وستقروا هناك ومنهم من قال اهلكهم المسير وقطيع الذئاب



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن