تحديات الزيادة السكانية تكسر ظهر العالم العربي

غسان عبد الهادى ابراهيم
economistghassan@yahoo.co.uk

2005 / 8 / 29

يواجه العالم العربى العديد من التحديات الاقتصادية والاجتماعية التى تعوق عملية التنمية، مما يدفع صاحب القرار السياسى والاقتصادى فى اغلب الدول العربية للتضحية بكثير من القضايا المصيرية من اجل العمل الجاد لرفع النمو الاقتصادى وزيادة الناتج القومى من خلال تنشيط الفعاليات الانتاجية والخدمية على امل تلبية متطلبات الشعوب العربية التى تتزايد بشكل متسارع لتلتهم كل بوادر ونتائج الاصلاح الاقتصادي.
ومن اهم التحديات التى تواجه الدول العربية هى الزيادة السكانية الغير مدروسة. فغالباً ما تحقق الدول العربية نمواً اقتصادياً يتراوح بين 3% و7% بينما ينمو عدد السكان بنسب شبه مساوية واحياناً اكثر، مما يعنى بكل بساطة ان كل الجهود المبذولة لزيادة الدخل القومى ستتلاشى امام هذه الازمة التى ستجعل العالم العربى مقيداً لا يمكنه تحقيق اهدافه التنموية وبالتالى تعريضه لازمات تنعكس على الحياة الاجتماعية وربما تطال رجال السياسة واصحاب القرار.
وفى حين يهتم العالم المتقدم بموضوع السكان ويجرى العديد من الدراسات والابحاث بهذا الخصوص، ويقيم مراكز تولى موضوع السكان وقضايا النمو السكانى اهمية، فان التزايد العشوائى والنمو الكبير وغير المنظم للسكان فى مناطق عديدة من العالم هو السمة الغالبة فى الدول الأخري، بكل ما ينجم عن ذلك من تخلف وانتشار الامراض اضافة الى تدنى مستويات المعيشة وتفاقم البطالة والامية وزيادة الوفيات فى عدد كبير من الدول الفقيرة والنامية. وفيما يلى عرض لبعض التجارب فى تشخيص الازمة فى مصر والاردن وفلسطين:
النمو السكانى فى مصر عثرة فى وجه التنمية
هناك العديد من التحديات التى تواجه الاقتصاد المصرى ويعد النمو السكانى الذى يتزايد بمعدلات مرتفعة والذى يلتهم الكثير من جهود التنمية هو أخطرها على الاطلاق ليس لانه يأكل الموارد القليلة والمتناقصة فحسب، ولكنه يأكل كل عائدات النمو أيضا.
ويقول وزير التعليم العالى والدولة للبحث العلمى عمرو سلامة أن الحكومة مكلفة بضرورة الاسراع بمعدلات التنمية والنمو وتحقيق التنمية الشاملة لمواجهة هذه الزيادة السكانية.
ورأى أن هناك تحديات ومتغيرات عالمية تواجه مصر تتمثل فى العولمة وسعى النظام العالمى الجديد الى تحقيق العولمة الاقتصادية وأن بلاده لابد أن تتسلح بالتكنولوجيا المتقدمة لكى تصمد فى ظل هذه المستجدات ولاسيما مع تواجد ازمة سكانية.
وأكد ان 500 شركة متعددة الجنسيات تسيطر على 80 بالمائة من حجم التجارة الدولية وتحتكر 75 بالمائة من حجم الاستثمارات فى العالم كما ان مصادر الثروة والتكنولوجيا فى عدد قليل من دول العالم ولا يزيد عدد سكانها عن 15 بالمائة من سكان العالم.
وأوضح الدكتور سلامة أنه من بين التحديات أيضا تصاعد تكوين التكتلات الاقتصادية العملاقة والدور المتعاظم لهذه الشركات والتقدم التكنولوجى فائق السرعة مشيرا الى البرامج التى وضعتها حكومة بلاده على طريق الاصلاح الاقتصادي.
كما أكدت القائم بأعمال رئيس هيئة المساعدات الأمريكية بالقاهرة مار اوت أن الحكومة المصرية أجرت عددا من الاصلاحات المهمة مثل خفض التعريفة الجمركية وتنفيذ اصلاحات قانونية وضرائبية مؤكدة أن القطاع المالى يلعب دورا رئيسيا فى تعزيز النمو الاقتصادي. وحذرت من سوء التنظيم فى القطاع المالى حتى لا تتعطل عملية النمو معربة عن اعتقادها بأن الاصلاح الاقتصادى وتفاقم ازمة الزيادة السكانية سيكونان أكبر تحديات تواجهه مصر.
الاردن: النمو السكانى أعلى من الموارد المتاحة
ان زيادة عدد سكان الاردن بمعدلات سريعة لا تزال تشكل التحدى الكبير الذى يواجه عملية التنمية الشاملة والمستدامة حيث ان النمو السكانى لا يزال أعلى مما تسمح به الموارد المتاحة.
ويقول الدكتور زهير الكايد امين عام المجلس الاعلى الاردنى للسكان ان النمو السكانى المتسارع يشكل اهم تحديات التنمية فى الاردن. ويؤكد ان من التحديات المهمة التى تعترض مسيرة الاردن التنموية تتمثل باتساع بؤر الفقر وارتفاع نسب البطالة وضعف مشاركة المرأة فى النشاطات الاقتصادية.
ويقول ان الاردن وضع استراتيجية وطنية للسكان ركزت على اهمية تحقيق التوازن بين الموارد والسكان بالدعوة الصريحة الى انتهاج سياسة ترشيد استخدام الموارد وتعزيز السلوك الانجابى المعتدل وتمكين المرأة وتحقيق العدالة والمساواة وزيادة الانتاجية لزيادة الدخل الفردي.
وشدد الكايد على اهمية أخذ البعد السكانى على محمل الجد والاهتمام ليصبح من الاولويات الوطنية المهمة نظرا لاهمية البعد السكانى والانسانى فى عملية التخطيط التنموي.
وحول دور المجلس الاعلى للسكان قال ان المجلس يسعى لتعميق الوعى بقضايا السكان والتنمية والصحة الانجابية والنوع الاجتماعى "الجندر" وتمكين المرأة وضمان تعزيز مساهمتها فى التنمية المستدامة.
كما يسعى المجلس الى تقرير السياسات والمشاركة فى كل جوانب الانتاج والعمالة والأنشطة المولدة للدخل والتعليم والصحة والعلوم والتكنولوجيا والثقافة السكانية وغرس قيم العدالة والانصاف بين الجنسين فى اذهان الشباب على نحو يتفق وقيم المجتمع الاردني.
واضاف ان المجلس يسعى باستمرار الى تحقيق هذه التطلعات والطموحات برفع مستوى التوعية والتثقيف بقضايا السكان والتنمية والصحة الانجابية والنوع الاجتماعى وتعميمها على فئات المجتمع كافة وكذلك السعى الى تطوير وتفعيل اسلوب الشراكة مع المؤسسات والهيئات الوطنية الرسمية والأهلية والمنظمات الدولية المانحة لتنفيذ الاستراتيجيات السكانية لحشد التاييد للبرامج والأنشطة السكانية.
واشار المسؤول الاردنى الى ان المجلس يعالج تراكمات القضايا السكانية وتحدياتها باجراء البحوث والدراسات العلمية للتوصل الى خطط عمل وبرامج تعالج قضايا النوع الاجتماعى والفقر والبطالة والشباب وتمكين المرأة واختلال التوزيع الجغرافى للسكان والموارد والبيئة والتوعية بثقافة العيب وإحلال العمل المهنى محل البحث عن الوظيفة.
أزمة السكن فى فلسطين تتفاقم فى السنوات العشر القادمة
وأظهرت نتائج مسح أجرته وحدة بنك المعلومات الفلسطينية "ركاز" التابع لجمعية الجليل الجمعية العربية للبحوث والخدمات الصحية، أن أزمة السكن التى يعانى منها مواطنو أراضى 48، ستتفاقم جداً خلال السنوات العشر القادمة.
ولفت المركز، الذى ينشط فى أراضى ألـ"48"، ، إلى أن ما نسبته 60.6% من الأسر، ستحتاج لوحدة سكنية واحدة على الأقل، خلال السنوات العشر القادمة، ورأت ما نسبته 43.7% من هذه الأسر، أنها لن تتمكن من بناء أى وحدة سكن، خلال هذه الفترة، وذلك بسبب عدم توفر الأراضى والموارد المالية لشراء أو بناء المسكن.
وبينت نتائج المسح، أن المجتمع العربى فى أراضى ألـ"48"، يمتاز بكونه فتياً جداً، حيث بلغت نسبة الأفراد، الذين تقل أعمارهم عن 14 عام 41.1% وبلغ العمر الوسيط 19 عاماً، وانخفض إلى 12 عاما فقط فى منطقة الجنوب.
وأظهرت أن نسبة المشاركة فى قوى العمل بين الأفراد فى سن 15 عاماً وأكثر، بلغت عند الفلسطينيين 43.6 %، مقابل 57.1% لدى الإسرائيليين، وانخفاض نسبة النساء الفلسطينيات المشاركات فى القوى العاملة، حيث بلغت 23.4% فقط.
وأشار المسح إلى أن نسبة البطالة، وصلت فى منتصف العام 2004 إلى 11.4%، وفى الفئة العمرية 15- 24 عاماً 19.9%، فى حين ارتفعت إلى 21.1% فى الجنوب.
كما أظهرت النتائج بان 32.7% من الأسر، أفادت بأنها تعتمد على المخصصات الحكومية المختلفة كمصدر دخل رئيسى لها. وأضاف التقرير أن 94.4% من مواطنى أراضى ألـ"48" "15 عاما فصاعداً" يجيدون القراءة والكتابة، فى حين بلغت النسبة فى الجنوب 85.2%، ووصلت نسبة الأمية بين الإناث "15 عاما فصاعداً" إلى 8.7%، وفى منطقة الجنوب 21.7%. ووصلت نسبة الأطفال فى جيل 5 سنوات فى منطقة الجنوب، الذين لم يلتحقوا برياض الأطفال إلى 7.6%.
أما النسبة العامة للذين حصلوا على شهادة المرحلة الثانوية فقد بلغت 19.8% فقط. وأفاد 41.0 % "من 10 سنوات فما فوق"، أنهم يقرأون الصحف دائما و 25.6% يقرأونها أحيانا، ووصلت نسبة الأفراد الذين أفادوا بأنهم قرأوا كتاباً واحداً خلال الشهر الذى سبق المسح، إلى ما لا يزيد عن 20%. وشكلت اللغة العربية لغة القراءة الرئيسية لأكثر من 90% من الفلسطينيين مقابل 72.4% الذين يقرأون الصحف العبرية.
وأشارت المعطيات إلى أن 44.6%من الأسر الفلسطينية فى إسرائيل، أفادت بأنها تمتلك جهاز حاسوب فى البيت، وانخفضت هذه النسبة إلى 20.2% فى منطقة الجنوب. كما أفادت 23.0% من الأسر بأن بيوتها موصولة بشبكة الإنترنت وانخفضت النسبة إلى 4.4% فقط فى منطقة الجنوب.
وسجل 8.6 % من الأفراد الفلسطينيين، أنهم يعانون من أمراض مزمنة، وظهرت أعلى نسبة فى المدن المختلطة. وذكر%2.9 بأنهم يعانون من إعاقة، 30.8% من مجمل هذه الإعاقات هى بمثابة إعاقات خلقية "مولودة".
وقال 32.2% من الأسر أنها تعانى من مشكلة الضجيج فى محيطها السكني، واعتبر ضجيج الطائرات فى منطقة الجنوب مصدر الإزعاج الأول لـ 21.7 % من الأسر. و%28.1 من الأسر أفادت بأنها تتعرض لمشكلة الروائح الكريهة فى محيط سكنها، التى تنبعث أساساً من المياه العادمة والنفايات. يذكر أن وحدة " ركاز"، أجرت المسح بالاشتراك مع المركز العربى للدراسات الاجتماعية التطبيقية "مدى الكرمل". واشتمل التقرير على بيانات ضافية حول مجالات حياتية مختلفة للمجتمع، منها السكان، المسكن، ظروف السكن، العمل، مستويات المعيشة، التعليم، الثقافة والإعلام،الصحة، البيئة، الحيازة الزراعية، والأمن والعدالة.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن