إسرائيل هي من تتخذ أهل غزة دروعاً بشرية ورهائن.

فادي كمال الصباح
wissamkb@gmail.com

2014 / 7 / 24

حاول الإعلام الصهيوني و من وراءه بعض الإعلام العربي ,صنع بروباغندا ضد المقاومة الفلسطينية موجهة إلى الجمهور العربي و العالمي , بهدف تشويه صورة المقاومة وتحريض جمهورها عليها و تبرير جرائم الصهيوني بحق أهل غزة.
تركزت هذه الحملة الإعلامية على عنوان بارز أن المقاومة تستخدم أهل غزة دروعا بشرية و بسبب ذلك تقع إصابات بالمدنيين و الأطفال الفلسطينيين.

من المعلوم لجميع العالم ,أن قطاع غزة هو عبارة عن مساحة صغيرة ضيقة تستوعب داخلها أعلى كثافة سكانية في العالم بالنسبة لمساحته وبالكاد يوجد فيه مساحات خالية من السكان, و هو محاصر منذ سنوات براً و بحراً وجواً , فجميع منافذه ومعابره مقفلة بوجه البضائع والعابرين إلا ما ندر.

هذا الواقع الديموغرافي والجغرافي لقطاع غزة, لا يسمح للمقاومة فيه أن تستفيد من مساحات شاسعة بعيدة عن السكان تسمح بالانتشار والاختباء والاستتار للقيام بعملياتها الدفاعية مقابل أي اجتياح واعتداء إسرائيلي, فتضطر مرغمة على الاستفادة من أي بقعة خالية أو زراعية لنصب صواريخها وانتشار مقاتليها بحيث تجنب قدر الإمكان تعرض المدنيين للقصف أو آثار القصف.
لكن طبيعة هذه المناطق الخالية , من حيث قلة مساحتها و قربها من السكان و خضوع أكثرها للمراقبة المعادية ,يجعلها غير قادرة وملائمة لعمل المقاومة أمام عدو يتمتع بقدرات في المراقبة والاستطلاع هي من الأهم عالميا , كما أن امتلاكه لقوة جوية الأهم في الشرق الأوسط و عدم امتلاك المقاومة ما يوجهها أو يعطلها يجعل من المستحيل انتشار قوات المقاومة بشكل كبير في تلك المناطق وألا تجعل من نفسها فريسة سهلة بإمكان العدو إبادتها بدقائق, فلا حل لها ,كما كل المقاومات الشعبية إلا أن تندمج مع السكان لاسيما في ظل غياب الغابات و المناطق الجبلية , وتحاول جاهدة الحفاظ على سرية انتشارها و عملها بين المدنيين لحمايتهم و لتأمين نشاطها وسلاحها من أعمال تخريبية معادية بوجود جواسيس متغلغلة وسط المدنيين ترصد أي شاردة و واردة.

إسرائيل تعلم جيداً هذا الواقع الغير جديد و الذي تعاملت معه لعشرات السنيين في لبنان و فلسطين و الذي استخدمته مختلف المقاومات من جزائرية و فرنسية و كوبية و فيتنامية و مصرية و حتى إسرائيلية في أوروبا أيام النازية و بعض فترات الاستعمار البريطاني لفلسطين حينما حصلت عدة اشتباكات بينه و بين جماعات صهيونية مسلحة.

بالعودة إلى ما قبل عدوان غزة الحالي ,حيث حصلت عملية خطف و قتل لثلاثة شبان إسرائيليين في الضفة الغربية بظروف غامضة وهي جريمة بشعة بحق مراهقين أبرياء, لم تتبنى الجريمة أي من فصائل المقاومة إلا وجود تبريكات لأحد قادة المقاومة للعملية قبل أن يكتشف مقتل الثلاثة , فعمدت إسرائيل من لحظة الإعلان عن اختطاف الثلاثة بعمليات اعتقالات ضخمة و حصلت مواجهات بالحجارة مع المواطنين الفلسطينيين و سقط نتيجتها شهداء بصفوفهم و تزامن ذلك مع غارات يومية متواصلة على قطاع غزة سقط نتيجتها عدد من الشهداء و من ثم قام متطرفون صهاينة بعملية خطف و قتل لمراهق فلسطيني في الضفة لا تقل وحشية عن قتل الثلاثة , وتأزمت الأوضاع أكثر فأكثر , بينما تواصلت عمليات المقاومة بالرد على الغارات في غزة بقصف مواقع عسكرية قريبة من غزة , بمحاولة منها لعدم زيادة تأزم الأوضاع, لكن ذلك لم يشفي غليل الصهيوني بل أعلن الحرب على غزة فاشتعلت المواجهة المفتوحة والتي مازلت جارية بشدة أكثر , حيث برر ذلك بالدفاع عن مواطنيه بوجه الصواريخ مع العلم بأنها لم يسقط نتيجتها إلا جندي واحد طيلة ما يقارب الأسبوعين بينما وصلت أعداد المدنيين الفلسطينيين الشهداء إلى ما أكثر من ستمائة قسم كبير منهم أطفال ونساء, فأي دفاع هذا عن مدنيين إسرائيليين من صواريخ لم تسقط واحد منهم بينما الصواريخ الإسرائيلية الملقاة عبر طائراته الحربية تفتك بمئات الفلسطينيين وبذلك يسقط الادعاء الصهيوني بحماية مدنييه كونه هو الجهة الظالمة و المتمادية بظلمها و وحشتها.

ليكن معلوماً بأن إسرائيل تمتلك كل التقنيات من وسائل رصد و استخبارات وأقمار اصطناعية و طائرات استطلاع مجهزة بأجهزة رؤية ليلية و نهارية عالية الدقة تميز بكل دقة بين الصغير والكبير و المدني و المقاتل و طائرات و منصات أرضية مجهزة بأسلحة دقيقة جداً تستهدف سيارة معينة خلال مسيرها ضمن آلاف السيارات أو غرفة معينة ببناء دون غيرها، كي تحيد المدنيين عن الإصابة من القصف ، بكل بساطة و سهولة ، والاكتفاء بضرب البنية التحتية للصواريخ و استهداف المقاتلين فقط، لاسيما أن الصواريخ تطلق و لم تنتج إصابات بالمدنيين الإسرائيليين بالشيء الذي يذكر أو يستدعي إسقاط هذا الكم الكبير من الفلسطينيين الأبرياء, فيما تتعالى صرخات الإعلام الصهيوني وبعض العربي بأن استخدام المقاومة للمدنيين كدروع بشرية هو الذي يتسبب بذلك!.
و عليه نسأل ,فإذا كان أهل غزة رهائن تتخذهم المقاومة دروعاً بشرية، فحرموا المقاومة من دروعها و افتحوا معبر رفح و غيره أمام الأطفال والنساء،لتبيدوا المقاومة عن بكرة أبيها بكل راحة!..أما تريدون إبادة أهل غزة!.

لا نلوم كثيراً الصهيوني فهو عدو لا يمكن الطلب منه الرأفة والرحمة, لنصل إلى الجانب المصري ,كي يفتح معبر رفح ,فإذ بنا نجده يتذرع بخطورة فتح المعبر على الأمن القومي لمصر, في حين أن فصائل المقاومة تمكنت من إدخال هذه الترسانة الضخمة من الأسلحة و المعبر مقفل!.
فالمعبر المراقب و المشرف عليه من الأمن المصري للسماح بهروب المدنيين الفلسطينيين من جحيم القصف وحتى أقله السماح بإخلاء الجرحى ,لا يمكن أن يشكل خطراً على مصر بتهريب السلاح منه إليها، فالسلاح يأتي من مصر الى غزة ،بكل بساطة! ,و الجماعات التكفيرية التابعة للقاعدة الناشطة بضرب الجيش المصري هي من الداخل المصري عدداً و عدة.
لو أن أهل غزة يجتاحون سيناء عسكريا ، بالإمكان تقبل ما يتداوله بالإعلام المصري و تتذرع به سلطة السيسي، أما أن يتزامن ذلك مع عدوان صهيوني على غزة و أمام مشاهد مئات الشهداء و مشاهد الأطفال الغارقة بالدماء، فهو عهر عنصري سادي و تعاون وحشي بقتل ذلك الشعب المحاصر و لا يخرج إلا عن كائنات بشرية متوحشة لا تملك ذرة حياء و إنسانية.

ما فائدة إسرائيل من وجود مدنيي الخصم في مناطق العمليات العسكرية؟
إن وجود المدنيين في غزة و بتلك الكثافة يعرقل عمل المقاومين فلا يتحركون بين و عبر المنازل و لا يقدرون من الرمي بحرية في كل مكان خوفاً على أهلهم من القصف المضاد.
أما لو كانت المنازل خالية تستفيد منها المقاومة فتصبح ممرات دون الحاجة إلى التحرك في الشوارع المكشوفة و أماكن تحصن و تخزين و مراكز رصد و مراقبة و كما بإمكان جعل المنازل مصائد عبر تفخيخها و نقاط رمي , وهذا ما لا يكون لصالح الطرف الصهيوني.
فلو كان حقاً أن وجود المدنيين يعيق عمل القوات الصهيونية و يجعلهم دروعاً بشرية تحمي المقاومين . لقامت إسرائيل بالمستحيل لترغيب المدنيين بالخروج والهروب ولفتحت المعابر كلها و حتى البحرية منها, لكنها أصرت على غلق كل المنافذ بالإضافة للطرف المصري , بحيث أصبح قطاع غزة سجن كبير يضيق بساكنيه لحد الاختناق.

وللتذكير أنه سنة 2006 بنفس هذا الشهر , و فور بدء العدوان الصهيوني على لبنان , عملت الطائرات الحربية الإسرائيلية لقطع أوصل المدن والقرى عبر تدمير الجسور والطرقات ,بهدف حصر المدنيين بقراهم مدنهم في الجنوب و عدم السماح لهم بالوصول إلى الأماكن آمنة أكثر و كذلك قامت باستهداف الكثير من السيارات المدنية و قوافل النازحين من الجنوب.
إسرائيل عن سابق قصد , تعمد إلى حصار المدنيين في أماكن العمليات الحربية , لتعيق عمل المقاومين و لتصنع المجازر ساعة تشاء بحقهم وأطفالهم, فتكون تلك المجازر كأداة ضغط تستغلها في إضعاف الروح المعنوية للشعب كي يضغط على الجهة المقاومة و كذلك أداة أساسية على طاولة المباحثات لوقف إطلاق النار بشروطها في الحرب, ولترسل رسالة عنصرية وحشية بأن الغير إسرائيلي لا شيء ولا قيمة لحياة المئات منهم لو تعرض إسرائيلي واحد لخطر.

و بالمقابل تحاول قدر الإمكان تعمية الرأي العام العالمي بحرصها على تجنيب المدنيين و التزام جيشها الأخلاقي تجاههم , عبر ترويج حالات كثيرة لإنذار المدنيين لإخلاء منازلهم المستهدفة قبل القصف بدقائق, مع أن الواقع يدل على أنه تصرف نسبي وإلا كيف سقطت كل هذه الأطفال والمدنيين, لكن من جهة أخرى من مصلحتها الحفاظ على مستوى معين من الوحشية تجاه المدنيين كي تحافظ قدر الإمكان على صورتها أمام الرأي العام الغربي والعالمي حتى لا يتحمل إلى رأي عام ضاغط عليها.

يقولون أن المقاومة الفلسطينية تتخذ المدنيين دروعاً بشرية في وقت كل المعابر قد اقفلوها و حتى البحر لا يسمحون بممر فيه!، فمن يستغل بالحرب المدنيين الموجودين بكثافة عالية ضمن بقعة صغيرة، في هذه الحالة و يتخذهم أوراق ضغط و عوائق لعمل المقاومين !



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن