خصية على مذبح الانتظار

أنطونيوس نبيل
arezik@gmail.com

2014 / 6 / 16



1.

أيها الأحباء..
النهرُ يَسُوطُ عطشَ الأرضِ
في اندفاعِهِ الأهوج
-واشتياقُه للبحرِ مهاميزٌ
تَنْخُسُه بلا ضَنانةٍ-
لا يألو جَهْلاً في إقلاقِ
أعتى الصخورِ الكاشرةِ
بمنكبيه الأملدين

يزحفُ حثيثاً مُتقصِّداً
الأنيابَ المالحة
يتقافزُ جذلاً
على قدميه المُقرَّحين
كلما تفكَّر بأنه سيغدو أضحيةً
ينهالُ عليها البحرُ
تمزيقاً رحيماً
في غياهبِ أبجديةٍ
انتهبها بَرَصُ الصمتِ

2.

أيها الأحباء..
النهرُ سيظلُّ -على مِذبحِ
الانتظارِ- أضحيةً
تتقيأها البحور تباعاً
سيظلُّ يرصفُ في أغلالٍ
يَحِزُّ صليلُها أعناقَ الطيورِ
التي تتوسَّد ضفائرَهُ المعشوشبة
دون أن ينالَ هذا مِن رعونةِ
ابتسامتِه: الموشاة بزَبارِجِ الوحلِ
الرقراقة كأفعى تُرضِع صغارها

إذ يجهل أن البحرَ
الذي يصبو إليه –ككل
البحور- قد خَوَّصَ
الشيبُ شغافَ شطآنِه
ولم يعد في وسعِه أن يزدردَ
مزيداً من الأضاحي
إذ يجهل أن الريحَ
استعارتْ أصابعَ الغرقى
لتقبضَ على خُصيةِ البحرِ
فينسكبُ رفيفُ الألمِ
-في شرايين هديرِهِ الساغب-
حَصَىً مِن الغثيانِ

3.

أيها الملاعين..
مَن منكم يصرخ ملءَ الجُرحِ
في النهرِ الضرير
قائلاً: "ما أنت إلا أشلاءٌ
مِن السُحُبِ النَخِرة
رتقتها الريحُ بخيوطِ السنانيرِ
المُهشَّمةِ في أمعاءِ الرعود"

مَن منكم يتجاسر ويَخدِش
بأظفارِ ضبابِ أنفاسِهِ
أقنعةَ أحداقِ السكون
ليخبرَهُ بأن البحرَ قد صارَ
شيخاً بئيساً أدردَ
لا يستمرئ لحمَ الأنهار
مُذ كفَّت "رهاف"
عن نثرِ نِصَالِ قُبلاتِها:
المخضَّلة بمصهورِ الأنينِ
العابقة بمهموسِ الدفءِ
بين حاجبيه الأبكمين
وفي ثنايا وجهِهِ المجدور
وعلى ندبةٍ -بالرُّسغِ الأيمن
لرُوحٍ هي عدمٌ يتأمل ذاتَه
عبر مزاغلِ السآمة-
تعتنقُ في الحُلمِ تباشيرَ النزيف



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن