مأساة الكرد خلال 50 عاما في ظل حكم البعث وآل الأسد وأزلامهم سوريا

سفيان الحمامي
mhdkalhakim@yahoo.fr

2014 / 6 / 1

مأساة الكرد خلال 50 عاما في ظل حكم البعث وآل الأسد وأزلامهم سوريا

تعرض الكرد في سوريا في عهد حكومات حزب البعث وآل الأسد لمظالم وتهميش واستبعاد واستصال وطني لم يتعرض لها أحد مكونات الشعب السوري طيلة تاريخ سوريا الحضاري ، ويتضح ذلك :
أولا - صدور المرسوم التشريعي بإحصاء أكراد سوريا رقم /93/ تاريخ 23/8/1962 , القاضي بإجراءإحصاء سكاني في محافظة الحسكة فقط بتعليمات خفية من حزب البعث للسلطات آنذاك تحت ذريعة معرفة السوريين من غير السوريين وتعزيز وجود اتباع القومية العربية في تلك المنطقة , وتضمن ذلك المرسوم :
ـ مادة /1/ : يجري إحصاء عام للسكان في محافظة الحسكة في يوم واحد يحدد تاريخه بقرار من وزير التخطيط بناء على إقتراح وزير الداخلية .
ـ مادة /6/ : عند الإنتهاء من عملية إحصاء السكان في محافظة الحسكة , تشكّل لجنة عليا بمرسوم جمهوري بناء على إقتراح وزير الداخلية لدراسة نتائج الإحصاء , وتقرير تثبيتها في سجلات الأحوال المدنية الجديدة أو عدمه , وإعداد التعليمات لذلك .
فعليا ، أجري الإحصاء في يوم 5/10/1962 ، ونتج عنه تجريد ( 60000) مواطن كردي من حق الجنسية السورية , واعتبروا ( أجانب أتراك ) ، وتم تعديل هذه التسمية إلى ( أجانب سوريين ) وفق المرسوم رقم /276/ لعام 1969 المتعلق بقانون الجنسية .
الجدير ذكره ،أن رئيس الأركان العامة في جيش سوريا سابقاً (الجنرال توفيق نظام الدين ) تحوّل إلى سوري أجنبي وفق ذلك الإحصاء,كما تحوّل أفراد عائلة إبراهيم باشا الملي,التي كان عميدها أحد الأعضاء المؤسـسين في المجلس التأسيسي للبرلمان السوري في عام 1928 ( الجمعية التأسيسية ) إلى سوريين أجانب !!!
ثانيا – تطبيق مشروع الحزام العربي حيث قام الملازم أول محمد طلب هلال / رئيس مفرزة الأمن السياسي بالحسكة في عام 1962، بدراسة عن محافظة الجزيرة من النواحي (القومية و الإجتماعية و السياسية ), وقدّم مقترحات الدراسة المذكورة التي تضمّن المقترح العاشر منها " إنشاء مزارع جماعية للعرب الذين تسكنهم الدولة في الشريط الشمالي على أن تكون هذه المزارع مدرّبة ومسلّحة عسكرياً كالمستعمرات اليهودية على الحدود تماماً "، وقدمت تلك الدراسة إلى الجهات العليا في دمشق بتاريخ 12/11/1963 حين كان حزب البعث في السلطة بشكل مطلق , ودعت الدراسة إلى طرد الأكراد من أراضيهم وذلك في منطقة تمتد بطول 250 ـ 350 كم وعرض 20 ـ35 كم ،وتم البدء بتطبيق المشروع منذ عام 1966وإحلال عشائر عربية محلّهم لعب بعض أفرادها أدوارا مخزية بحق الأكراد وغيرهم من أبناء مكونات الشعب السوري الأخرى في منطقة الجزيرة السورية عبر استزلامها كمرتزقة وشبيحة وجلادين للنظام الإجرامي لقاء بعض المزايا التافهة خلال خمسين عاما ،الأمر الذي جعل نظام آل الأسد فرحا بضعف مشاركتهم في الثورة السورية لأنهم يتقنون خدمة النظام في الخفاء ويسهمون حين مشاركتهم بالثورة بتعليمات من النظام في تفتيت المعارضة العسكرية وسرقة أموال المساعدات مع المرتزقة الآخرين من عملاء النظام الذين تولّوا وظائف ادارة الإئتلاف والحكومة المؤقتة .
وتمت مكافأة (محمد طلب هلال ) ذلك الضابط الصغير الذي لا يعرفه أحد حين تنفيذ دراسته حول أكراد سوريا بعد إنقلاب 8 آذار 1963 ، بأن أصبح عضواً في القيادة القطرية لحزب البعث في عهد حافظ الأسد ، ووزيراً للتموين , ثم نائبا لرئيس مجلس الوزراء ، ووزيرا للزراعة والصناعة ، وسـفيراً لسـوريا في بولونيا.
يدل ذلك ، إلى مدى قلّة النضج في إتخاذ القرار في نظام حكم حزب البعث وآل الأسد حين يترك شخص مبتدىء في حياته الوظيفية ومتشعبا بالروح العسكرية المتسلّطة وبالعقلية الأمنية الحاقدة على الشعب ومكوناته ، وهو وفي بداية السلم الوظيفي العسكري ، بأن يتحكّم ويقرّر مصير عشرات الآلاف وحاليا مئات الآلاف من السكان الأكراد السورييين ، وبعد ذلك يكافأ على فعلته الإجرامية بحق مكون أساسي من الشعب السوري بترقيته وهو ولد لا يدرك شيئا من أسس الحياة السياسية والوظيفية ، إلى أعلى المسؤوليات السياسية في نظام الحكم .
لم يستكن غالبية الكرد السوريين إزاء هذه الجريمة النكراء والظلم الذي جردهم من أهم حقوق الحياة الإنسانية ( الجنسية ) التي تلحق بها كافة الحقوق الإنسانية الأخرى ( العمل والتعليم والصحة والتملّك والإنتقال والهجرة والعودة وغير ذلك ) ، باستثناء بعض الكرد المأجورين الذين استخدمهم النظام المجرم أسوأ استخدام في علاقاته القذرة مع الدول الأخرى مثل ( تركيا والعراق في زمن صدام حسين ) تحت شعارات التحرر الوطني الكردي واليسارية وغير ذلك في العلن بينما كان العامل المؤثر في الخفاء هو العامل الطائفي ( الإنتماء للطائفة العلوية هو الذي كان يجمع بين هؤلاء الكرد المؤيدين لنظام الأسد والنظام نفسه ) .
قدّم غالبية الكرد تضحيات كبيرة في مواجهة نظام البعث المشؤوم وآل الأسد خلال فترة 50 عاما المنصرمة ، واستمر نشاط الحركة الكردية في سوريا في ظل نظام آل الأسد رغم حالة الضعف التي شابتها جراء القمع الشديد ، وبدأت بتظاهرة 21/3/1986 أمام القصر الجمهوري التي قمعت بوحشية واستشهد فيها الشاب (سليمان آدي الذي مثّل بالنسبة للأكراد المحروم من الجنسية ما مثّله محمد بو عزيزي التونسي للثورة التونسية على نظام بن علي بعد مرور 25 سنة) وجرح العشرات برصاص الحرس الجمهوري وأجهزة المخابرات ،وكذلك تظاهرة الأطفال الأكراد السلمية بتاريخ 25/6/2003 ، وجرت تظاهرة سلمية أخرى أمام البرلمان بتاريخ10 / 12 / 2003 بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان ، و تظاهرة أخرى أمام البرلمان المطالبة بحقوق الإنسان وبناء دولة القانون وإعادة الحقوق المغتصبة لأصحابها الشرعيين من أبناء الشعب عرباً وأكراداً المستبعد عن ممارسة حقوقه .
هكذا ، تأتي إنتفاضة الشعب الكردي الأخيرة في عدة مناطق على التوازي مع ثورة المكونات الأخرى من الشعب السوري نتيجة طبيعية لهذا الظلم المستشري خلال عقود طويلة ، على الرغم من شراء النظام بعض الأكراد رخيصي القيمة والكرامة وغائبي الوجدان والضمير مقابل بعض بعض الوعود الوهمية والمكاسب التافهة .
لذلك، تعمل القوى الكردية المتبصرة - في سوريا الثائرة - إلى دعوة الإخوة الكرد لعدم مقابلة إضطهاد النظام للشعب كله بإنحراف عن الوحدة الوطنية الديمقراطية السورية التي بناها العرب والأكراد معاً على امتداد تاريخ سوريا ، وتجنّب التحوّل إلى شعارات مستوردة مثل (كردستان سوريا) وترك محاسبة من أساء لهم للمستقبل حين يتم حساب كل من أجرم بحق الشعب السوري.
ومع استمرار هذه النشاطات في الوسط الكردي ، ما زال النظام القمعي المتغطرس يصمّ آذانه ويمعن في إعدام الرأي الآخر وفي حملات الإعتقال والقتل والتدمير الكيفي والكمي والتعذيب ونهب المال العام والخاص زاحفاً خلف أمريكا والغرب والشرق وايران الشيعية المجوسية علـّـهم يحموه من ثورة التغيير المستمرة،ومستجدياً عون إسرائيل في سبيل بقائه على الكرسي .
هل استفاد الأخوة الكرد من الدروس السابقة ، هذا يتضح في أفعالهم وسلوكياتهم في ظل الثورة السورية المستمرة ؟؟؟



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن