موسم هجرة الشباب الى مدينة غازي عنتاب - مواصفات وظائف ادارة ( اوحم ) : العلاقات الشخصية وعدم الاختصاص فقط

سفيان الحمامي
mhdkalhakim@yahoo.fr

2014 / 5 / 10

موسم هجرة الشباب الى مدينة غازي عنتاب
مواصفات وظائف ادارة ( اوحم ) : العلاقات الشخصية وعدم الاختصاص فقط
كان أحد الأسباب الرئيسة لقيام الثورة السورية على نظام حكم آل الأسد غياب العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص وإهانة الكرامة الإنسانية والحقوق المهدورة ، مما ولّد قناعة لدى جيل الشباب السوري الذي أطلق الثورة بأن مستقبله مسدود ولا حياة له ولأبنائه من بعده ، لأن فرص الوظائف والحياة كانت محصورة بأبناء الطائفة العلوية أولا وما تبقى للمرتزقة من مكونات الشعب الأخرى.
دفع ذلك الواقع المرير على امتداد أربعين عاما الشباب السوري الذي أطلق الثورة إلى البحث الدائم عن فرص العمل، وهذا حق له لا يقبل المناقشة ، أنّى وجد بصيص أمل في توافر تلك الفرص ، كونه يحتاجها لتؤمن له العيش والحياة ، وبقي هؤلاء الشباب يبحثون عن تلك الفرص في بلدهم التي نشؤوا وتربوا فيها وبأمل أن يسهموا في بنائها وحمايتها بأيديهم وسواعدهم .
لكن النظام المجرم حرم غالبية الشباب السوري من فرص عملهم وحياتهم ، ودفعهم مكرهين إلى الهجرة نحو البلدان المجاورة وأصقاع الدنيا البعيدة بحثا عن العمل والحياة ، ولحسن حظ هؤلاء الشباب فقد استقطبت دول الخليج العربي أعدادا هائلة منهم اسهاما في تأمين حياة كريمة لهم ولبناء أوطانها بأيدي تلك العناصر المؤهلة والكفؤءة .
مع بدء تشكيل إدارة ( اوحم / الائتلاف الوطني والحكومة المؤقتة ) ، وإحداث أجهزته الإدارية وفق رغبات من يديره ، تدافعت بفعل الحاجة الملحة للعمل وسبل الحياة أعداد كبيرة من الشباب السوري وبعض من أصحاب الكفاءات العالية للعمل فيها ، سواء لتأمين فرصة عمل وحياة كريمة من جهة أو للمشاركة في مسار الثورة السورية وإنجاحها من جهة ثانية .
لكن إدارة ( اوحم ) التي اختارت نفسها بنفسها وفق منطق توزيع قطع الكعكة على الحاضرين ، واتفق أعضاؤها فيما بينهم على توزيع الوظائف المستحدثة تبعا لأصحاب الحظوة في تلك الإدارة ، فقد تمّ فرض المحاصصة بين أعضاء تلك الإدارة بحيث يختار كل شخص من إدارة اوحم ( الإئتلاف وهيئاته ووزارات الحكومة المؤقتة وهيئاتها والوحدات التابعة لها ) من يريد من العناصر البشرية حسب مصالحة وعلاقاته الشخصية والزبائنية وتوجهاته الذاتية !!!
لذلك ، تمّ توظيف جميع من يعمل في إدارة الائتلاف والحكومة المؤقتة بلا استثناء دون الأخذ بمعايير التوصيف الوظيفي ووصف الوظائف المعتمدة في كافة دول ومؤسسات وإدارات العالم المتقدم والنامي ، وحتى المتخلف ولو شكليا .
لقد كانت آليات الاختيار والتوظيف تتمّ استنادا إلى العلاقة الشخصية والمعرفة والقرابة بالمسؤول الإداري ،أو عبر عناصر مكتبه أو مرافقيه الذين لعبوا أدوار المفتاح الوظيفي للدخول إلى وظائف من يمثّل الثورة السورية .
و تمّ توظيف ذلك الجهاز الإداري الضخم جدا قياسا للحاجة دون أي اعتبار للاختصاص أو المؤهل العلمي أو الكفاءة الشخصية أو الخبرة أو التدريب أو المهنية أو أخلاقيات العمل كما في دول العالم
وتمت أعمال التوظيف فقط تبعا للعلاقات الشخصية والرشاوى التي تقدم للمرافقين وموظفي مكاتب المسؤولين الإداريين كما يحصل في أجهزة النظام المجرم تماما ، وبالطبع يتم الدفع بالدولار لهؤلاء (بينما كان والحمد لله يتم الدفع بالليرة السورية للفاسدين في أجهزة النظام) ، والمبرّر إن الرواتب ستدفع بالدولار في إدارة اوحم،وفق أسس المعادلة المعلوماتية(المدخلات = المخرجات).
يؤكد ذلك السجلات الخفية التي لم تعلن مطلقا والتي بحوزة مسؤولي أجهزة (اوحم) ، التي لا تتضمن أي أسس علمية أو اجراءات إدارية للتوظيف، سواء للشخص المتقدم للعمل أو الوظائف الشاغرة من أعلى هرم أجهزة (اوحم) إلى أدنى وظيفة فيها .
إن غياب معايير التوظيف يريح كثيرا إدارة (اوحم) لأن ذلك يستبعد كافة أصحاب الكفاءة الحقيقية الذين إن دخلوا العالم السري لتلك الإدارة سيكتشفون الخلل والأخطاء والفساد والعلاقات الوظيفية التخريبية والخطايا والسرقات وغير ذلك ، لذلك يجب استبعادهم وتحقّق ذلك ؟؟؟
وبالمقابل ، إن توظيف غير المختصين أو غير الأكفاء سيلزم هؤلاء الصمت المطبق مقابل الوظائف التي حصلوا عليها دون استحقاق وعلى حساب أصحاب الكفاءة الفعلية وكذلك على حساب نجاح الثورة السورية،مع ضرورة الحرص على إيجاد وظائف لكل السوريين لكن وفق الأسس الصحيحة.
لتعزيز كافة أشكال الفساد وممارساته ، تمنح إدارة (اوحم )هؤلاء الموظفين غير المختصين أجورا تعادل( 25 )ضعف أجور أي موظف في سوريا ، فهل يتوقع أحد أن ينطق هؤلاء الذين نالوا تلك الفرص الوظيفية غير المستحقة بكلمة واحدة ولو شاهدوا الفظائع الإدارية ؟؟؟
نذكر هنا ، واقعة حدثت في إحدى المؤسسات العلمية الكبرى في سوريا ، عندما تولّى شخص من خلفية عسكرية فاسدة إدارتها بدلا عن شخصية مرموقة على طريقة ممارسات العمل القيادي في النظام المجرم ، حينذاك طلب ذلك المدير العسكري الفاسد بعد شهر من مباشرته عمله وبعد لقاءاته مع قيادات تلك المؤسسة وكذلك مع كتبة التقارير الموجودين فيها كما بالمؤسسات السورية الأسدية ، طلب أن يتم تصنيف قيادات المؤسسة في ثلاث فئات وهي : الفئة الأولى وتضم أصحاب الكفاءات والنزيهين ، والفئة الثانية وتضم أصحاب الكفاءات وغير النزيهين ، والفئة الثالثة تضم الأشخاص الذين كفاءاتهم ضعيفة وغير نزيهين .
خلال ستة اشهر ، قام ذلك المدير المخرب الفاسد بإبعاد الفئة الأولى تماما تهجيرا أو نقلا أوتهميشا ، وتفاوض عبر اتباعه بالمؤسسة مع أفراد الفئة الثانية لتولي بعض المواقع القيادية شريطة القبول بأداء كل الأعمال الفاسدة وغير النزيهة ، أما الفئة الثالثة فقد كانت المحظوظة إذ تولّى أفرادها كافة الأعمال والمواقع القيادية من القمة إلى الأسفل ، الأمر الذي دفع تلك المؤسسة إلى الإنهيار السريع خلال عدة أشهر، ( ما حدا أحسن من حدا ) .
لقد استفادت إدارة (اوحم )من تلك التجربة ومثيلاتها، كي تحرق الزمن وتختصر المدد ، وكرّرت تجربة ذلك المدير الفاسد المخرب بأمانة كبيرة ، ولجأت فورا إلى اختيار الفئة الثالثة وفق تصنيفاته الفريدة من بداية عملها ( لا كفاءة ، لا نزاهة ) . بالتأكيد حققت إدارة (اوحم )خلال أيام ما حققته إدارة ذلك المدير المخرب الفاسد خلال سنوات ( إنها الشطارة والتميّز في الإدارة ) !!!
بالعودة إلى موسم الهجرة إلى الشمال ، لقد كان الشباب السوري يتجه جنوبا إلى دول الخليج العربي بحثا عن عمل يؤمن سبل العيش والحياة،وبجهد كبير مقابل مبلغ لا يتجاوز 2000 دولار في أحسن الأحوال للمتميزين،لكن أدارة اوحم أكرم من دول الخليج (الفقيرة) قياسا إلى ثروة اوحم (ولو وين الكرم والشهامة)،ودفعت هؤلاء الشباب إلى الهجرة شمالا ( إنه موسم الهجرة نحو الشمال ، نحو غازي عنتاب / تركيا، مستعيرين رواية الأديب الكبير الراحل الطيب صالح).
لكن لا فرصة لهؤلاء المتميزين في الكفاءة والنزاهة ولا وظيفة لهم ولا دخل لعيش أسرهم ، بل إن الوظائف محصورة للأتباع والأزلام والإنتهازيين ومن غير أصحاب الكفاءة برواتب لا تقل عن 2000 دولار للموظف الصغير و5000 دولار للموظف المتوسط وأكثر من 10000 دولار للموظف الذي يسمّي نفسه كبيرا . وقد لا يكون مطلوبا الجهد والعمل بل يكفي الوفاء والصمت والسكوت عما يجري في كواليس وسراديب تلك الإدارة .
يا إدارة ( اوحم )،كان يتوقع الشعب السوري الثائر أن تبدؤا وظائفكم بزرع غرسات صالحة في بناء الثورة وإذ بكم تزرعون الأشواك والفساد والتخريب كما فعل النظام طيلة سنوات حكمه لأن فاقد الشيء لا يعطيه. إنه بؤس الإدارة .
هذا الواقع البائس الذي تمارسه إدارة( اوحم) يجعلها معاول تدمير بناء الثورة السورية وتفكيك بناها، وتخريب قيمها وأخلاقياتها التي حرص الشباب الثائر على نشرها وتعزيزها.
لقد كانت ثورة شعبية نبيلة ،أما الآن - مع هؤلاء الذين يديرونها - فقد أفسدوا مسيرتها وشوّهوا سمعتها وربما سيقضون في المستقبل القريب على تطلعاتها وآمالها !!!!
سفيان الحمامي



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن